قتل المسلمين الثلاثة في أميركا.. بصمات عنصرية

14 فبراير 2015
احتجاج على تغطية بي بي سي لقتل المسلمين(Getty)
+ الخط -
اهتز الرأي العام في أميركا وفي العالم على وقع الجريمة العنصرية التي راح ضحيها ثلاثة من الشباب المسلم في ولاية كارولينا الشمالية، هم ضياء بركات، 23 عاماً، يدرس طب الأسنان، وهو من أصول سورية، وزوجته يُسر، 21 عاماً، وأختها رزان محمد أبو صالحة، 19 عاماً، من أصول فلسطينية، تحملان الجنسية الأردنية، وهم جميعاً من عرب أميركا، على يد أميركي أبيض اسمه كريغ هكس (46 عاماً)، يسكن قبالة الضحايا الثلاثة، عمل كبائع لقطع السيارات وكان يدرس في كلية قريبة ليصبح مساعد محامي.
وتميط جريمة كارولينا الشمالية اللثام عن ملامح عنصرية مستشرية في المجتمع الأميركي، تخرج اليوم من مجرد العنف اللفظي والإقصاء الاجتماعي إلى دائرة القتل بالرصاص مع سبق الإصرار والترصّد، فقد دلّت الطلقات العشر على تصميم كبير من قبل القاتل على تنفيذ جريمته، وعلى تخطيطه لها.
وهذا الأمر يفنّد تماماً التصريحات التي أدلت بها زوجته، والتي قالت بأن السبب في هذه الجريمة يعود إلى خلاف بينهم وبين جيرانهم المسلمين حول مواقف السيارات ولا علاقة له بالمعتقدات الدينية للضحايا.
غير أن شهادات أولياء وأقارب الضحايا أكدت على أن دوافع هذه الجريمة عنصرية مقيتة، لا تحتاج إلى كبير جهد للكشف عنها من خلال وقائع سابقة.
وفي مقال على موقع مجلة "ليكسبريس" الفرنسية، بعنوان "ثلاثة طلبة مسلمين يقتلون على يد ملحد في أميركا"، إشارة ضمنية إلى خيط من خيوط الجريمة بالتركيز على الخلفية الدينية للضحايا والقاتل، ما يوحي بأن العنصرية الدينية قد تكون سبباً مباشراً في ارتكاب مثل هذه الجريمة النكراء، وليس مجرد خلاف بسيط بين الجيران حول موقف للسيارات. وأوردت الصحيفة الفرنسية أن الشرطة لم تستبعد أن تكون الجريمة عنصرية، لكن مسار التحقيقات الأولية يذهب في اتجاه التركيز على أن الجريمة كانت "بدافع مشكلة بين جيران حول أماكن لوقوف السيارات".
غير أن تصريحات لوالد الفتاتين الضحيتين، حسب الصحيفة الفرنسية، تذهب في اتجاه تثبيت كون الجريمة هي نتيجة فعل الكراهية المدان، وجرت بعد سلوكات عنفية سابقة عندما تهجّم القاتل على إحدى الفتاتين، لكونها ترتدي الحجاب، وأشهر مسدساً في وجهها كان يخفيه تحت معطفه.
وقال والد الفتيات بأن الجريمة عنصرية، وهي جريمة كراهية. وأردف محمد أبو صالحة للصحافة المحلية أن كريغ ستيفن هيكس، الجار المقابل لهم، تهجّم عدة مرات على ابنته. وأضاف بأنه لم يتخيّل أن يؤول الأمر إلى ما آل إليه من نهاية مأساوية.
إلى ذلك، وفي فيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي، أكدت متحدثة باسم الجالية المسلمة في كارولينا الشمالية على ضرورة أن يأخذ التحقيق مجراه الطبيعي في هذه الجريمة، وطالبت السلطات الأمنية الأميركية بالكشف عن خيوط مقتل الطلاب المسلمين الثلاثة.
ودعت المتحدثة إلى احترام الحياة الخاصة للمسلمين في أميركا وفي ولاية كارولينا، خلال هذه الفترة العصيبة التي يمرون بها.
وفي موقف غير مفهوم، قدمت زوجة القاتل التعازي لعائلة الضحايا المسلمين، وقالت بأنها لا تزال مثل الجميع تحت وقع الصدمة من أن كون مثل هذا الحدث المؤلم قد حصل. واعترفت بأنها ليست في موقع يتيح لها تفسير دوافع الجريمة، لكنها أردفت بأن ما وقع لا علاقة له بالدين ولا بمعتقدات الضحايا. وأعادت الأمر إلى خلاف بين زوجها وبين جيرانها الضحايا حول موقف للسيارات.
يظهر كريغ ستيفن هيكس على صفحته في الفيسبوك كشخص له قناعة مناهضة للدين، وهذا واضح من خلال التعابير والأقوال التي تحفل بها صفحته.
وبجانب بعض الصور، له بضعة أشرطة فيديو يتحدث فيها عن تصوراته، ويخص الممارسات الدينية بشكل خاص بنقد كبير يصل إلى درجة التهجّم على ممارسيها.
وله أيضاً منشورات معادية للدين ويهاجم بصورة عشوائية المسلمين والمسيحيين واليهود أو المورمون، ما يدل على أن الشروع في القتل لم يكن مسألة موجة غضب عابر بل فعل جرى التصميم على تنفيذه انطلاقاً من قناعات لدى القاتل، قام بترجمتها بدم بارد وسلّم نفسه للشرطة بدون مقاومة.
في الصورة قبل الأخيرة، التي نشرت في 20 يناير/كانون الثاني، يظهر هيكس مسدسا من عيار 38. وكتب تحت الصورة عنوان "أنا"، وقال في تعليق، المسدس محشو بالرصاص، وتوجد خمس أخرى كاحتياطي.
وهذا يدل على الهوس الحاد عند هيكس بالسلاح، وبحاسة القتل المتيقظة لديه، والتي حولته إلى رجل أهوج، يقدم نفسه على أنه جاهز دائما للقتل في أي لحظة، مع احتياطي "مريح" من الرصاص.


المساهمون