غَسلُ الضمير

14 أكتوبر 2016
بدأ كاميرون وبلير عملهما "الخيري" (عبير سلطان/فرانس برس)
+ الخط -
كلما سمعت عن سياسي تفرّغ لأعمال الخير، قفز إلى ذهني السؤال عن دوافع أو دواعي تنامي هذه الظاهرة بين السياسيين الغربيين، وفي بريطانيا تحديداً. فما أن يخرج أحدهم عن خشبة المسرح السياسي، أو يسقط عنها، حتى يعود ليظهر في مشهد آخر بمظهر "رجل الخير" و"راعي المبادرات الخيرية".

بالأمس، وبعد غياب قصير وخجول، عاد رئيس الوزراء البريطاني المستقيل، ديفيد كاميرون، إلى واجهة العمل العام، وهذه المرة من خلال "التبرع" بالمشاركة في الأعمال الخيرية التي تخدم المراهقين. وقال كاميرون، الذي أوقع بريطانيا في مطب "بريكست"، وترك البريطانيين يتخبطون في ظُلمة مستقبل غامض، إنه قبِل بأداء وظيفة دون مقابل في صندوق هيئة خدمات المواطنين المحلية، الذي يشجع المراهقين الذين تراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً، على المشاركة في الأعمال التطوعية والتنمية الاجتماعية، من خلال المخيمات المكثفة.

أما رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، الذي أغرق بريطانيا في وحل أفغانستان والعراق، وخرج من الحياة السياسية ليدير إمبراطورية مالية، عاد بالأمس، وقد "استفاق" ضميره ليعلن التخلي عن إمبراطوريته للاستشارات والعلاقات العامة، وتوجيه 80 في المائة من نشاطاته نحو الأعمال الخيرية، عبر مؤسسة "الإيمان" الخيرية، و"مبادرة الحكم في أفريقيا" غير الربحية. أما خليفة بلير، رئيس الوزراء الأسبق غوردن براون، صاحب الحضور الباهت في الحياة السياسية البريطانية الصاخبة، فقد اختار، بعد خسارته انتخابات عام 2010، التفرغ للعمل الخيري من خلال مؤسسة باسم ابنته "سارا" لدعم جميع النشاطات الخيرية التي يقوم بها وزوجته. وعلى الجانب الآخر من الأطلسي، امتدت أيادي "مؤسسة كلينتون وزوجته الخيرية" منذ عام 2005 في أنحاء المعمورة لجمع التبرعات، في سبيل حل مشكلات العالم، بينما فشلت في حل مشاكل موظفيها، الذين أسرف بعضهم على نفسه بالفساد.

وبالعودة إلى السؤال عن دوافع الساسة للعودة إلى المشهد العام من بوابة العمل الخيري، يُمكن للمرء أن يُحسن الظن بـ"النوايا الحسنة" التي تدفع أصحاب المناصب السياسية "السابقة" للاستمرار في خدمة بلادهم ومواطنيهم، من باب الوفاء، والاستعداد للتضحية بالوقت والجهد دون مقابل. وأغلب الظن، مع أن بعضه إثم، أن بعضهم أراد التطهر من ذنوبه، وغسل ضميره، بشيء من "عمل الخير".

المساهمون