قراءة ديبو لـ"خريف" حاجي: أين اليأس؟

20 أكتوبر 2014
مقطع من غلاف الكتاب
+ الخط -

 في مقاله المعنون "جولان حاجي: الخريف هنا ساحرٌ.. ويائس"، والذي نُشر في موقع وصحيفة "العربي الجديد" بتاريخ 3/10/2014؛ ذكر الكاتب محمد ديبو أن مجموعة الشاعر السوري التي صدرت عن دار "إل سيرينتي"، تحمل "جرعة هائلة من اليأس المطبق على العالم الداخلي للذات".

لكن خلافاً لما قاله ديبو فإن الكتاب يحمل، إن قرأناه بتأويل مختلف، جرعات من الأمل المشغول بالتأمل في أسئلة الهوية، وما الذي نريده، وما الذي فعلناه.

قصيدة "ثلج"، على سبيل المثال، تبدو حواراً مع العالم، مع كل العالم الذي احتال على الفرد. لا ينتهي الشاعر بالتسليم، بل بتأمل مفتوح على إمكانيات أخرى: "العالم متمهلاً يعود إليّ/ دون سرّ أو حقيقة/ تمطر وأنا أفكّر بالثلج".

ويمكن القول بأن قصيدته "صباح" تنتهي بنبوءة متفائلة: "لا تخف/ من بفصّ خاتمه يقرع الباب / ضيف سيحيي هذا البيت". و"فقاعة" هي قصة ما لا يُحكى، قصة الألم والوهم. كأن الشاعر يلوم من لم يفعل ما كان يجب فعله، يلوم نفسه. تقرأ وتدرك أنك أيضاً لم تفعل ما كان يجب فعله.

أما القصائد الطويلة، التي بحسب ديبو، "يطغى عليها سرد طويل وممل أحياناً"، فربما كانت أفضل قصائد الديوان. القصيدة الأولى التي يفتتح بها جولان مجموعته هي بحقّ، كما قال ديبو، "الذات التي تبحث عن معنى"، ولكن لا تهرب الذات من العالم الخارجي إلى العالم الداخلي.

يقودنا الشاعر في دروب غير مرئية إلى مساءلة أنفسنا عمّا فعلناه، وعمّا سنفعله. الخريف، هنا في المنفى، ساحر وكبير. ولكن الذات لا تعيش المنفى بل تبقى معلّقة بين منزلتين، "ستدنو المرآة وتعلو / كعدوّين قديمين / ستحدّق عيناك في عينيك". في القصيدة نرى الذات في مواجهة الخارج والداخل معاً، في مواجهة المنفى، في مواجهة ما فعلته.

أما بالنسبة "للكردي الجسور"، إحدى القصائد الطويلة أيضاً، فيبدو أن جولان يكتب عن صديق كردي يعرفه قُتل بحادث سيارة. تختلط قصة الصديق بقصة جولان، بقصة القارئ. من منّا لا يشعر بأنه ذلك الطريد، الغريب، الذي ليس هنا، ولكنه، في الوقت نفسه، يخشى العودة إلى مكان ليس له؟ أليست هذه قصتنا المشتركة اليوم؟

نرى إذن أن القصائد المشار إليها أعلاه، لا تحمل اليأس، بل تحمل التساؤل أولاً وأخيراً. على القارئ أن يستخلص يأسه الخاص أو أمله الخاص من هذا التساؤل. ليست الثورة، بما هي ثورة، الحدث المؤسس في القصائد، بل التساؤل عمّن نحن في الثورة، عمّن كنا، وماذا نريد: هذا التساؤل هو الحدث المؤسس لقصائد الثورة والمنفى.

تأتي هذه القصائد اليوم لتتوّج فهماً مختلفاً للثورة. أليست الثورة، في جوهرها، إجابة عن هذه الأسئلة؟

المساهمون