15 نوفمبر 2024
في خندق الأسد
هل كان مفاجئاً ما أعلنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن دعمه الجيش السوري النظامي، بمعنى تأييده رئيس النظام بشار الأسد في حربه على شعبه؟ كان منطق الأمور سيؤدي بالضرورة إلى الإجابة بـ "لا"، فما قاله السيسي لقناة التلفزيون البرتغالي ليس بعيداً عن سياق تصرفات السياسة المصرية تجاه الوضع السوري. ربما الجديد في الأمر هو الإعلان صراحة، وللمرة الأولى، على لسان أرفع مسؤول في النظام المصري، أن موقف القاهرة من الأوضاع في سورية هو الوقوف إلى جانب نظامها.
هل كان من المفترض أن يكون موقف السيسي غير ذلك؟ وهل هناك من توقع أن يحمل قائد الانقلاب العسكري في مصر، وأحد رموز الثورات المضادة، موقفاً مناهضاً لحكم عسكري مماثل له، وينفذ تماماً ما نفذه هو، ولكن بأسلوب مختلف؟ هل هناك من يتذكّر موقفاً رسمياً مصرياً واحداً يعلن فيه النظام في القاهرة إدانته المجازر التي تحصل في سورية، ويرتكبها النظام وحلفاؤه؟
معطيات مثل هذه ليس من المفترض أن تؤدي إلى المفاجأة التي أحدثها تصريح السيسي، ولا سيما أنها جاءت في خضم شبه الأزمة التي تعيشها العلاقات المصرية السعودية، وهي العلاقة نفسها التي منعت النظام المصري، في السابق، من المجاهرة برأيه في الوضع السوري، على الرغم من أنه من المفترض أن يكون معلوماً لصناع القرار في العالم العربي.
فبغض النظر عن كل ما قيل ونشر حول التنسيق الأمني المصري السوري، ومشاركة جنود مصريين في المعارك السورية إلى جانب النظام، والذي قد يكون صحيحاً والأرجح ألا يكون، إلا أن أموراً أخرى كثيرة كانت ستقود، بالتحليل، إلى النتيجة نفسها، وهي أن بشار الأسد والسيسي يقفان في خندق واحد.
ربما الجزء الأول من التحليل يجب أن ينظر إلى الخلفية التي جاء منها السيسي، ومقارنتها مع الخاصة برئيس النظام السوري، فالاثنان عملياً يشكلان امتداداً للحكم العسكري الذي عاشت دول عربية كثيرة، وبعضها لا يزال، تحت نيره، وبالتالي، فإن مسار الدعم، والذي يمكن أن يقال إنه متبادل، يصب في خانة "الحفاظ على السلالة العسكرية الحاكمة". ويمكن أيضاً أن نضع دعم السيسي اللواء المتقاعد في ليبيا، خليفة حفتر، في سياق تمكين الحكم العسكري، وتأكيد أنه الأقوى والأقدر على البقاء في وجه الثورات التي طالبت بالحرية والعدالة والديمقراطية.
من هذه الثورات يمكن الدخول إلى الجزء الثاني من التحليل، فالاثنان يقفان على المسافة نفسها من الحركات الاحتجاجية التي شهدتها عدة دول، وهما تعاطيا معها وفق المنطق نفسه، بغض النظر عن الأدوات. فإذا كان الأسد لجأ إلى البراميل والمليشيات والغارات، فإن السيسي عهد إلى الجيش لفض الاعتصامات، وهو مستعد للذهاب أبعد من ذلك، في حال تطورت الأوضاع لاحقاً، وبالتعاون مع الشركاء أنفسهم.
هؤلاء الشركاء يمكن أن يكونوا الجزء الثالث من التحليل، والذي من الأفضل أن يركّز على حركة السيسي في الأيام الأولى من انقلابه، وقبل أن يصبح رئيساً للجمهورية، والزيارة التي قام بها إلى موسكو، والتقى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. زيارة من الواضح أنها جعلت مصر جزءاً من المحور الذي يشكله الرئيس الروسي في المنطقة، وهو محور بدأت تتكشف أطرافه وامتداداته شيئاً فشيئاً. وما التصويت في مجلس الأمن إلى جانب القرار الروسي إلا جزءاً من هذه الامتدادات. التقرّب من المحور لم يقف عند روسيا، بل انتقل أيضاً إلى إيران والعراق، ولا سيما بعد أزمة الوقود الأخيرة، والتي ربما كشفت عن مسارات ومفاوضات كانت تجري سابقاً تحت الطاولة، وحان الوقت لظهورها إلى العلن.
نقاط كان يجب أن تكون واضحةً، منذ البداية، للدول المؤيدة للثورة السورية، وأن تضع السيسي والأسد في خندق واحد، وعدم انتظار تصريح يكشف عملياً عما هو معلوم. لكن، بعد فوات الأوان.
هل كان من المفترض أن يكون موقف السيسي غير ذلك؟ وهل هناك من توقع أن يحمل قائد الانقلاب العسكري في مصر، وأحد رموز الثورات المضادة، موقفاً مناهضاً لحكم عسكري مماثل له، وينفذ تماماً ما نفذه هو، ولكن بأسلوب مختلف؟ هل هناك من يتذكّر موقفاً رسمياً مصرياً واحداً يعلن فيه النظام في القاهرة إدانته المجازر التي تحصل في سورية، ويرتكبها النظام وحلفاؤه؟
معطيات مثل هذه ليس من المفترض أن تؤدي إلى المفاجأة التي أحدثها تصريح السيسي، ولا سيما أنها جاءت في خضم شبه الأزمة التي تعيشها العلاقات المصرية السعودية، وهي العلاقة نفسها التي منعت النظام المصري، في السابق، من المجاهرة برأيه في الوضع السوري، على الرغم من أنه من المفترض أن يكون معلوماً لصناع القرار في العالم العربي.
فبغض النظر عن كل ما قيل ونشر حول التنسيق الأمني المصري السوري، ومشاركة جنود مصريين في المعارك السورية إلى جانب النظام، والذي قد يكون صحيحاً والأرجح ألا يكون، إلا أن أموراً أخرى كثيرة كانت ستقود، بالتحليل، إلى النتيجة نفسها، وهي أن بشار الأسد والسيسي يقفان في خندق واحد.
ربما الجزء الأول من التحليل يجب أن ينظر إلى الخلفية التي جاء منها السيسي، ومقارنتها مع الخاصة برئيس النظام السوري، فالاثنان عملياً يشكلان امتداداً للحكم العسكري الذي عاشت دول عربية كثيرة، وبعضها لا يزال، تحت نيره، وبالتالي، فإن مسار الدعم، والذي يمكن أن يقال إنه متبادل، يصب في خانة "الحفاظ على السلالة العسكرية الحاكمة". ويمكن أيضاً أن نضع دعم السيسي اللواء المتقاعد في ليبيا، خليفة حفتر، في سياق تمكين الحكم العسكري، وتأكيد أنه الأقوى والأقدر على البقاء في وجه الثورات التي طالبت بالحرية والعدالة والديمقراطية.
من هذه الثورات يمكن الدخول إلى الجزء الثاني من التحليل، فالاثنان يقفان على المسافة نفسها من الحركات الاحتجاجية التي شهدتها عدة دول، وهما تعاطيا معها وفق المنطق نفسه، بغض النظر عن الأدوات. فإذا كان الأسد لجأ إلى البراميل والمليشيات والغارات، فإن السيسي عهد إلى الجيش لفض الاعتصامات، وهو مستعد للذهاب أبعد من ذلك، في حال تطورت الأوضاع لاحقاً، وبالتعاون مع الشركاء أنفسهم.
هؤلاء الشركاء يمكن أن يكونوا الجزء الثالث من التحليل، والذي من الأفضل أن يركّز على حركة السيسي في الأيام الأولى من انقلابه، وقبل أن يصبح رئيساً للجمهورية، والزيارة التي قام بها إلى موسكو، والتقى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. زيارة من الواضح أنها جعلت مصر جزءاً من المحور الذي يشكله الرئيس الروسي في المنطقة، وهو محور بدأت تتكشف أطرافه وامتداداته شيئاً فشيئاً. وما التصويت في مجلس الأمن إلى جانب القرار الروسي إلا جزءاً من هذه الامتدادات. التقرّب من المحور لم يقف عند روسيا، بل انتقل أيضاً إلى إيران والعراق، ولا سيما بعد أزمة الوقود الأخيرة، والتي ربما كشفت عن مسارات ومفاوضات كانت تجري سابقاً تحت الطاولة، وحان الوقت لظهورها إلى العلن.
نقاط كان يجب أن تكون واضحةً، منذ البداية، للدول المؤيدة للثورة السورية، وأن تضع السيسي والأسد في خندق واحد، وعدم انتظار تصريح يكشف عملياً عما هو معلوم. لكن، بعد فوات الأوان.