فزاعة "معاداة السامية" تهدد "العمّال" البريطاني بخسارة لندن انتخابياً

04 مايو 2016
صديق خان في حملة انتخابية (ليون نيل/فرانس برس)
+ الخط -
يتواصل مسلسل انتقام اللوبي المُؤيد لإسرائيل من حزب "العمال" البريطاني وزعيمه جيريمي كوربين، بوتيرة متسارعة ومُرتفعة النبرة. ويتزامن هذا التصعيد مع استعداد الحزب لخوض الانتخابات المحلية، ومنافسته الشديدة للفوز بمنصب عمدة لندن.

وتخشى أوساط "العمال" من أن تؤدي الحملة الأخيرة التي اتهمت بها الصحف اليمينية الحزب وقيادته بـ"تبنّي خطاب معاد للسامية"، إلى خسارة الحزب ما بين 100 و150 مقعداً في المجالس المحلية في انتخابات الخميس المقبل، بما في ذلك خسارة المنافسة على منصب عمدة لندن، مما يُعزز المطالبة باستقالة کوربين من رئاسة "العمال".

ويُنافس مرشح "العمال" صديق خان، وهو مسلم من أصول باكستانية، مرشح حزب "المحافظين" زاك غولدسميث، وهو يهودي، للفوز بمنصب عمدة لندن. ولا يخفي صديق خان مخاوفه من التأثير السلبي لأزمة "العمال"، على حملته التي يؤدي فيها الصوت اليهودي دوراً بالغ التأثير.

وفي هذا السياق، قال خان في تصريحات للصحافيين: "نعم يمكن أن أخسر أصوات بعض اليهود، وقد يجد البعض صعوبة في دعمي في ضوء أزمة معاداة السامية داخل حزب العمال". وعلى الرغم من انتقاد صديق خان لتصريحات كل من النائبة، ناز شاه، وعضو "العمال" عمدة لندن السابق، كين ليفينغستون، ودعمه تجميد عضويتهما في الحزب، وإدانته للعنصرية بكل أشكالها بما في ذلك "معاداة السامية"، ومحاولته النأي بنفسه عن أي موقف قد يربطه بالتشدد أو معاداة طائفة أو فصيل في المجتمع البريطاني، إلا أن المراقبين لا يستبعدون تراجع فرص فوزه على غولدسميث.

مع العلم أن غولدسميث، وجد في الأجواء السياسية فرصة لتكثيف هجومه على خان، مُتهماً إياه بـ"الظهور بجانب مسلمين راديكاليين"، إضافة إلى اتهامه بـ"منح متشددين منبراً للحديث ومتنفساً وغطاءً"، على حد وصفه. وبينما يدعم رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، المزاعم التي يطلقها غولدسميث ضد خان، يدافع مرشح "العمال" عن مواقفه، قائلاً إنه "ظلّ طوال حياته يحارب التطرف". مع العلم أن خان ينتقد غولدسميث، واصفاً إياه بـ"انتهاج أسلوب يعمل على تقسيم اللندنيين على أساس العقيدة الدينية".


وفي محاولة لدفع الاتهامات عنه، أو الانحناء أمام العاصفة، فصل حزب العمال خلال الأيام الماضية، ثلاثة أعضاء آخرين من صفوفه، في أعقاب تصريحات وُصفت بأنها "معادية لإسرائيل"، لينضموا بذلك إلى شاه وليفينغستون.

وزعمت صحيفة "التلغراف" أن الأسماء المُعلن عن فصلها من الحزب أو تعليق عضويتها، إنما هي جزء بسيط من قائمة يبلغ عددها نحو 50 اسماً، تم فصلهم "سراً" من الحزب خلال الشهرين الماضيين. ويرى مراقبون أن "الحملة التي تقودها الصحافة اليمينية ضد حزب العمال البريطاني، تحت شعار معاداة السامية، بالتزامن مع الانتخابات المحلية، إنما تُؤججها أطراف متباينة، تقاطعت مصالحها على إضعاف الحزب وقيادته".

مع العلم أن لوبي المنظمات الصهيونية يسعى لتوظيف فزاعة "معاداة السامية" لاستكمال حلقات الانتقام من "العمال" بعد التصويت في مجلس العموم البريطاني لصالح الاعتراف غير الملزم بالدولة الفلسطينية، وإدانة "العمال" الصريحة للاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. كما وجد تيار توني بلير داخل "العمال" الفرصة مواتية لتقويض زعامة كوربين والتيار اليساري داخل الحزب، وإعادة الحزب إلى "يسار الوسط"، حسبما كشف ليفينغستون في تصريحات صحافية يوم الاثنين.

ولا يقف حزب "المحافظين" الحاكم، بعيداً عن الأزمة داخل حزب "العمال"، إذ يسعى لتشويه صورة الحزب والانقضاض على قواعده الانتخابية قبل الانتخابات المحلية التي لا تقلّ أهمية عن الانتخابات البرلمانية. وعلى الرغم من اتخاذ "العمال" حزمة من الإجراءات لتطويق الأزمة، بما في ذلك تعليق عضوية قيادات بارزة في الحزب، وتشكيل لجنة تحقيق للنظر في الاتهامات المُوجّهة للحزب، إلا أن ذلك لم يمنع قلق أوساط حزبية من تخطيط بعض القيادات النافذة لتوظيف الأزمة والانقلاب على قيادة كوربين.

وفي هذا السياق، تناقلت وسائل الإعلام البريطانية أصداء نقاش حاد داخل دوائر الحزب، مع دعوات لتنحية كوربين وتسليم القيادة لوزير الخزانة في حكومة الظل جون ماكدونيل، الذي نفى هذه الشائعات مُؤكداً أنها محاولات "قذرة وكاذبة" من وسائل الإعلام اليمينية في محاولة لخلق خلاف بينه وبين كوربين. وفي ردّها على ما يتعرض له "العمال"، وصفت وزيرة التنمية الدولية في حكومة الظل، أقرب حلفاء كوربين، ديان أبوت، حملة اتهام الحزب بـ"معاداة السامية" بـ"المحاولة السخيفة لتشويه صورة الحزب وتقويض قيادة كوربين".
المساهمون