فرنسا: اليسار بين استخلاص الدروس وتقديم الحلول للهزيمة الانتخابية

26 مارس 2014
يتوجب على هولاند الاعتراف بالهزيمة وبدوره الكبير فيها (Getty)
+ الخط -
تلقت جبهة اليسار الفرنسي، ولا سيما الحزب الاشتراكي الفرنسي صفعة انتخابية كبيرة وموجعة، بعدما تقدم اليمين المعارض في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية على حساب اليسار.

وعلى الرغم من النفي والإنكار، من خلال تصريحات العديد من القادة الاشتراكيين، فإن الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، والحزب الاشتراكي وقياداته مطالبون بتقديم الأجوبة والحلول واستخلاص الدروس من هذه الهزيمة، التي تنذر بهزائم انتخابية أخرى قادمة.

لقد كانت الجولة الأولى، فعلاً قاسية. وإذا كانت العاصمة باريس في متناول اليد، إن أحسن الاشتراكيون التفاوض مع مكونات اليسار الأخرى من دون تكبر، فإن مدن كبرى عدة انفلتتْ من اليسار أو هي في الطريق إلى ذلك، ولا سيما مدينة مارسيليا، التي رَاهن اليسار كثيراً هذه المرة على إسْقاطِها يساراً، بسبب أهميتها ورمزيتها.
وما اختصار الرئيس الفرنسي لزيارته لهولندا وإلغاؤه للندوة الصحافية، إلا اعتراف بالضربة التي لم يكن يتوقعها لا هو ولا استطلاعات الرأي المتعددة.

وإذا كان الرئيس قد رفض إجراء أي تعديل حكومي منذ توليه للسلطة، فإن الأمر يُطرَح بقوة هذه المرة، وخصوصاً أن رسالة الفرنسيين واضحة جداً لجهة خيبة الأمل من الأداء الحكومي ومن بُطء الإصلاحات. وهي إنذارٌ لما سيأتي في الاستحقاقات الانتخابية الأخرى، لعل منها الانتخابات الأوروبية.

ولمْ يُؤدِّ اعترافُ الرئيس الفرنسي بميوله الليبرالية، ولا بهواه "الاشتراكي الديموقراطي"، ولا تعزيز حكومته بوزراء أقوياء من الجناح الليبرالي للحزب، على حسب العناصر اليسارية في أماكن القرار السياسي والاقتصادي، إلى تحقيق أمر عظيم في هذا الاستحقاق.

لقد بدأ الأفقُ يضيق عليه. فالأزمة أقوى من أن تَحُلَّها إصلاحات خجولة ومترددة. والبطالة ترتفع معدلاتها، دافعة هؤلاء إلى تبني طروحات اليمين المتطرف، الذي لم تَعُد شعاراته تُخيف، كما السابق، منذ سرقة الرئيس نيكولا ساركوزي، للكثير من برامجه وأفكاره، التي أدت إلى اعتراف أكثر من 70 في المئة من الفرنسيين بكونهم عنصريين من دون إحساس بالحرج من الاعتراف بالأمر.

ولنْ يستطيع "العقد الجمهوري"، المراد منه وضعُ الحواجز أمام مرشحي حزب الجبهة الوطنية اليميني، أن يوقف اندفاعة هذا الأخير.

وإذا كان اليسار قد بدأ، من الآن، سحب بعض مرشحيه لفائدة مرشحي اليمين "المعتدل" و"الجمهوري"، من أجل هزيمة مرشحي اليمين المتطرف، فإن العديد من زعماء اليمين "الجمهوري" أعلنوا أنهم في حِلٍّ من هذا "العقد الجمهوري"، وخصوصاً أن بعض هؤلاء لا يختلف في برامجه وسياساته عن الحزب اليميني المتطرف وشعاراته ضد الأجانب والإسلام.

الأمر يَضيقُ بهولاند، وما عليه سوى أن يعيد الاعتبار لقاعدته الشعبية اليسارية، والانفتاح على التيار اليساري في حزبه، وأن يحجم عن كبرياءه أمام حلفائه من اليسار والإيكولوجيين.

وقبل هذا، يتوجب على الرئيس الفرنسي أن يعترف بالهزيمة وبدوره الكبير فيها. ولكن المدة الباقية لم تعد كافية لإحداث معجزة. ولعله يفكر، من الآن، في الانتخابات الأوروبية المقبلة.

المساهمون