فوز المعارضة ببلدية إسطنبول يفتح الباب أمام تشكيل أحزاب جديدة

27 يونيو 2019
تتواصل ارتدادات نتائج انتخابات الإعادة لرئاسة بلدية إسطنبول (Getty)
+ الخط -

لا تزال ارتدادات نتائج انتخابات الإعادة لرئاسة بلدية إسطنبول التي أجريت الأحد الماضي، وفازت بها المعارضة بفارق كبير من الأصوات، تتواصل على الساحة السياسية التركية، مع تواتر الأنباء عن تشكيل حزبين جديدين، يريدان النيل من حزب "العدالة والتنمية"، إذ إن من يعتزم تشكيلهما هم قيادات سابقة في الحزب.

وتتسرب رويداً التفاصيل المتعلقة بتشكيل الأحزاب، ويتم الحديث عن تشكيل حزبين، الأول يقوده نائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان، بدعم من الرئيس السابق عبد الله غل، مقابل حزب آخر يعتزم تشكيله رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو.

وسبق أن وجهت هذه الأطراف انتقادات لحزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان في ميادين عديدة، وآخرها اتخاذ الهيئة العليا للانتخابات قرارها بإعادة انتخابات إسطنبول، بتأثير وضغوط من أردوغان نفسه، في حين تعمل هذه الأطراف بهدوء من أجل تأسيس القاعدة الحزبية اللازمة، والتواصل مع أعضاء حزب العدالة والتنمية.

ونقلت صحيفة خبر تورك عن مصادر لها أن أبرز ما صدر من معلومات، هو لقاء جمع الرئيس رجب طيب أردوغان بالوزير السابق باباجان قبل أيام، إذ سلم باباجان لأردوغان ملفاً يتضمن الملاحظات على نظام الحكم الرئاسي الجديد، وعلى الأداء الاقتصادي.

وبحسب الصحيفة، فإن أردوغان عرض على باباجان العمل المشترك من أجل حل المشاكل المتعلقة في التقرير، من داخل حزب العدالة والتنمية، ولكنه سمع رأياً من باباجان يفيد بوضوح أنه يريد مغادرة الحزب كمؤسس له، وأنه سيكون داخل كيان جديد، ما دفع أردوغان للقول: "هذا الأمر صدر كثيراً في السابق، ولم تنجح محاولات تأسيس أحزاب جديدة، فهو أمر صعب وعليكم ألا تتمسكوا به، ولكن إن كنتم تريدون ذلك فاعملوه بأقرب وقت ممكن".


حزب الاستقرار

ومقابل هذا، تفيد مصادر إعلامية أخرى بأن داود أوغلو سيعكف على تشكيل حزب "الاستقرار"، وأنه عمل بصمت شديد خلال الفترة السابقة وخاصة في رمضان، ويعتزم تأسيس الحزب من قونيا معقل رأسه، وتبدو خطوة داود أوغلو أقرب من خطوة باباجان، على اعتبار أن الأخير ينتظر السنوات الأربع المقبلة ومراقبة الأداء الحكومي، فيما داود أوغلو ينتظر أن يعلن عن حزبه في القريب العاجل، وخاصة أنه وجّه انتقادات مباشرة سابقاً لأردوغان عبر حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي.

وحاول أردوغان خلال الفترة السابقة استيعاب المبتعدين عن حزب العدالة والتنمية، من وزراء ومسؤولين سابقين، من خلال تأسيس هيئة استشارية تتبع لرئاسة الجمهورية، ومن المنتظر استكمال ترشيح قيادات أخرى، ولكن تطورات الانتخابات السابقة، قد تؤدي إلى عدم نجاح هذه الخطوة.

وتعقيباً على تشكيل الأحزاب الجديدة، قال المحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو، إن "تأسيس أحزاب جديدة في تركيا أمر واقعي جداً، وخصوصاً بعد لقاء رئيس البرلمان السابق بولنت أرنج مع بعض الأعضاء السابقين، من مثل داود أوغلو وعبد الله غل، وباباجان، والأحد قد يكون هناك تصريح لداود أوغلو حول الخبر الجديد، ولكن نتائجه كيف ستكون، هي ستضعف بالطبع حزب العدالة والتنمية في حال عدم التعاون معه".

وأضاف لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن تأسيس الحزب هو لخصام سياسي بينهم وبين أردوغان، بسبب خلافات سياسية، فيسعون لتأسيس حزب، فأصبحت قواعد اللعبة مختلفة، حزب يتحالف مع حزب، وأعتقد أن الحزب سيكون قوياً لأن داوود أوغلو محبوب في منطقة الأناضول وقونيا، رغم أن سياساته قد تكون أضعف من أردوغان".

وعن تأثير ذلك بمستقبل تركيا أفاد: "لا نستطيع أن نجد خوفاً وتأثيراً بمستقبل تركيا السياسي، وهناك اختلافات بالرؤية والسياسية، ويبقى العدالة والتنمية قوياً لديه قوة، والحزب الجديد أيضاً ستكون له قوة، ولا أعتقد أن باباجان سيتولى قيادة حزب، بل يكون في قيادة الصف الثاني، لوجود أسماء قوية أخرى".

من جانبه، قال الكاتب والباحث التركي جاهد طوز، إن "موضوع تشكيل الحزب الجديد مطروح خلال العامين السابقين، ولكن الأسماء الواردة كانت تنتظر الأرضية المناسبة، ومع الانتخابات السابقة توضحت الأرضية أكثر، إثر فوز المعارضة في بعض المدن، مثل أنقرة وإسطنبول، ولهذا فإن تأسيس الأحزاب بات أكثر حضوراً ومعقولية".

وأوضح لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن هناك أعضاءً من حزب العدالة والتنمية منزعجين، أو أنهم مسؤولون سابقون، أو لم يتولوا مناصب، وهؤلاء ضد العدالة والتنمية ويشكلون فرصة من أجل تشكيل الأحزاب الجديدة، وأعتقد أن هناك احتمالات عديدة لتشكيل الحزب، قد يكون حزباً واحداً أو حزبين".

ولفت الباحث إلى أن "المناخ السياسي بتركيا مهما كان، فإن أردوغان هو الوحيد الذي لا منافس له، وهؤلاء الشخصيات رغم تشكيلهم أحزاباً، لن يؤثروا على العدالة والتنمية بوجود أردوغان، وربما يكون هناك انعكاس سلبي بأنهم تركوا الحزب بعد تولي المناصب عبره، ولا أعتقد أن الشعب قد يتعاطف معهم ما دام أردوغان موجوداً، فالنتائج الأخيرة في إسطنبول لا تعكس الحقيقة".

وعن تأثير الأحزاب في مستقبل تركيا السياسي، أفاد: "علي باباجان بدأ حياته بأن يكون مستشاراً لأردوغان، وتولى المناصب في ظله، وماضيه السياسي كله مرتبط بأردوغان، ولكن مع غل ربما يكون له أنصار أكثر، ولا أعتقد أنه سيكون لهم مستقبل سياسي أكثر، ولا أعتقد أنهم قادرون على التأثير بشكل كبير، وداود أوغلو أيضاً نفس الأمر، والتاريخ يثبت ذلك عبر محاولات منشقين من العدالة والتنمية وكلها لم تنجح، مثل إدريس نعيم شاهين وزير الداخلية السابق، وعبد الله شنر، وهم من مؤسسي الحزب، وتولوا مناصب عديدة".

وختم بالقول: "أعتقد أن نتائج الانتخابات وتراجع العدالة والتنمية في أنقرة وإسطنبول كانت بسبب المرشحين غير المقبولين، ومنهم مرشح العدالة والتنمية لأنقرة محمد أوزهاسكي، كان غير مناسب، ولكن هذا لا يعني أن الناخبين يقاطعون الحزب، وحزب العدالة والتنمية لم تنخفض أصواته بل فقد مدناً، فالعدالة والتنمية لم تنخفض أصواته بشكل عام في تركيا".

المساهمون