قروض تمويل الشباب.. ومخاطر السداد

26 مايو 2016
(في الخرطوم، الصورة: أ. ف. ب)
+ الخط -

يقع الكثير من الشباب السودانيين في نير قروض التمويل الأصغر التي ترمي إلى مساعدتهم في إنشاء مشروعات صغيرة أو سداد الرسوم الدراسية، وبلغت قيمة ميزانية التمويل الأصغر في العام 2015 ملياري جنيه سوداني، لكن حظيت تجارب قروض التمويل الأصغر والمتناهي بنقد كثيف من المستفيدين الذين واجهتم مشكلات عند السداد، وارتفاع سعر الفائدة التي يضعها البنك على القرض.

يقول الموظف في وزارة العمل، محمد أحمد غلامابي، إن البنوك في السودان تعمل لصالح زيادة الأغنياء غنى والفقراء فقراً، موضحاً أنه خاض تجربة أخذ قرض من بنك المزارع التجاري على أقساط لمدة أربع سنوات، وكان القرض بهدف تحسين دخله، وقال إن البنك لم يتحدث عن المخاطر التي يمكن أن تواجه المقترض إذا تعرض المشروع لحريق أو سرقة أو حادث.

ويشير إلى أنه اشترى بأموال القرض عربة لتعمل في خطوط المواصلات، لكنها تعرّضت إلى حادث قُتل شخص فيه؛ بيد أن البنك لم يمهله وكان مطالباً بسداد الأقساط الشهرية، الأمر الذي دفعه إلى إنفاق جميع مدخرات الأسرة، ومع ذلك لم ينج من العجز في السداد لمدة أربعة شهور، بعدها قام البنك بتحريك بلاغ "شيك بدون رصيد" وتم حبسه بحراسات الشرطة لمدة ثلاثة أيام.

يتابع غلامابي بالقول إن شروط التمويل قاسية جداً، وهنالك تشديد في الإجراءات، تجعل المستدين وكأنه يعمل "سخرة" من أجل إرجاع أموال البنك، لذلك فإن غالب الشباب عزفوا عن البنوك خوفاً من شروطها.

الموظفة في مستشفى كوستي، مزاهر عبد الله، تستعرض تجربتها مع القروض، قائلة إنها نالت قرضاً من بنك الأسرة حتى تسدّد به رسوم أبنائها الدراسية، مشيرةً إلى أن مسؤولي البنك طالبوها بضمان، كان مرتبها؛ حيث حوّلت المرتب إلى بنك الأسرة وفتح حساب به، مضيفةً بأن القرض كان عشرة ملايين جنيه تُسدد على مدى ثمانية عشر شهراً.

توضّح عبد الله أن طريقة السداد مجحفة، فالبنك تابع لوزارة الرعاية الاجتماعية التي من المفترض أن تخفف المعاناة عن كاهل أي مواطن، وهو ما لا يحدث، مضيفةً بأن القرض "ربوي" لأنها أخذت القرض بقيم عشرة ملايين جنيه وقامت بسداد ثلاثة عشر مليوناً وسبعمائة ألف.

يقول الاقتصادي كمال كرار، في حديثٍ إلى "جيل العربي الجديد"، إن من نتائج السياسة الرأسمالية في الثلاثة عقود الأخيرة ما يسمى ببرامج التكييف الهيكلي وخروج الدولة من النشاط الاقتصادي، قد أفرزت نتائج وخيمة، خصوصاً على مستوى التوظيف وتكاليف المعيشة، فانتشرت البطالة التي تولد الاحتقان السياسي والغبن الاجتماعي.

يشير كرار إلى أن البنك الدولي طرح ما يسمى بمشروعات التمويل الأصغر والمتناهي الصغر من أجل امتصاص هذا الاحتقان، وحتى يتم استبدال الوظيفة بالمشروع الصغير، موضحاً أن لهذه المشاريع أهداف خفية وأخرى معلنة؛ منها توسيع دائرة العمل الخاص وتقليص العمل المنظم وإرهاق المُمَولين بالسداد وفوائد القروض الأمر الذي يجعلهم دوماً في حالة بحث من أجل الأموال.

يصف كرار هذا الأمر بأنه أسلوب "خبيث وفاشل" في إخراج الفقراء من دائرة الفقر، موضحاً أن التجربة في السودان قد بيَّنت أن معظم هذه الأموال تبددت وعدد الفقراء في ازدياد، وعدد الذين تضرروا من هذه المشروعات أكبر من عدد الذين استفادوا منها.

ويذهب المتحدث إلى صعوبة إمكانية سداد أصل القرض زائداً (30%) سعر فائدة، وبهذا لا يمكن لهذه المشروعات أن تدر فائض دخل لأصحابها، مشيراً إلى إشكالات أخرى متعلقة بهذه القروض تكمن في قصر فترة القروض وحصر النشاط في مشاريع محددة، وقال أن رأس المال الصغير لا يخلق عمل اقتصادي ناجح ومستديم، كذلك تطالب البنوك المقترضين بضمان وشروط تعسفية، مضيفاً أن النظرية الرأسمالية فشلت في أهداف إخراج الناس من دائرة الفقر.


(السودان)

دلالات
المساهمون