قرار يهدد ملايين التجار بالسعودية

06 يناير 2015
التسوق، أحد وسائل الترفيه والتنزه في السعودية (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

حذر رجال أعمال ومحللون اقتصاديون من تأثيرات سلبية على مبيعات المحال التجارية وأسواق التجزئة في السعودية، جراء قرار وزارة العمل المرتقب بإغلاق المحال التجارية عند الساعة التاسعة مساء يوميا، بدلا من الحادية عشرة والنصف مساء، إذ يستهدف القرار ثلاث ساعات ضمن أوقات ذروة المبيعات في المملكة.

وقال مصدر في وزارة العمل لـ"العربي الجديد"، إن القرار سيدخل حيز التنفيذ منتصف العام الجاري، في وقت أكد فيه وزير العمل، المهندس عادل فقيه، أن مشروع تنظيم أوقات العمل للمحلات التجارية في مراحله النهائية لدى هيئة الخبراء في مجلس الوزراء، تمهيداً لإقراره بعد أن تم اعتماده.

وكانت الوزارة قد رفعت قبل عام تقريبا توصية للجهات العليا لتنظيم أوقات عمل محلات التجزئة

ومنافذ البيع، بعد أن انتهت اللجنة العليا المشكَّلة من عدة جهات حكومية من صياغة التنظيم الذي يتضمن العديد من المواد، والاستثناءات المحددة.

واعتبر رجال الأعمال القرار مضرا لهم، مطالبين بتقسيم الأنشطة التجارية إلى مجموعتين، بحيث تغلق مجموعة عند الساعة التاسعة مساء، والمجموعة الثانية عند العاشرة مساء.

ووفقاً للقرار الجديد، فإن التنظيم المرتقب سيلزم جميع المحال ومنافذ البيع في جميع مناطق السعودية، بأوقات عمل تسمح لها بالبيع فقط، خلال الفترة من الساعة السادسة صباحاً إلى التاسعة مساء، ويستثني القرار المحلات التجارية في المنطقة المركزية في مكة المكرمة والمدينة المنورة.

 كما يشترط القرار أن تحدد أوقات العمل في شهر رمضان المبارك، وفقاً لما يحدده المجلس البلدي في كل منطقة، على ألا يتعدى الثانية فجراً، والمطاعم حتى وقت الإمساك.

وقال ناصر البرغوتي، المدير التنفيذي لأحد أكبر محلات بيع الحلويات في السعودية، إن القرار في حال تطبيقه سيتسبب لهم ولغيرهم في الكثير من الخسائر؛ لأنه يقلص فترة الذروة لهم.

وأضاف لمراسل "العربي الجديد": "إذا كانت المحلات ستقفل عند الساعة 9 مساء، فهذا يعني أن أكثر من 60% من مبيعاتنا سوف تتأثر؛ لأن وقت الذروة لنا يبدأ من بعد صلاة العشاء عند الساعة الثامنة مساء تقريبا".

وتابع: "معظم دخلنا يأتي من البيع بعد صلاة العشاء. المبيعات في فترة الصباح قليلة جدا ولا تُذكر، العمل الفعلي يبدأ من بعد صلاة العصر عند الساعة الرابعة مساء. فعندما يكون الإغلاق عند الساعة التاسعة، وتكون هناك فترات توقف قرابة الساعتين لصلاة العصر والمغرب والعشاء، فهذا يعني أن فترة العمل الفعلية ستكون ثلاث ساعات فقط، وهي قليلة جدا ولا تكفي لتحقيق الدخل الكافي للربح".

مناخ غير مُهيأ

يقول الخبير الاقتصادي، فهد المعجل، إن طبيعة المجتمع السعودي وطبيعة الأجواء شديدة الحرارة صيفا، لا تساعد على تطبيق القرار، وستكون له تأثرات سلبية عكسية كبيرة على الاقتصاد السعودي.

وأضاف لـ"العربي الجديد": "طبيعة الأجواء في السعودية لا تسمح بالتسوق في فترة الظهيرة، ناهيك عن أنها فترة عمل رسمي، في الصيف تكون الأجواء حارة ورطبة بشكل كبير جدا تجعل من الصعب الخروج للتسوق فيه".

ويرى المعجل أن هناك الكثير من الأفكار يمكن لوزارة العمل القيام بها غير هذا الأمر، مشيرا

إلى أن فترات الصلاة تستغرق الكثير من الوقت، خاصة في فترة المساء التي تبدأ من الرابعة عصرا وحتى التاسعة مساء التي تسعى الوزارة إلى حصر فتح المحال التجارية فيها، هذا الأمر سيؤثر كثيرا على المبيعات بشكل كبير يصل إلى أكثر من 50% من قيمة المبيعات".

600 ألف متسوق في الرياض

ويرى رئيس مجلس الأمناء في مركز الرياض لتنمية الأعمال الصغيرة والمتوسطة، منصور الشثري، أنه سيكون من الصعب تطبيق مثل هذا القرار؛ لرفض غالبية المواطنين له، على الرغم من أن له كثيرا من الإيجابيات أيضا.

وقال لـ"العربي الجديد": "مشكلتنا تكمن في المواطن الذي لم يوافق على هذا النظام. أكثر من 56% من المواطنين كانوا ضده. لا أحد يريد وضع قيود على أوقات تسوقه".

ويرى الشثري، وهو عضو الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، أن مثل هذا القرار ربما يوفر أكثر من 700 ألف وظيفية في التجزئة يعمل عليها أجانب.

ومن جانبه يتفق المحلل الاقتصادي وخبير التسوق، رضا الزهير، مع الآراء التي تتخوف من تضرر المبيعات جراء تطبيق القرار، ويقول لـ"العربي الجديد" :"معظم أيام العام الجو حار جداً، ولا يمكن أن يتسوق أحد في النهار، كما أن أغلب المحلات مغلقة وقت الصلاة، ما يعني وجود فترة قصيرة فقط تسمح بالتسوق للمواطن".

وتابع: "للأسف لا توجد بدائل للترفيه العائلي في معظم مدن السعودية، خاصة الرياض، سوى المجمعات التجارية، فالعائلة تقضي معظم وقتها في الأسواق".

ويعتبر الزهير الفكرة ترفيهية أكثر منها تسوقا، ويضيف بتفصيل أكبر: "عدد الناس الذين يدخلون

الأسواق في مدينة الرياض يتراوح بين 400 و600 ألف شخص بشكل يومي، وهناك مركز تجاري يدخله مليون شخص شهرياً، بمعدل 35 ألفا يومياً، وتكون الذروة عادة من بعد صلاة العشاء.

معارضة مجتمعية

يلاقي القرار معارضة كبيرة من السعوديين، خاصة من موظفي القطاع الخاص، الذين ينتهي عملهم عند الساعة الخامسة مساء، معتبرين أن الوقت المتبقي لا يكفي للراحة والتسوق معا، مما يهدد استقرارهم العائلي.

وسجلت مواقع التواصل الاجتماعي معارضة كبيرة من مواطني السعودية لهذا القرار، خاصة بين الفتيات؛ كون التسوق من الهوايات الأساسية لهن.

ومن المنتظر أن يشمل الإغلاق المبكر كافة المحلات التجارية بمسمياتها المختلفة والمنتشرة في الشوارع والطرق، وكذلك المحلات المتواجدة في الأسواق والمجمعات المغلقة بمختلف أحجامها. ولكن لن يشمل القرار المطاعم والصيدليات ومحال المواد الغذائية التي تمتلك رخصة البيع لمدة 24 ساعة، أو محطات البنزين.

المساهمون