فلسطين المنتظرة على أطلال العمالة والتفريط

06 فبراير 2020
+ الخط -
فلسطين ليست للمساومة وليست للبيع وليست للمناصفة، وخريطتنا لن يعيد أحد رسمها سوانا عندما نستعيد كل شبر من أرضنا.. يظنوننا أغبياء!

أي دولة تلك التي ليست لديها سيادة على أرضها؟ وأي دولة تلك التي لا سلطة لها على معابرها ومياهها ومقدرات عيشها؟ نحن وإن لم نحكُم، فلن نُحكَم نحن الأحرار داخل القضبان لأننا الأحياء تحت التراب والمناضلون في بقاع الأرض نحلم بالحياة ونواقع الشهادة، نحن فلسطين منها ولها وإليها.

لن نسمح لسرطانهم بالتفشي داخل أراضينا أكثر، لن نقف على أسطح منازلنا عندما تنقطع الكهرباء لنرى مستوطناتهم الجاثمة قبالتنا تنير لنا. نحن لن نقبل بهذه المهزلة، لن نكون اليد الأخرى التي تخنق قطاعنا الحبيب أكثر، لن نتنازل عن حقوقنا ببعض الأكاذيب. أظن أنني قد أتجاوز أي كلمة قيلت، ولكنني لا أزال تحت تأثير الصدمة التي لا أستطيع تجاوزها حتى الآن!


إن المهزلة الأميركية الإسرائيلية الداعية إلى تحويل فلسطيننا إلى صفقة تجارية خسيسة فيها يعاد سيناريو وعد بلفور، بعد قرن من الزمان، ليعطي فيها من لا يملك لمن لا يستحق مرة أخرى، أظن أن عبارة التاريخ يعيد نفسه لم تكن مجرد كلمات كتبت، فها هو يعيد نفسه بطريقة مخيفة وكأن غمامة تخيم على أرضنا.

هل تتحول قضيتنا الوطنية العادلة التي ذهب في سبيلها آلاف الآلاف من أبناء شعبنا ومئات الجرحى والأسرى بقرار شخص مختل عقلياً. هل نسمح بذلك؟

خطاب ليس له عناوين ولا يضم أي بند ينصفنا يقول إن قدسنا عاصمة ما يسمى إسرائيل دون تجزئة ودون مشاركة، وإن الفلسطينيين حدودهم القدس الشرقية، أي لا مسجدنا الأقصى ولا قبتنا المشرفة ولا كنيستنا الحبيبة.

انتبهوا لكرمهم، قالوا سيسمح للفلسطيني أن يصلي في القدس! يا إلهي ما هذا الكرم غير المسبوق، هل يجب أن نهتف الآن عاشت أميركا عاشت ما تسمى إسرائيل؟!

أعتقد أنني كنت أتكهن بهذا الأمر فهو أمر طبيعي بالنسبة لأميركا وما يسمى إسرائيل، ولكن الذي فطر قلبي هو من حضر هذا المزاد العلني، كيف لدولنا العربية أن تبيعنا. حسنا لا نريد أن يكونوا مناصرين للفلسطينيين، ولكن على الأقل لينصروا قدسهم. لقد علمونا في مدارسنا دائما: أن بلاد العرب أوطاني من الشام لبغداد، ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان، فلا حد يباعدنا ولا دين يفرقنا لسان الضاد يجمعنا بغسان وعدنان.

آسف الآن على الوقت الذي استنزفته لحفظها وسوف أعاتب أمي ومعلمتي اللتين كانتا تعاقبانني على أخطائي، سوف أقول لهما إن عقلي كان يشعر بأن بلاد العرب لم تكن أوطاني وأن موطني كان الجميع يحاول إجهاضه قبل الولادة.

أريد أن أقول لكل من ذهب لحضور سيرك أميركا، لقد ضحك عليكم المهرجون وأنتم فقط تصفقون بحرارة وااا أسفاه على من يعتقدون أن مصيرنا بأيديهم. هذه الأرض لا تتسع لهويتين فإما نحن أو نحن، هي فلسطين التي لا يحتاج شعبها لموجه ومحرك. فقط نحن من يدافع عن وطنه.

فقط في فلسطين يترك الوطني خلفه عائلته وأبناءه دون تفكير، نحن من جراحنا تنزف ونضمدها بجرح آخر، ونقول دائماً على هذه الأرض ما يستحق الحياة، كانت تسمى فلسطين صارت تسمى فلسطين أم البدايات وأم النهايات.

فلسطين يا زهرة المدائن، عيوننا إليك ترحل كل يوم، وإنني أصلي. لا يوجد قرار على وجه الأرض يستطيع انتزاع قدسنا وأرضنا، نحن من نصنع القرارات بأيدينا. وكل أحرار هذا العالم سينتصرون لفلسطيننا.

السياسة لا تمثل أي شعب. الشعوب مسكينة تذهب دائماً ضحية سياسات حكوماتها. كانوا يعتقدون أنهم لو أشغلوا كل شعب بقيادته فسوف تمر صفقة القرن المزعومة ولن يثور أصحاب الضمائر الحية؛ ولكنهم فشلوا باعتقاداتهم، فكل حر منا يدافع عن وطنه الأم ووطنه الوجداني، فلا أحد يفرط بروحه ولا أحد يفرط بقلبه. وسوف يأتي يوم نتحرر فيه من نير الاستعمار، وسوف نعود لنردد نشيد الوحدة الوطنية وأن بلاد العرب أوطاني.
59F11749-FE79-4F14-8B51-F3B635C403D3
أماني عمر مخارزه

كاتبة وباحثة فلسطينية

مدونات أخرى