فتوى السيستاني أججت الطائفية ولم تنصر الجيش العراقي

29 يوليو 2014
مليشيات موالية للتيار الصدري (سكوت بيترسون/getty)
+ الخط -

فشلت فتوى "الجهاد" التي أطلقها المرجع الديني الشيعي، علي السيستاني، قبل نحو شهر، في مساندة حملة الجيش العراقي، أو دفعه نحو تحقيق أي تقدّم ملحوظ في مواجهته مع الفصائل المسلحة، غير أنّها نجحت إلى حدّ كبير في رفع مستوى الاحتقان الطائفي والتحريض، بحسب ما يؤكّد مسؤولون في الجيش العراقي لـ"العربي الجديد".

ويقول العقيد الركن، ناصر الجبوري، العامل في الفرقة السابعة في الجيش العراقي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجماعات المسلحة لا تزال تسيطر على نحو 45 في المئة من مساحة العراق، إذا ما أخذنا بالاعتبار أن مساحة الأنبار وحدها تعدل 33 في المئة من العراق، وهم يتنقلون بين الحدود العراقية والسورية، وكأنها قطعة واحدة في كثير من المناطق".

ويؤكد أن "العمليات العسكرية في الإجمال نجحت منذ نحو شهر في إيقاف الزحف الى بغداد وسامراء ومدينة الدجيل، لكن لم يتم استرداد أية مدينة كالموصل والفلوجة وتكريت والقائم وغيرها"، مبيناً أن "سلاح الجو يبدو أكثر فاعلية من القوات الموجودة على الأرض، رغم  قصر يده في الوصول الى المناطق البعيدة من القواعد الجوية بسبب قِدم الطائرات".

ويضيف الجبوري أنه "وصل أكثر من 220 ألف متطوع إلى وحدات الجيش على ضوء فتوى السيستاني التي أطلقها الشهر الماضي، لكنهم لم يحققوا ما كانت الحكومة تطمح إليه لاسباب عدة، أولها المساحات الشاسعة التي يسيطر عليها المسلحون، ثم افتقار غالبيتهم للخبرات العسكرية، ورفضهم المشاركة في القتال داخل المناطق السنية، وإصرارهم على التوجه إلى مناطق ومدن تضم المراقد الدينية فقط"، لافتاً الى أنّ "دور المليشيات الساندة للجيش كحزب الله والمهدي والعصائب، أكبر وأكثر تأثيراً من المتطوعين".

وكان المرجع الديني، علي السيستاني، قد أعلن في الرابع عشر من الشهر الماضي فتح باب "جهاد الكفاية" لمساندة الجيش ضدّ الجماعات المسلحة، وانخرطت أولى وجبات المتطوعين بشكل فعلي يوم 29 من الشهر نفسه، وفقاً لبيان أصدرته حكومة نوري المالكي المنتهية ولايتها.

وفي السياق نفسه، يؤكّد النقيب في الجيش العراقي، صائب حسين، وهو ضمن قوة مكلفة حماية مدينة سامراء شمال بغداد، أن المتطوعين باتوا ثقلاً طائفياً على المدينة. ويقول لـ"العربي الجديد" إن "غالبية المتطوعين جاءوا من بيئة دينية متشددة، ويفتقرون للانضباط العسكري ولا يمكن السيطرة عليهم، كونهم لا يخضعون للأوامر العسكرية".

ويضيف حسين أنّ "المتطوعين لا يجيدون التمييز بين المسلّح والمدني المسالم، ويعتبرون الجميع أعداءهم، وهذا الشيء يفقد الجيش جميع حواضنه الشعبية في مدن شمال وغرب وبعض من وسط العراق".

ويذكر ضابط آخر في وزارة الدفاع لـ"العربي الجديد" أن "الفصائل المسلّحة بما فيها تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) تستمر في الاستيلاء على البلدات والمدن لكن بشكل بطيء، عكس ما كانت عليه الشهر الماضي". ويضيف الضابط، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "السبب في ذلك يعود الى امتصاص الجيش الصدمة، فضلاً عن حشود المتطوعين". ويتابع "من الخطأ القول إن فتوى الجهاد لم تحقق شيئاً؛ صحيح أنهم لم يحققوا الهدف المنشود، لكنهم ساهموا في إبطاء حركة الجماعات المسلحة على أقل تقدير".

من جهته، ينتقد القيادي في حزب "النهضة" العراقية، ناصر الغراوي، فتوى الجهاد باعتبارها "مؤجّجة للطائفية". ويضيف الغراوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "منذ شهر لم تتمكن قوات الجيش والميليشيات المساندة لها من تحقيق أي تقدّم على الأرض، لكنها ساهمت في إحداث شرخ طائفي جديد داخل المجتمع العراقي وزادت من حدة الانقسام داخل المجتمع".

ويبين الغزاوي أنّ "الدولة لا يمكن أن تبنى على أساس ديني، والأمن لا يمكن أن يسترد بفتاوى الجهاد، التي زادت من تشنّج موقف السنة، وحتى الأكراد". ويؤكّد أن "الحكومة كان عليها أن تسعى الى كيفية فصل الجماعات المسلحة العراقية عن (داعش)، وفتح حوار معها، لكنها وضعتهم في سلة واحدة، وهذا غباء لن يجر إلا الى مزيد من الدم في العراق".

وبما أنّ المتطوعين مؤدلجين، تحركهم النعرات المذهبية، فقد حامت حولهم شبهات بارتكاب جرائم وانتهاكات، وهو ما يؤكّده مدير منظمة "السلام لحقوق الانسان" محمد علي، الذي يتهم المتطوعين الجدد بارتكاب جرائم وانتهاكات بملف حقوق الانسان بالعراق. 

ويقول علي لـ"العربي الجديد" إن"المنظمة رصدت عشرات الانتهاكات التي تورط بها المتطوعون، تبدأ بعمليات ابتزاز مواطنين وسرقة منازل وتنتهي بعمليات إعدام ميدانية لمعتقلين ومشتبه بهم وحتى مواطنين عاديين يتم قتلهم على الهوية". ويضيف أنّ "جيش المتطوعين والمليشيات من بعدها بات يشكل ثقلاً كبيراً على العراق، ومن الصعب السيطرة عليه، فيما بعد انتهاء الأزمة".

المساهمون