غزل البنات: متعة النظر ولذّة التذوّق

11 يونيو 2014
أحد مصانع "غزل البنات" في صيدا، جنوب لبنان
+ الخط -
يراقب الأطفال، الذين تجمهروا حول بائع غزل البنات، عملية عقد السكّر المصبوغ في جرن معدني سريع الدفع يعمل بالكهرباء، نافثاً خيوطاً هشّة طريّة بعدما يتحوّل داخله السكر والصبغة الوردية إلى حلوى زهيدة الثمن، لذيذة الطعم، فيقبلون على شرائها وسط فرح مشاهدة البائع وهو يقوم بصناعتها، ويضعها أمام عيونهم في أكياس من النايلون مختلفة الأحجام. 

و"غزل البنات" من السكريات المشهورة في مدينة صيدا منذ زمن بعيد. يتجوّل باعتها في سوق المدينة التجارية، وفي الأحياء القديمة، وأسواق المدينة الداخلية، وفي أماكن تجمّع الأطفال، تحديداً أمام المدارس، وعلى الكورنيش البحري أيّام الأعياد، وفي المهرجانات الربيعية "وكرنفالات" الأطفال الترفيهية. وهي متوافرة طيلة أيّام السنة، تماماً كتوافر رغبة الأطفال الدائمة فيها. قد يخفّ الطلب أحياناً عليها، ليس لعدم رغبة الأطفال، بل بسبب الطقس الذي قد يحرم باعتها من القدرة على التجوّل في الشوارع. 
وقد طوّر بائعوها صناعتها. ففي حين كانوا يستخدمون في السابق آلات يدوية لغزلها وبيعها، بدأوا في الفترة الأخيرة في استحداث آلات كهربائية بسيطة تساعد في إنجازها خلال وقت أقصر وبأشكال مختلفة. فالآلة الجديدة تستطيع إذابة السكّر مع الملوِّنات والنكهات المضافة بقوّة دفع مركزية. فيصير من الممكن دفع خليط السكر المذاب إلى الحواجز الجانبية لعمل "الجديلة" التي تشبه "جديلة القطن". وبعد تجميع الجدائل على عود خشبي رفيع، تصير جاهزة للبيع، أو توضع في أكياس من النايلون الشفّاف.

يشعر بائع "غزل البنات" بلذة كبيرة عندما ينهمك في صناعة العشرات منها، ليلبي طلبات الأطفال الذين ينتظرون على أحر من الجمر الانتهاء من غزلها في وقت قصير، لتناولها من يد البائع، ومباشرة ومن دون سابق إنذار تدخل أفواههم وتختفي.

ويقول البائع المتجول إنّ "الأطفال يحبّون طعمها الحلو، وشكلها الرائع ولونها اللامع، فيقبلون على شرائها، فنبيع كميات كبيرة منها في وقت قصير، وهذا النوع من السكريات يلقى رواجاً في الأعياد والمناسبات والمهرجانات".

يتوقف عدد كبير من أهالي الأطفال أمام عربة البائع، نزولاً عند إلحاح أطفالهم بشراء "غزل البنات". يقول أحد الاهالي إنّ "الأطفال يتلذّذون بمشاهدة البائع وهو يصنعها، فالمشهد يجمع بين متعة النظر ولذّة التذوّق لتكتمل الفرحة، وهي فوق ذلك رخيصة الثمن ولذيذة".

أحياء صيدا القديمة تشتهر بصناعة هذه الحلوى رغم أنّ محترفيها لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة، فيقف الباعة أمام عرباتهم نهاراً وقد تدلّت منها أكياس كثيرة استعداداً للبيع، وينادون عليها بلا كلل.

المساهمون