قليلةٌ هي الفرق العربية التي ما زالت تُعنى بتقديم الموسيقى الآلية المشرقية عموماً، وموسيقى منطقة بلاد الشام بالتحديد. غالباً، تتّجه معظم الفرق إمّا نحو الغناء، أو تنزع أكثر نحو الموسيقى الإلكترونية، مُرتكزةً على قوالب غربية، أبرزها الروك.
في لبنان، تشهد بعض التجارب تنويعاً بين الموسيقى الغنائية، وتلك الآلية، التي تنتمي إلى التراث الموسيقي العربي، مثل غادة شبير وريما خشيش وفرقة "أصيل".
في فلسطين، ثمّة تجارب -جاءت بعد سيمون شاهين وخالد جبران- مثل أحمد الخطيب ومحمد نجم ونزار روحانا. وفي الأردن، ثمّة طارق الجندي ويعرب سميرات، وفرقة "جذور"، التي يُقام لها في 13 آب/ أغسطس الجاري حفل تستضيفه "مؤسسة عبد الحميد شومان" في عمّان.
تقدّم "جذور"، التي تأسّست عام 2012، مجموعةً من القطع الموسيقية، بعضها من تأليف أعضائها، وأخرى قطع تراثية أو حديثة من تركيا واليونان وبلاد الشام.
في حديثه إلى "العربي الجديد"، يقول عازف العود عبد الوهاب الكيالي، وأحد أعضاء الفرقة: "التقاطعات بين الموسيقى العربية ونظيراتها التركية واليونانية (والأرمنية والإيرانية والكردية) كبيرة جدّاً".
يضيف: "الموروث الموسيقي العربي مشابه بصورة كبيرة للموروث الموسيقي لتلك البلاد. فالمنطقة العربية تتشارك معها في الجغرافيا والطقس والمواسم والمحاصيل والمزروعات ونمط الحياة".
ويوضّح: "نأكل الطعام نفسه تقريباً، ولنا مقولات وعادات اجتماعية وطبائع كثيرة مشتركة، فكيف لا يكون لدينا الموسيقى نفسها؟".
لطالما أثّرت موسيقى تلك البلاد على الموسيقى العربية والعكس صحيح. مثلاً، نجد أنّ لحن أغنية "قدك الميّاس" نفسه موجود في تركيا واليونان بكلمات مختلفة، يبيّن الموسيقي.
إلى جانب الكيالي، تضمّ الفرقة كلاًّ من ناصر سلامة (إيقاع) ومحمد طهبوب (كمان) وفادي حتر (تشيلّو) وغسّان أبو حلتم (كلارينت).
لا تكتفي "جذور" بإعادة إنتاج الموروث فقط، وإنّما تقدّم أيضاً مؤلّفاتٍ لأعضائها؛ إذ ستؤدّي في حفلها "في البال" و"نوى" و"فرح"، من تأليف الكيالي، و"حنين" من تأليف أبو حلتم.
يؤكّد الكيالي اهتمام الفرقة بتقديم مؤلّفات أعضائها؛ "لما في ذلك من تعبير أكبر عن شخصيّتها"، موضّحاً: "لا يمكن للفرقة أن تُسهم في المشهد الموسيقي العربي، إلّا إذا قدّمت ما هو جديد أيضاً، من عملها الخاص. وحتّى حين نؤدّي قطعاً من التراث أو من تأليف الآخرين، نحاول أن نوزّعها بطريقة جديدة ومختلفة، تناسب تركيبتنا الآلية".
لن يقتصر حفل "جذور" على الموسيقى الآلية وحسب، بل ستشاركهم أيضاً الفنانة اللبنانية رنين الشعار في الغناء. إلى جانب أغنياتها الخاصّة، تقدّم الشعار أيضاً أغانيَ طربية قديمة لأم كلثوم وفيروز، إضافة إلى اهتمامها بالغناء الصوفي.
عن مشاركتها مع "جذور"، يقول الكيالي: "هذه المرّة الأولى التي نعمل معها كفرقة. نشعر أنّ صوتها ينسجم مع الموسيقى التي نقدّمها، إذ تتميّز بقدرتها على الزخرفة والارتجال". ستغنّي الشعار "على بلد المحبوب" و"الورد جميل" لأم كلثوم، و"لا إنت حبيبي" لفيروز، و"لقالك حد" لأنغام، كما ستقدّم ارتجالاً صوتيّاً مرافقاً لقطعة "نوى".