فؤاد بلمودن: قراءة في مستقبليات المنجرة

02 مايو 2016
(المنجرة في بورتريه لـ عماد حجاج/ العربي الجديد)
+ الخط -

لم يحظ علم المستقبليات في البلاد العربية بعد باهتمام الكافي إذ لا يزال في الغالب مبادرة فردية، كما هو الحال مع المفكر المغربي مهدي المنجرة (1933 - 2014) الذي يعد منجره، على مستوى التراكم على الأقل، أهم تجربة عربية في مجال المستقبليات.

ضمن فعاليات المنتدى الفكري التاسع الذي نظّم في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الرباط تحت شعار "الدراسات المستقبلية عند المهدي المنجرة: نحو امتلاك رؤية مستقبلية بأفق حضاري أصيل"، واختتم أول أمس، ألقى الباحث المغربي في المستقبليات فؤاد بلمودن محاضرة عاد فيها إلى أهم عناصر مشروع المنجرة ومقوّماته.

يعتبر بلمودن أن منجز المنجرة يقوم بالأساس على قراءات تكاملية تعتمد الأساليب الكمية والمعيارية في دراسة سيناريوهات المستقبل. يضيف بأن القدرة على المزج بين الاختصاصات العلمية كالاقتصاد والعلوم العمرانية والرياضيات وغيرها هي من أهم أدوات الباحث في المستقبليات، وفي غياب هذا المزج يترهل البناء الفكري في هذا المجال وتغيب عنه المصداقية.

يكشف بلمودن أيضاً عن خاصية ثانية في منجز المنجرة وهي التأنيسية، حيث أن صاحب "قيمة القيم" كان يؤمن أن محرّك المستقبل هو تنمية العامل البشري، وإلا فقد سيطرته على ما حوله ودخل في تبعية تمنعه من صياغة رؤية للمستقبل. يضيء بلمودن هنا بعضاً من مقاربات المنجرة في التربية والسياسة والثقافة.

يرى كذلك أن المنجرة تميّز عن بقية الباحثين العرب في هذا المجال بوضعه فكرة الانسجام مع الثقافة المحلية كأولوية لديه، ليتطرّق المتحدّث إلى مسألة نقد المنجرة للحداثة حيث اعتبرها منتجاً أحادياً لا يمكن اعتباره معطى إنسانياً، وأن استهلاكه من دون تدبّر يؤدّي إلى مسخ ثقافي وهو ما طال العالم العربي، خصوصاً في مرحلة العولمة التي كان صريحاً في اعتبارها هيمنة تحت ستار الاقتصاد.

نقد الحداثة والعولمة أفضى بـ بلمودن إلى الحديث عن ضرورة استقلالية المستقبليات العربية وتجاوز المهينة الغربية فيها. يلفت الباحث المغربي إلى أن المنجرة كان حريصاً أن لا يتحوّل علم المستقبليات إلى عملية ترحيل لمشاكل اليوم إلى الغد، وهو ما سمّاه بـ "المستقبليات التبريرية" التي تستغلها الأنظمة في تأبيد حكمها.


المساهمون