ستحاول تونس هذا العام أن تحيي مهرجاناتها الصيفية، رغم الأوضاع الأمنية الخطرة التي تُهدِّد العالم العربي، لكن مساحة الفرح بالنسبة للتونسيين ستكون الأقوى في مواجهة الإرهاب والشر، وبدا أن أسعار بطاقات هذا العام جيدة إذ تراوحت بين 15 و100 دينار تونسي.
بعد أيام قليلة، ينطلق مهرجان قرطاج الدولي، الذي تجاوز عمره نصف قرن. والواضح حتى الساعة، أن إدارة المهرجان وقعت هذا العام في إرباك ظاهر، لجهة اختيار بعض الفنانين العرب الذين سيقفون على المسرح الأثري. وبدا ظاهراً، أيضاً، أن انتقادات عديدة وجهت من قبل الصحافة التونسية بخصوص بعض المرشحين من المغنين، أو أولئك الذين تم الاتفاق معهم للغناء هذا العام مباشرة أمام جمهور قرطاج الكبير. فانتقد البعض دعوة الفنانة المغربية، سميرة سعيد إلى المهرجان في أيامه الأولى. إذ تقف صاحبة "قال جاني بعد يومين"، في 15 تموز/ يوليو، للغناء بعد الليلة الأولى 13 تموز/ يوليو وهي أمسية ستكون مع المجموعة الأوركسترالية للإذاعة الأوكرانية، والمجموعة الأوركسترالية لتونس، والمطرب لطفي بوشناق. مزج موسيقي يفضّله التونسيون دائماً، لما يحمله من قيمة في العزف الموسيقي الممزوج بين المغرب وأوكرانيا هذه المرة، وصوت المطرب التونسي المخضرم، لطفي بوشناق، ما قد يرضي جمهور الغناء والعزف الموسيقي في وقت واحد.
معارضة البعض، لا سيما الصحافة، لاستضافة، سميرة سعيد، في قرطاج هذا العام، تعود بالدرجة الأولى إلى إصداراتها الغنائية، خصوصاً في ألبومها الأخير "عايزة عيش"، الذي اعتبره البعض خارجاً عن الإطار الكلاسيكي الذي عرفت به سعيد في بداياتها. وزد على ذلك، تغليب، سميرة سعيد، التوزيع الموسيقي الإلكتروني في الألبوم، والمؤثرات الصوتية والتقنية، التي حاولت سعيد العبور من خلالها إلى جيل آخر من الشباب المولَع بهذا النوع. رؤية لم تتوافق مع رؤية الصحافة التونسية، فيما لوح البعض إلى أن تفاعل، سميرة سعيد في الغناء المباشر أمام الناس أصبح ضعيفاً في السنوات الأخيرة، لذلك وجب الاعتراض، كما هو حال الاعتراض على مواطنها، سعد لمجرد، الذي يقف على الركح أيضاً بتاريخ 30 تموز/ يوليو الحالي، لأسباب تقول إنه من المبكر على سعد لمجرد، الغناء في قرطاج، نظراً لرصيده الغنائي القليل، واعتماده على لون غنائي إيقاعي استعراضي.
في الوقت نفسه، يؤيد التونسيون حضور عدد من نجوم الغناء العرب، لا سيما هؤلاء الذين يتمتعون بنجاح كبير وحنكة وأداء غنائي هادف، ومنهم كاظم الساهر وملحم بركات ونجوى كرم. لكن، علمت "العربي الجديد" أن حفل الفنان، كاظم الساهر، في قرطاج، ألغي هذا العام لأسباب كثيرة، من المرجح أن تكون مادية بالدرجة الأولى، بعدما خُفِّضَت ميزانية المهرجان عن السنوات السابقة، ولن يظهر "القيصر" الذي كان متوقعاً حفله في 29 تموز/ يوليو الحالي، في وقت قيل إن المفاوضات لا زالت قائمة بين إدارة المهرجان والساهر حول مشاركته هذا العام.
وتقف اللبنانية نجوى كرم في قرطاج في الثالث والعشرين من تموز/ يوليو، في ليلة تعتبر لبنانية، تعني جمهور قرطاج من كافة الأطياف. فلنجوى كرم حضور وجمهور عريض في تونس، واستطاعت في السنوات الأخيرة السابقة أن تبقي على نجاحها هناك، بأغنيات يجدها الجمهور جيدة. فلا حساب لصاحبة "أنا ما فيّي" في تونس، نظراً لمتابعة طريقها الغنائي بلون لبناني متفرد فقط، دون الذهاب بعيداً، أو تغيير الوجهة التي ترضي جمهور تونس. ويلقّب التونسيون نجوى كرم بأنَّها ملكة المسرح، على الرغم من الاختلاف حول إصداراتها الغنائية في الفترة الأخيرة. وسيقف، أيضاً، المغني اللبناني، ملحم بركات، في الثاني من آب/ أغسطس على الركح التاريخي، متسلحاً بمجموعة من الأغنيات بلون الطرب الشعبي التي يألفها جمهور قرطاج، وتونس عموماً، إضافة إلى مجموعة من الأغنيات التي لحنها بركات لغيره من الفنانين.
أما لتونس نفسها، فالواضح أن إدارة المهرجان، شكلت هذا العام مجموعة من النشاطات المصاحبة للحفلات الغنائية الكبيرة من عروض مسرحية وموسيقية وغنائية، كما سهرة "المالوف والموشح"، في الخامس عشر من شهر أغسطس/ المقبل بأسعار مخفَّضة تلائم كافة الطبقات الاجتماعيّة، وسهرة ثانية ستحمل عنوان "صوت إفريقيا الحرة"، وعرض مسرحية لطفي العبدلي في 24 يوليو/ تموز، وعرض "من إشبيلية إلى تونس"، و"شيفا الأندلسي"، في الرابع والعشرين من تموز/ يوليو. كما سيتم عرض مسرحيتي "أحب البلاد" و"فلاقة"، في 25 تموز/يوليو. وسيتمُّ عرض مسرحيتي "حلم" و"أسرار” في 26 تموز/ يوليو.
وخصّصت لجنة المهرجان هذا العام، أمسية كبيرة للاحتفال بالذكرى الخمسين لولادة الفنانة ذكرى محمد، من الموسيقى والأداء في التاسع من آب/ أغسطس المقبل. وعُلم أن عدداً من الأصوات التونسية سيشارك في هذه الأمسية الكبيرة، احتفاء بميلاد ذكرى التي رحلت عام 2004 بجريمة قتلٍ وقعَت في القاهرة. ولم تُعرَف الأسباب التي دفعت القاتل إلى ارتكاب جريمة بحق واحدة من أفضل الأصوات في العالم العربي.
تُكمِل خارطة "نجوم" تونس حضورها في قرطاج هذا العام، فيُحيي صابر الرباعي حفلاً في الثالث عشر من آب/ أغسطس المقبل في المهرجان، وتختتم مواطنته يسرى محنوش المهرجان في العشرين من آب/ أغسطس المقبل بأمسية خاصة تمنحها مزيداً من الحضور في المهرجان، وذلك بعد نجاحها الكبير في برنامج "ذا فويس" العام 2013، وغنائها إلى جانب الفنان كاظم الساهر قبل سنوات في عمل غنائي مشترك.