فرديناند هودلر.. استعادة في مئوية الرمزي الثائر

19 مايو 2018
"أرواح مخدوعة"
+ الخط -

بمناسبة مئة عام على رحيل الفنان السويسري فرديناند هودلر (1853-1918)، يقيم متحف "كونست" في بيرن ومتحف "الفن والتاريخ" (راث) في جنيف، حالياً معرضاً استعادياً ضخماً يضم مقتنيات المتاحف الثلاث من أعمال الفنان والتي تفوق المئة عمل فني، ويتواصل عرضها حتى 19 آب/ أغسطس المقبل.

كما يقام مؤتمر بعنوان "مهمة الفنان" يتناول المبادئ الجمالية التي تمتعت بها أعمال هودلر والتي جعلته يبتكر مدرسة خاصة متمردة على الرمزية التي انتمى إليها في بداياته، وأطلق عليها "الموازاتية"، والتي استوحى فيها الكثير من دراسته للطبيعة البشرية والتي طوّر من خلالها نظريته الخاصة وطبقها في أعماله.

المعرض يهتم بإظهار الكيفية التي استخدم فيها أودلر الموازاتية في أعماله، وبين أعمالها وداخلها وبين مكوّناتها، بل وبتجاوب عمل مع الآخر.

كان هودلر معاصراً لكليمت ورودان، وكان واحداً من أشهر الفنانين السويسريين في عصره، اهتم في بداياته برسم البورتريهات والتضاريس، وبعض اللوحات الرمزية، لكنه لاحقاً تبنى أسلوباً شخصياً استمده من الرمزية وفي الوقت نفسه يثور عليها."المختار"

ولد في بيرن لأب نجار وأم فلاحة، وكان الأخ الأكبر لعائلة كبيرة من ستة أطفال، ولم يتجاوز السادسة حين فقد والده واثنين من إخوته، فتزوجت أمه من رسام إعلانات للمتاجر ولوحات للسياح، وأصبح حجم العائلة 13 صبياً، ما دفع الفتى لترك دراسته والعمل مع زوج والدته، الذي تعلم منه حرفة اللون ورسم التضاريس والطبيعة.

في عمر 18 عاماً، تنقّل أودلر من بيرن إلى جنيف مشياً على قدميه، آملاً أن يجد طريقاً في الرسم والفن، كان يحضر محاضرات علمية في كلية جنيف، وينسخ رسومات الفنانين الكبار، ودرس لوحات دورر وأولباين، وبدأت حياته تأخذ مساراً جديداً من خلال كتاباته التي قدّمها عن أعمال شهيرة مؤثرة في تاريخ الفن، وسافر إلى عدة بلدان لدراسة لوحات أساسية.

ظل أودلر يرسم البورتريهات والتضاريس، إلى أن رسم لوحة "ليل" التي ميزت عمله واعتبرت منعطفاً في مخيلته الرمزية، وتصوّر أشخاصاً نائمين وبينهم واحد يهدده طيف جاثم على صدره كما لو كان الليل نفسه أو الموت. وفي معرض جماعي أقيم عام 1891 في جنيف، قدم هودلر "ليل"، لوحته هذه المليئة بالعراة كانت بمثابة "فضيحة" جعلت عمدة جنيف يطالب وقتها بإزالة هذا "العار" وسحبت اللوحة على الفور من المعرض.

لكنه حمل هذه اللوحة إلى باريس بعد أشهر قليلة وعرضها في "ًصالون باريس" لتجلب انتباه رودان وتجعله بمثابة مفاجئة المعرض وفنانه الأول.

أسلوب هودلر يعتمد على التناغم والإيقاع الذي اعتقد أنه يشكل أساس المجتمع البشري، أمر سنلمسه في أعماله المختلفة ومن بينها "المختار"، تظهر فيه الشخصيات مرتبة بشكل متناظر في أشكال توحي بالطقوس أو الرقص. أما المرأة فقد تصوّر هودلر باعتبارها تجسيداً للرغبة في الانسجام مع الطبيعة، في حين أن الطفل أو الشاب يمثلان البراءة والحيوية، ولم ينس هودلر أن يجسد الموت في معظم لوحاته، فرأيناه في "أرواح مخدوعة" و"التعب من العيش"، و"ليلة خريف"؛ فيظهر مرة على شكل طيف جاثم، أو عسكر في مسيرة، أو صف من رجال يرتدون أثواباً احتفالية يسيرون في موكب، أو طريق تغطيه الأوراق المتساقطة.

المساهمون