(قصتي-نادال) إصابة تهدد مسيرة البطل الصاعد (10)

24 أكتوبر 2015
+ الخط -

يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كُتب حول أسرار عالم الرياضة ونجومها، وندخل معاً إلى الكتاب الخاص بنجم التنس الإسباني، رفائيل نادال.

كان 2006 يبدو مبشراً، ولكن بعد بطولة مدريد 2005 ساءت الأمور، تعرضت لإصابة في عظمة القدم اليسرى للمرة الثانية، بعد أن حدث أمر مشابه قبل عام، ومنعتني حينها من خوض كل البطولات التي تقام على الأراضي الترابية، ولكن هذه المرة كان الوضع أخطر.

بدأت أشعر بالألم في أكتوبر 2005، ولكنني تجاهلته فأنا معتاد على المنافسة، وأنا أعاني من مشكلات بدنية، لكنني استيقظت، ذات يوم، ووجدتها متورمة أكثر من اليوم السابق، ولم أستطع الارتكاز عليها بصورة طبيعية، لأتوجه مباشرة لطبيبي أنخل كوتورو، الذي لم يجد شيئاً خطيراً وأشار إلى أن الآلام قد تتوقف إذا خلدت للراحة.

بعد أيام لم أعد أعاني من مشاكل في السير، وذهبت إلى شنغهاي للمشاركة في البطولة الختامية، ولكن ما أن بدأت التدرب عاودني الألم بقوة دفعتني للانسحاب، وعدت إلى مايوركا وخلدت للراحة أسبوعين، وباستئناف التدريبات شعرت بالألم مجدداً، وأدركت أنني لن أتمكن من الاستمرار.

إصابة مجهولة!
لم يتمكن الطبيب من تشخيص حالتي ونصحني بالراحة، وهو ما فعلته أسبوعين آخرين، ولكنني بدأت أشعر بالقلق لأنه جرب كل شيء، ولكنه لم يحدد طبيعة المشكلة. ذهبنا إلى متخصص في القدم تعرف عليه عمي ميجل أنخل عندما كان لاعباً في برشلونة، ولكنه لم يتمكن من تشخيصها بعد الفحوصات التي خضعت لها.

كان أملنا الوحيد متخصص في مدريد، ذهبنا إليه، منتصف ديسمبر/كانون أول، في ظل شعور متزايد بالقلق. حدد الطبيب المشكلة، وكان التشخيص كفيلاً أن يزج بي في أعمق وأحلك هوة في حياتي، فالآلام ناجمة عن عيب خلقي نادر للغاية، خصوصاً بين الرجال، حيث إن العظمة التي تقع خلف أصابع القدم في مشط القدم، لم تتخذ هيئتها النهائية خلال الطفولة فإنها تسبب آلاما شديدة في الكبر، فهي تنمو أكثر من اللازم.

اعتزال مبكر
وأخبرنا الطبيب أنني قد لا أتمكن من لعب التنس من جديد، كان اعتزالي، وأنا في التاسعة عشر من عمري، احتمالاً قائماً. انهارت معنوياتي وشرعت في البكاء، بكينا كلنا، ولكن والدي كان أول من استعاد رباطة جأشه وحاول السيطرة على الموقف وقال شيئين: أولهما أنه على ثقة من أننا سنجد حلاً، فالطبيب لم يجزم بشيء، وإنما أخبرنا أن الاحتمالية قائمة بأن تهدد الإصابة مسيرتي، والأمر الآخر أن بإمكاني لعب الغولف، شغفي الأخير والمتزايد".

كان الحل الجراحي محفوفاً بالمخاطر، فاقترح الطبيب أن أجري تعديلات على الحذاء الذي ألعب به التنس، لكنه حذر من أن التغيير الطفيف في توزيع وزني على القدم الناجم عن تعديل الحذاء قد يتسبب في ألم في مناطق أخرى في الجسد، مثل ركبتي أو ظهري، ليتحمس والدي وعقد اجتماع عمل مع متخصص القدم الذي زرناه في برشلونة واقترحنا عليه العمل معي أنا والطبيب كوتورو للقيام بهذه التغييرات المقترحة.

لم أعد الشخص نفسه، ولم أستطع حتى مصارحة رفيقتي العاطفية وقتها، ماريا فرانثيسكا، التي كانت تشعر بقلق متزايد إزاء التغيير الذي طرأ علي، كنت أمضي الساعات متكئاً على الأريكة بنظرة تائهة أو جالساً في الحمام أو على السلالم وأنا أبكي. من الجيد وجود والديْ في حياتي فرد فعلهما كان صحيحاً، لم يحاولا انتشالي من هذا الوضع بالقوة، كانا يصطحبانني إلى كل مكان دون شكوى.

دفعني توني للتدرب، فكنت أنزل أرضية الملعب بعكازات وأجلس على كرسي وأضرب الكرات التي يلعبها بالقرب مني، كانت حيلة نفسية أكثر من أي شيء آخر، للتخفيف من حزني، كما مارست السباحة، التي كانت الرياضة الوحيدة في ذلك الوقت التي كان بإمكاني مزاولتها، كما أن الألم أصبح أقل بسبب الراحة.

وبعد اختبارات كثيرة، أجرينا التعديلات التي تحتاجها قدمي. لم يكن الحل المثالي للهيكل العظمي، ولكنه خفف من مشكلة القدم، فقد بات وزن جسدي يقع بشكل أكبر على باقي عظام القدم للتخفيف من الحمل الذي تعاني منه تلك المصابة. نايك صممت حذائي وكان أوسع من سابقه.

العودة للملاعب
في البداية واجهت صعوبة في التأقلم على الحذاء الجديد، وبدأت أشعر بالآلام تنتابني للمرة الأولى في ظهري، زادت الصعوبات مع بداية التدريبات، وهو ما تطلب مزيداً من التعديلات على الحذاء، كانت بسيطة هذه المرة، ولكنها كانت حاسمة، على الرغم من أنه ليس حلاً نهائياً، لكنه كان يُبقي الوضع تحت السيطرة.

عدت للتدرب بشكل جدي في فبراير، وفي ذلك الشهر خضت البطولة الأولى في مارسيليا بعد توقف استمر أربعة أشهر، نزول أرضية الملعب وسماع اسمي عبر مكبرات الأصوات وبدأ الإحماء من جديد، لم أكن أجرؤ على أن أحلم بهذا مجدداً، شعرت بسعادة غامرة بنزولي الملعب كما لو كنت قد فزت، استعدت الحياة التي كنت أعتقد أنني خسرتها.

المساهمون