في آسيا سر الحكاية

04 مايو 2015
الصين تشن حرباً ضد النفوذ الأميركي في آسيا (أرشيف/Getty)
+ الخط -

ينزاح التركيز الاستراتيجي الأميركي إلى الشرق، بمحرك المصالح الاقتصادية. ففي آسيا تدور، رحى المنافسة الصينية ــ الأميركية. وتلعب إيران، بوابة آسيا الغربية، لعبة مقاول الباطن، ضمن المشروع الأميركي، الذي ينتظر حصاد الملف النووي. لم يتبق من تركيز واشنطن على المشرق العربي سوى مصلحة البترول وخطوط مواصلاته. الأول عند العرب والإيرانيين، والثانية عند الإيرانيين أولاً وأساساً.

تتخفف أميركا من عبء المشرق العربي ومشكلاته، فيما هو يتطاحن، وتفتح خطوطها في آسيا. الأميركيون يستقطبون الهنود بعد صعود اليمين الموالي لإسرائيل وواشنطن، والإيرانيون موجودون بكثافة، وقد عززوا شراكتهم مع الهنود، في زمن العقوبات، وباتت مبادلاتهم بالروبية الهندية في معظم حجمها الهائل.

وليس أدل على ضآلة قيمة المبادئ التي تتذرع بها إيران لكي تمد نفوذها في المشرق العربي (الممانعة والمقاومة) من تنامي الشراكة الهندية ــ الإيرانية، في مرحلة الارتفاع الهائل في مستوى الشراكة الهندية ــ الإسرائيلية. فمن المفترض، عندما تتأسس مصالح كبرى مشتركة بين بلدين، أن يتساند الطرفان على صعيد قضاياهما.

لكن الإيرانيين لم يقولوا للهنود كلمة واحدة، على قاعدة الشراكة؛ تتعلق باتساع حجم تعاونهم مع الإسرائيليين الذي وصل إلى شراكة في أبحاث وتطوير وإنتاج الصواريخ والمعدات العسكرية.

لم يكن استنكاف باكستان، عن المشاركة فعلياً في "عاصفة الحزم" إلا لأسباب خاصة، من بينها انخراط إسلام آباد في المشروع الصيني لإحباط محاولة الأميركيين المشاركة في صنع مستقبل آسيا ورسم نظام إقليمي جديد فيها. فالأمور تتغير، والأمم تتوخى مصالحها، والمصالح لا تكون بغير اقتصاد.

قبل أسبوعين، خفَّ الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إلى باكستان، بعد أن صرح "منتدى واو"، الذي عُقد في جزيرة "هاينان" في بحر الصين، أن على الأميركيين أن يمتنعوا.

وفي زيارته الأخيرة، تراجعت بلاغة الكلام المشبع بالعاطفة، وتقدمت الأرقام: أكبر المعونات والقروض الميسرة، في تاريخ علاقات دول آسيا، منحت لباكستان. وتكفلت الصين بأكلاف إنشاء "الممر الاقتصادي الباكستاني ــ الصيني"، وهي 37 مليار دولار. ويربط هذا الممر غرب الصين بميناء "غوادار" الباكستاني ذي المياه العميقة، بطرق سريعة جديدة وخطوط قطار ومناطق تنمية اقتصادية.

الإيرانيون، بالاتفاق النووي، يتهيؤون لدور مقاول الباطن على الخط الأميركي. والهند مشغولة بإثبات صدقية برنامج "مودي" الانتخابي للنهوض التنموي الشامل، والإيرانيون يتقصون منافع أخرى في آسيا، ولهم من أميركا، فوق البيعة، التغاضي عن القعود فوق الخرائب العربية، والباكستانيون يصبح لهم شأن أكبر في صياغة النظام الإقليمي بمعونات صينية!

اقرأ أيضاً: وزير الدفاع الأميركي: نفوذنا في آسيا في خطر

المساهمون