قرصات السلطة

إلقاء القبض، يوم الأحد الماضي، على المخرج المصري خالد يوسف بتهمة حيازة مواد ممنوعة (دواء الزانكس الذي يمنع تداوله في مصر دون وصفة طبية) ليست حادثة معزولة، بل يمكن النظر إليها كحلقة من مسلسل طويل لأسهل ما يمكن أن تقوم به السلطة منذ أن تستوي في جلستها: تلفيق التهم من باب الترهيب.

حيازة مخدرات أو سحب فيديو من الأرشيف عن علاقة جنسية وحتى الادعاء بالانتماء إلى جماعة إرهابية، كلها تهمٌ لا تزال معلقة بعناية في سماء أكثر من بلد عربي مثل سيف ديموقريطس.

غير أن حادثة المخرج المصري لها دلالاتها الأبعد، فالرجل وظّف كفاءاته الإخراجية في سبيل نصرة الانقلاب الذي أفضى إلى ترتيب الأمور في مصر كما هي عليه الآن، ثم وصل هو إلى مقعد تحت قبة البرلمان، قبل أن تُفقأ شيئاً فشيئاً بالونات الوعود الكبيرة عن الحريات والتنمية وغيرها.

لقد عاش يوسف -بعد الثورة- مشهداً شبيهاً بمناخ أفلامه التي تصف الفساد ما قبل الثورة. لحظة وكأنها اقتطعت له من "هي فوضى" أو "حين ميسرة"، كي تكشف له أنه راهن على استمرار ما كان يدينه. وربما تقول له أيضاً مرحباً بك في مناطق السياسة الخطرة.

جرى الإفراج عن المخرج، فبدا الأمر مثل قرصة من قرصات السلطة كي ترسل رسالة مفادها بأن صفحة الالتزام بالوعود المقطوعة بعد أن تستقر الأمور ستطوى، وهي صفحة حين تقلب تتغيّر الوجوه تماماً أو في الأصل تسقط أقنعتها.