فرنسا تُشهر سلاح التجريد من الجنسية لـ"مكافحة الإرهاب"

09 أكتوبر 2015
الإجراء يريح فرنسا من تكاليف اعتقال المتهمين بالإرهاب(فرانس برس)
+ الخط -

تستعد السلطات الفرنسية لتطبيق واسع لبند جديد في "سياسة مكافحة الإرهاب" يقضي بتجريد المتهمين في قضايا "الإرهاب" من الجنسية الفرنسية. وأكدت مصادر الداخلية الفرنسية أن هذه الأخيرة رفعت مشروع قرار بتجريد خمسة فرنسيين من الجنسية إلى رئيس الوزراء، مانويل فالس، للمصادقة عليه. ويتعلق الأمر بأربعة أشخاص من أصول مغربية وفرنسي من أصل تركي، كلهم متهمون بالضلوع في التفجيرات التي هزت مدينة الدار البيضاء المغربية في 16 مايو/أيار عام 2003 وأسفرت عن مقتل 45 شخصاً. وهذه هي المرة الأولى التي تُقرر فيها السلطات تجريداً جماعياً لمجموعة من الأشخاص دفعة واحدة. وحسب مصادر الداخلية، فإن هؤلاء الأشخاص الخمسة خرجوا من مراكز الاعتقال أخيراً بعد قضائهم فترة سجن إثر ادانتهم بتهمة الإرهاب.

وحسب القانون الفرنسي، فإن السلطات يحق لها تجريد الأشخاص المتورطين في "قضايا الارهاب" أو جُنح تمس أمن الدولة، من الجنسية الفرنسية، في حال كانوا قد حصلوا عليها عشر سنوات قبل ارتكابهم للجرائم المذكورة. وينطبق هذا القانون فقط على الأشخاص الذين يحملون جنسيات أخرى بالإضافة إلى الجنسية الفرنسية، ولا يمس القانون الأشخاص الذين ولدوا فرنسيين، لكون هذه الإجراء يتعارض مع القانون الدولي الذي يمنع تجريد المواطنين من الجنسية الوحيدة التي يتمتعون بها.

ووفق أرقام الداخلية الفرنسية، فقد تم تطبيق قانون التجريد من الجنسية على 22 شخصاً منذ صدوره عام 1989 وتم تنفيذه بين عامي 2000 و2014 في حق متورطين في قضايا الإرهاب. وتعود آخر حالة إلى مايو/أيار 2014، حين جرّدت السلطات أحمد سحنوني، وهو مواطن فرنسي من أصل مغربي، من الجنسية التي كان حصل عليها في عام 2003 بعد ثبوت تورّطه في النشاط ضمن خلية إرهابية عام 2013. وتم طرده من فرنسا في اتجاه المغرب، في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد أن فشلت كل محاولاته في نقض هذا القانون في المحاكم الفرنسية، وإثر مصادقة المجلس الدستوري على هذا القرار. كما جرّدت السلطات الفرنسية الياس حاسن، وهو إمام من أصل جزائري، من الجنسية، بعد اتهامه بالتحريض ضد فرنسا في خطبه بأحد الجوامع في الضاحية الباريسية.

اقرأ أيضاً: لودريان بتونس: تعزيز التعاون الدفاعي ومحاربة "الإرهاب"

وتهدد السلطات الفرنسية بتعميم عقاب التجريد من الجنسية على الجهاديين الفرنسيين الذين يلتحقون بالتنظيمات المتطرفة في سورية والعراق ومنطقة الساحل الأفريقي، وهو مطلب يتبناه اليمين الفرنسي، بشقيه المعتدل والمتطرف، الذي يطالب بتجريد أي مواطن يحمل جنسية أخرى يشتبه في ضلوعه في جرائم الإرهاب ويريد تعميمه على المتهمين بجرائم الحق العام أو ممارسة تعدد الزوجات.

يُشار إلى أن الاشتراكيين كانوا دوماً معارضين لمبدأ التجريد من الجنسية منذ عقود، لكن الحكومة الاشتراكية الحالية تراجعت في هذه النقطة تحت ضغط اليمين، وأمام تصاعد التهديدات "الإرهابية"، وتورّط المئات من الفرنسيين من أصول أجنبية في نشاطات تُصنّف إرهابية.

والواقع أن التجريد من الجنسية الذي تم تفعيله بقوة في السنوات الأخيرة يعود إلى عام 1848 عندما أصدرت الجمهورية الفرنسية الوليدة قراراً بمنع الرق، والذي نص على تجريد المواطنين الفرنسيين الذين يتاجرون بالبشر من حق الجنسية الفرنسية. ولجأت حكومة فيشي المتواطئة مع الاحتلال النازي لفرنسا، خلال الحرب العالمية الثانية، إلى هذا الإجراء بكثافة وطبّقته على 15 ألف شخص بعد اتهامهم بالخيانة العظمى والعمالة لأعداء فرنسا.

ومن المتوقع أن تلجأ السلطات الفرنسية في المستقبل القريب إلى تكثيف إجراءات التجريد من الجنسية في حق عشرات المتهمين بالضلوع في "أعمال إرهابية"؛ لكون هذا الأجراء يشكّل رادعاً للناشطين في مجال "الإرهاب"، والذين يُفضلون الاعتقال في السجون الفرنسية على العودة إلى أوطانهم الأصلية والخضوع لمسطرة عقابية أشد قسوة.

كما أن هذا الاجراء يريح فرنسا من تكاليف اعتقال المتهمين بالإرهاب الذين يتحوّلون إلى دعاة في السجون ويستقطبون المزيد من الشبان الفرنسيين من معتقلي الحق العام الذين يتحوّلون إلى ناشطين إرهابيين لاحقاً، كما أثبتت ذلك عدة دراسات حول السجون الفرنسية.

اقرأ أيضاً: فرنسا تبدأ لأول مرة قصف مواقع "داعش" بسورية‏

المساهمون