فائض عنصرية بريطانية

28 يونيو 2019
+ الخط -
مجدّدا تتحفنا الكاتبة البريطانية اليمينية، كيت هوبكنز، بعنصريتها الفائضة، هذه المرة في غير الشأن البريطاني. في حديثها لقناةٍ إسرائيلية، دعت إلى حل الدولة الواحدة، لا على قاعدة التعايش بين سكانها، ولا على أساس المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، بل بإخراج كل الفلسطينيين من "أراضي إسرائيل". وتمادت بالقول إن إسرائيل تحتاج إلى مزيد من الأراضي للتوسع، بعد طرد من فيها من حملة السكاكين. كيت هوبكنز معروفة بآرائها العنصرية الكارهة للفلسطينيين والعرب، كتبت في أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف عام 2014: "العرب يطلقون الصواريخ على إسرائيل من داخل المستشفيات والمدارس، ويجلبون النيران لتسقط على رؤوس ناسهم". وكتبت في مناسبة أخرى: "الفلسطينيون منهمكون بطعن الإسرائيليين بالسكاكين، عن أي دولتين تتحدثون؟ إنهم قوارض قذرة تختبئ تحت إسرائيل، حان الوقت لاستئناف القصف".
وسبق للكاتبة في صحيفة ذا صن (الشعبية الصفراء) أن وصفت المهاجرين في سفن الموت بـ"الصراصير". وكتبت "لا، لا تهمني صور التوابيت، والجثث الطافية على سطح البحر، ولا تهمني الأجساد النحيلة والوجوه الحزينة".
سيدة الأعمال، وخبيرة التسويق التي تبحث عن الإثارة، نجحت في استفزاز مشاعر كثيرين، وهي تدعو الى استخدام البوارج الحربية لمطاردة قوارب المهاجرين ودحرها إلى حيث جاءت. صاحبة المواهب المتعدّدة، وخرّيجة كلية ساند هيرست الملكية، تخاطب الهاربين من الحروب الأهلية، وثالوث الفقر والمرض والجهل: على من يبحث عن الحياة الأفضل أن يكون مبدعاً، ويجتهد لتحسين حياته هناك في شمال أفريقيا. وفي عنصريةٍ فاقت الفاشية والنازية، على حد تعبير صحيفة إندبندنت، تمضي السيدة الشقراء، صاحبة العينين الزرقاوين، والمظهر الأرستقراطي، بالقول: لا ينبغي أن يخدعنا نحول أجسامهم أو مظاهرهم الحزينة البائسة، هؤلاء المهاجرون مثل الصراصير، لهم قدرة هائلة على البقاء، حتى لو ألقيت عليهم قنبلة ذرية.
ولم يفت هوبكنز، في حديثها أخيرا لقناة "إسرائيل 24"، الربط بين ما تواجهه إسرائيل من أخطار وما تشهده أوروبا من تصاعد المد الإسلامي وتنامي موجات معاداة السامية، على حد زعمها.
المتابعون لنشاط هوبكنز، والعارفون بشغفها بلفت الانتباه، ولو بتبنّي أفكار عنصرية، يعتبرون أن السيدة التي سبق أن هاجمت الأشخاص البدينين، ومن يعانون من احتياجات خاصة، لا يمكن أن تتوقف عن سلوكها إلا بتجاهلها تماماً، لأن الرد عليها يمنحها شعوراً بالنجاح والتفوق، ويمنحها مزيدا من أوكسجين الشهرة. ولا يتفق الكاتب في صحيفة إندبندنت، سايمون يوزبورن، مع موقف "اللا رد"، ويرى أن كيت هوبكنز صنعت بذكاء شعبية و"علامة تجارية" شخصية، عبر إطلاق وجهات نظر استفزازية، تميل إلى تشويه سمعة من لا تحب، وأفضل طريقة للرد عليها هي عدم الرد على الإطلاق. ولكن عندما تفتح إحدى الصحف القومية، ذات العلامة التجارية المميزة، وواسعة الانتشار، صفحاتها لنشر هذه المواقف التي تتفوق على "الهتلرية"، فإن الأمر لا يحتمل السكوت، وبالضرورة يستدعي الرد. ووصفت الكاتبة بريوني غوردن هوبكنز "إنها وحشٌ من صنع أيدينا.. وإذا كنا نريد تغيير سلوكها، علينا تغيير سلوكنا أولاً".
تحاول الكاتبة أن تثبت نجاحها بعدما طردت من برنامج لتلفزيون الواقع، يبحث عن شخصيات ناجحة لقيادة مشاريع تجارية. وقد طردت، بعدما سمعت كلاماً محرجاً من الحكم الرئيسي في البرنامج، رجل الأعمال اللورد شوجر. أما صحيفة ذا صن فوجدت في شخصية كيت هوبكنز، الباحثة عن الإثارة والنجومية، فرصة لاستقطابها، ومنحها عموداً أسبوعياً تفرغ فيه حقدها على المهاجرين وغيرهم.. ولم يقتصر ظهور هوبكنز على صفحات "ذا صن"، بل فتحت قنوات تلفزيونية ومحطات إذاعية يمينية هواءها وموجاتها لآراء هوبكنز التي مدت نشاطها إلى الإعلام الإسرائيلي.
وحده الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، معجبٌ بالكاتبة اليمينية التي تقاسمه عنصريته تجاه المهاجرين، وتشاركه كرهه الفلسطينيين، الأحياء منهم والأموات، ناهيك عن الشعر الأشقر المنكوش الذي بات علامة تجارية لليمين الشعبوي، يتمتع بها كذلك الشعبوي بوريس جونسون، أشرس أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وربما رئيس حكومتها المقبل.
AE03ED80-FBD8-4FF6-84BD-F58B9F6BBC73
نواف التميمي
أستاذ مساعد في برنامج الصحافة بمعهد الدوحة للدراسات العليا منذ العام 2017. حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة غرب لندن في المملكة المتحدة. له ما يزيد عن 25 سنة من الخبرة المهنية والأكاديمية. يعمل حالياً على دراسات تتعلق بالإعلام وعلاقته بالمجال العام والمشاركة السياسية، وكذلك الأساليب والأدوات الجديدة في توجيه الرأي العام وهندسة الجمهور.