13 نوفمبر 2024
فلسطينيو 48 في المهداف
ليس الفلسطينيون في مناطق 1948 في حاجة إلى آخر تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، كي يتيقنوا أنهم في مهداف دولة الاحتلال منذ قيامها. وما يلفت النظر قول المذكور "سيأتي يوم لن تكونوا فيه هنا". ومع أنه يقصد على نحو مباشر أنه لن يكون نواب عرب في الكنيست الإسرائيلي، ففي العمق يعرب عن أمنيةٍ خفيّةٍ أن لا يكون عرب في الداخل مطلقًا.
وهي أمنية تنطوي عليها أضلاع إسرائيليين كثيرين، مثلما سبق أن ألمح عالم الاجتماع الإسرائيلي الناقد الراحل، باروخ كيمرلينغ، ضمن مقالة مطولة عن "إسرائيل والمسألة العربية" نشرها في أواسط 2005، وتوقع فيها أن يظل موضوع واحد طاغيًا على جدول أعمال معظم الإسرائيليين، ولا سيما عقب فشل محادثات كامب ديفيد عام 2000 وإعلان الـ "لا شريك" الذي أطلقه إيهود باراك، هو: كيف يمكن التخلص من المواطنين العرب، أو على الأقل كيف يمكن التخلص من غالبيتهم، وترسيخ "الطابع اليهودي" لإسرائيل!.
ونجد مصداقًا لما ألمح إليه لدى القيام الآن بتلخيص حصيلة سياسة إسرائيل الرسمية، وبالذات إزاء المواطنين الفلسطينيين على مدار أعوام طويلة منقضية، يمكن أن نعيّن بدايتها في هبة أكتوبر 2000 بالتزامن مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وليبرمان نفسه قال يوم 19 سبتمبر/ أيلول 2010، إن "مسألة العرب مواطني إسرائيل يجب أن تكون إحدى القضايا المركزية المُدرجة في جدول أعمال المفاوضات المباشرة في ضوء الرفض الفلسطيني الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وهي مسألة تهربنا منها، حتى الآن، ولا يمكن الاستمرار في ذلك"، مضيفًا أن "رفض الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية يلزم إسرائيل أن تستعد لحلٍّ يشمل تبادلًا سكانيًا".
وعام 2000 بدأ بتأسيس "مؤتمر هيرتسليا حول ميزان المناعة والأمن القومي"، الذي يناقش سنويًا "الموضوعات الساخنة" التي "تقلق إسرائيل"، ويصوغ التحديات المقبلة في المديين، القريب والبعيد. ومنذ أول مؤتمر يقف موضوع العرب في الداخل في صلب هذه الموضوعات، وتُطرح مقاربات تتعلق به تتضمن خططًا تنادي جهارًا باتباع سياسة الترانسفير تحت مُسميات أخرى أقل إيذاء للأذن، مثل "تبادل الأراضي" أو "تبادل السكان".
وبحث كيمرلينغ عن جذور طغيان هذا الموضوع/ الهاجس ليس في ما استجد عقب العام 2000 فحسب، بل أيضًا في ثنايا الفكر العنصري الصهيوني منذ أول تجلياته، والتي غلب عليها كذلك "هاجس" التخلص من العرب الفلسطينيين عمومًا.
ولدى تطرقه لوقائع ما بعد نكبة 1948، كتب أنه بالرغم من أن الفلسطينيين الذين بقوا حصلوا على مواطنة إسرائيلية، وعلى حقوق مواطنة كأفراد، إلا أنهم اشتبهوا دومًا بعدم الولاء للدولة، وأنهم طابور خامس أو حصان طروادة. وإلى غاية عام 1966، كانت المناطق الريفية العربية خاضعة للحكم العسكري الإسرائيلي، ولم يسمح حتى عام 1965 بقبول العرب أعضاء في نقابة العمال العامة. وكان السبب هو قناعة (وإيمان) الدولة والسكان اليهود أن المواطنين العرب يشكلون تهديدًا أو خطرًا أمنيًا. وبعد إلغاء الحكم العسكري، ظل العرب خاضعين لنظام مراقبة وملاحقة بوليسيّة صارمة، ترافق مع اتباع سياسة مصادرة مساحات واسعة من الأراضي العربية (نحو 40% من الأراضي التي كانت بملكية عربية صودرت بمرور الأعوام) جرى تنفيذها تحت مسمياتٍ مختلفة، منها "تهويد الجليل"، ومثل هذه التعابير ميزت نظرة دولة الاحتلال ومؤسساتها تجاه المواطنين العرب. وفي الإضراب الذي جرى في 30 مارس/ آذار 1976 (يوم الأرض) قتل برصاص الشرطة الإسرائيلية ستة مواطنين عربًا، وفي "أحداث" أكتوبر/ تشرين الأول 2000 (هبة التضامن مع انتفاضة الأقصى والقدس) ذُبِحَ 12 مواطنًا عربيًا وجُرِحَ مئات (برصاص قوات الشرطة الإسرائيلية). وسبقت ذلك مذبحة كفر قاسم في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 1956، التي قتل فيها 49 شخصًا من أهالي القرية، معظمهم من النساء (إحداهن كانت حاملًا) والأطفال على يد وحدة تابعة لشرطة "حرس الحدود" الإسرائيلية. وكما هو معروف، اكتفت المحكمة بإصدار عقوباتٍ رمزية فقط على المتورّطين في ارتكاب المذبحة.
وهي أمنية تنطوي عليها أضلاع إسرائيليين كثيرين، مثلما سبق أن ألمح عالم الاجتماع الإسرائيلي الناقد الراحل، باروخ كيمرلينغ، ضمن مقالة مطولة عن "إسرائيل والمسألة العربية" نشرها في أواسط 2005، وتوقع فيها أن يظل موضوع واحد طاغيًا على جدول أعمال معظم الإسرائيليين، ولا سيما عقب فشل محادثات كامب ديفيد عام 2000 وإعلان الـ "لا شريك" الذي أطلقه إيهود باراك، هو: كيف يمكن التخلص من المواطنين العرب، أو على الأقل كيف يمكن التخلص من غالبيتهم، وترسيخ "الطابع اليهودي" لإسرائيل!.
ونجد مصداقًا لما ألمح إليه لدى القيام الآن بتلخيص حصيلة سياسة إسرائيل الرسمية، وبالذات إزاء المواطنين الفلسطينيين على مدار أعوام طويلة منقضية، يمكن أن نعيّن بدايتها في هبة أكتوبر 2000 بالتزامن مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وليبرمان نفسه قال يوم 19 سبتمبر/ أيلول 2010، إن "مسألة العرب مواطني إسرائيل يجب أن تكون إحدى القضايا المركزية المُدرجة في جدول أعمال المفاوضات المباشرة في ضوء الرفض الفلسطيني الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وهي مسألة تهربنا منها، حتى الآن، ولا يمكن الاستمرار في ذلك"، مضيفًا أن "رفض الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية يلزم إسرائيل أن تستعد لحلٍّ يشمل تبادلًا سكانيًا".
وعام 2000 بدأ بتأسيس "مؤتمر هيرتسليا حول ميزان المناعة والأمن القومي"، الذي يناقش سنويًا "الموضوعات الساخنة" التي "تقلق إسرائيل"، ويصوغ التحديات المقبلة في المديين، القريب والبعيد. ومنذ أول مؤتمر يقف موضوع العرب في الداخل في صلب هذه الموضوعات، وتُطرح مقاربات تتعلق به تتضمن خططًا تنادي جهارًا باتباع سياسة الترانسفير تحت مُسميات أخرى أقل إيذاء للأذن، مثل "تبادل الأراضي" أو "تبادل السكان".
وبحث كيمرلينغ عن جذور طغيان هذا الموضوع/ الهاجس ليس في ما استجد عقب العام 2000 فحسب، بل أيضًا في ثنايا الفكر العنصري الصهيوني منذ أول تجلياته، والتي غلب عليها كذلك "هاجس" التخلص من العرب الفلسطينيين عمومًا.
ولدى تطرقه لوقائع ما بعد نكبة 1948، كتب أنه بالرغم من أن الفلسطينيين الذين بقوا حصلوا على مواطنة إسرائيلية، وعلى حقوق مواطنة كأفراد، إلا أنهم اشتبهوا دومًا بعدم الولاء للدولة، وأنهم طابور خامس أو حصان طروادة. وإلى غاية عام 1966، كانت المناطق الريفية العربية خاضعة للحكم العسكري الإسرائيلي، ولم يسمح حتى عام 1965 بقبول العرب أعضاء في نقابة العمال العامة. وكان السبب هو قناعة (وإيمان) الدولة والسكان اليهود أن المواطنين العرب يشكلون تهديدًا أو خطرًا أمنيًا. وبعد إلغاء الحكم العسكري، ظل العرب خاضعين لنظام مراقبة وملاحقة بوليسيّة صارمة، ترافق مع اتباع سياسة مصادرة مساحات واسعة من الأراضي العربية (نحو 40% من الأراضي التي كانت بملكية عربية صودرت بمرور الأعوام) جرى تنفيذها تحت مسمياتٍ مختلفة، منها "تهويد الجليل"، ومثل هذه التعابير ميزت نظرة دولة الاحتلال ومؤسساتها تجاه المواطنين العرب. وفي الإضراب الذي جرى في 30 مارس/ آذار 1976 (يوم الأرض) قتل برصاص الشرطة الإسرائيلية ستة مواطنين عربًا، وفي "أحداث" أكتوبر/ تشرين الأول 2000 (هبة التضامن مع انتفاضة الأقصى والقدس) ذُبِحَ 12 مواطنًا عربيًا وجُرِحَ مئات (برصاص قوات الشرطة الإسرائيلية). وسبقت ذلك مذبحة كفر قاسم في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 1956، التي قتل فيها 49 شخصًا من أهالي القرية، معظمهم من النساء (إحداهن كانت حاملًا) والأطفال على يد وحدة تابعة لشرطة "حرس الحدود" الإسرائيلية. وكما هو معروف، اكتفت المحكمة بإصدار عقوباتٍ رمزية فقط على المتورّطين في ارتكاب المذبحة.