في صحة ممدوح

19 ديسمبر 2014
+ الخط -

عزيزي زياد، لعلك تعرف أنني من جيل وبلد يكنّان محبّة وتقديراً خاصاً لوالدك ممدوح عدوان. هذا الذي تسميه أنت ممدوح، وتحلّ اليوم ذكرى عشر سنوات على رحلته الأخيرة، تلك التي لا يستطيع أحد أن يؤكد أنها كانت الأخيرة.

على سيرة الأسماء ورفع الكلف، فلدينا زميل رهيب يرفع الكلفة حتى مع أعلام الماضي؛ تسمعه يتحدث عن رياض فتظن أن الأخير كان أحد زملائه في الجامعة، لتكتشف أن المذكور ليس سوى السنباطي، ملحّن أم كلثوم. ومؤخراً بات لهذا الزميل اهتمامات فلسفية، فسمعته يتحدث عن صديقه فريدريك، لأفهم في النهاية أنه اقتنى كتاباً لنيتشه.

دعنا إذاً نتحدث - على طريقته - عن ممدوح. لا أخفيك أنني معجب به، والإعجاب، كما تعرف، يتضمن بعض الشعور بالنقص. لا أظن أن حياته كانت سهلة في أي مرحلة؛ ولكن هذا لم يوقفه عن الإنتاج. تلك كانت أمثولته. أمثولته الأخرى كانت الانهماك والكتابة في أكثر من حقل بالكثافة والزخم ذاتهما.

فلنتأمل 85 كتاباً أصدرها بين 1964 و2004 إلى جانب تأسيس عائلة والالتزام بمجتمع وأمّة، وبالكتابة قبل وبعد كل شيء. التزامٌ لم يعد يستطيعه كثيرون من جيلنا الآن. ناهيك عن تحمله أعباء المواطنة في ظل الاستبداد، ووعيه أن لا مواطنة عربية بدون فلسطين وتحررها. كان ذلك، كما أظن، أمراً عفوياً وطبيعياً مثل شرب كأس عرق. طبيعياً إلى درجة أننا جميعاً انتهينا لاجئين. في صحتك يا صديقي، وفي صحة ممدوح.

المساهمون