يطرح قرار السيسي زيادة التعريفة الجمركية لنحو 600 مجموعة سلعية، العديد من الأسئلة المهمة التي قد لا يجد رجل الشارع العادي إجابة شافية عليها، أول هذه الأسئلة: هل القرار جاء لصالح المواطن الفقير، كما زعم بعضهم حينما راح يدافع عن القرار بحجة حماية الأسواق من السلع الرديئة، خاصة المستوردة من الصين؟
بالطبع لا، فالقرار ليس في صالح الفقراء البالغ عددهم أكثر من 40 مليون مواطن، لأنه سيؤدى حتماً إلى رفع الأسعار بنسب 40% على معظم السلع المستوردة التي تم زيادة التعريفة الجمركية عليها، كما سيؤدي إلى زيادة عمليات التهريب والإضرار بالاقتصاد ودعم الممارسات الاحتكارية من قبل كبار رجال الأعمال خاصة المرتبطين بالسلطة، والأخطر من ذلك ترك المستهلك نهباً للمصنّعين وكبار المستثمرين ليتلاعبوا بالأسعار كيفما يشاؤون ويطرحوا أردأ أنواع السلع في الأسواق، مع تصدير المنتج الجيد للخارج.
وثاني الأسئلة المطروحة: هل وفرت الحكومة بديلا للأسعار التي تقرر زيادة رسوم الجمارك عليها 40%، وهل قامت وزارة التموين مثلاً بدعم سلع محدودي الدخل والطبقة المتوسطة المتآكلة، وكيف ستتعامل الجهات المسؤولة بالدولة مع عمليات الاحتكار الناجمة عن تطبيق القرار، وإذا كانت غالبية المصريين تستخدم السلع المستوردة، ليس بسبب جودتها العالية، لكن لرخص أسعارها وتوافقها مع القدرة الشرائية، فماذا سيكون عليه الحال مع الزيادات الأخيرة؟ كيف يدير الملايين أمورهم المالية في ظل موجة تضخمية متوقعة؟
السؤال الثالث: هل صحيح أن السلع التي تقرر زيادة الرسوم الجمركية عليها يوم الأحد الماضي هي سلع "استفزازية" وكمالية ويمكن الاستغناء عنها من قبل الغالبية العظمى من المصريين؟
الإجابة لا، لأن معظم المصريين لا يمتلكون قططا وكلابا وحيوانات أليفة يستوردون لها أغذية من الخارج، ولا يستخدمون مستحضرات تجميل مستوردة، ولا يأكلون الكاجو والفستق وهم يتسامرون ليلاً، بل يشترون سلعا غذائية وحياتية كثيرة من تلك التي تم رفع الجمارك عليها لرخص أسعارها ليس إلا، خذ مثلا العديد من السلع الغذائية والثلاجات وقطع غيار السيارات والتكييفات، وأدوات المطبخ، والساعات، والأقلام وغيرها.
نأتي للسؤال الأهم وهو: إذا كان المواطن العادي أكبر المتضررين من قرار زيادة رسوم الجمارك، فمن المستفيد إذن من القرار الأخير؟
القرار لا يمثل مشكلة للمستوردين وهم رجال أعمال في الأصل، كما أكد رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية المصرية، حمدي النجار، والذي قال بالحرف الواحد "القرار لا يمثل مشكلة لنا، لأن الزيادة في التعريفة الجمركية سيتم تحميلها للمستهلك، والمستورد لن يتنازل عن هامش ربحه".
القرار يصبّ في صالح رجال الأعمال ويخدم المصنعين ويزيد الأعباء على المواطن، لأن تضييق الاستيراد يزيد الطلب على المنتج المحلى مرتفع السعر أصلا، وهو ما يعنى زيادة أرباح كبار المستثمرين، وفي المقابل يضعف القدرة الشرائية للمواطن ويزيد من الضغوط المعيشية والحياتية عليه.
وسأستشهد هنا بكلام رئيس شعبة المستوردين في الغرفة التجارية بالقاهرة، أحمد شيحة، الذي قال حرفيا إن "هناك توجهاً يقوده اتحاد الصناعات يستهدف الضغط على الحكومة لوقف الاستيراد لتحقيق مصالح شخصية، وإن قرارات زيادة الجمارك يصب في صالح المحتكرين الذين يريدون السيطرة على السوق المصرية بمفردهم ويخضع السوق لسيطرة مجموعة من المحتكرين".
نعم أتفهم اعتراض المستوردين على قرار زيادة التعريفة الجمركية، لأن القرار ضد مصالحهم الشخصية، حيث أنه قد يؤثر سلبا على حجم مبيعاتهم في الأسواق، لأن المستهلك سيبتعد عن السلع التي سيرتفع سعرها مع تطبيق القرار، لكن لا أتفهم تحميل المواطن مالا يطيق دون أن نوفر له سلعا بديلة أو رقابة قوية على الأسواق أو مكافحة للمحتكرين.
اقرأ أيضا: تقرير حقوقي: المواطن المصري يدفع فاتورة الفساد