غزة: الدمار النفسي يطال طلاب المدارس

غزة

يامن سلمان

avata
يامن سلمان
25 اغسطس 2014
A50D1946-19A4-4345-B105-2E90D81C8A30
+ الخط -

"أود استكمال الدراسة، لكنّ رغبتي تختفي عندما أطالع ما يجري في القطاع من قتل ودمار، نفسيتي مدمرة جراء ثلاث حروب عشتها"، تلك هي قصة الفتى أحمد زمو (14 عاماً) من غزة بايجاز.
أحمد، كغيره من مراهقي القطاع، يعيش وضعا نفسيا صعبا. كثيرة الأزمات التي تحيط به. العدوان الإسرائيلي المتتابع يخلّف الكثير من المشاكل التي لا يمكن لمراهق في مثل عمره أن يتجاوزها بسهولة.
أحمد واحد من خمسة وثمانين في المائة من الأطفال الذين "لا يشعرون بأمان داخلي ويعانون التوتر والخوف وعدم القدرة على النوم ليلاً" بحسب باحثين، مما يؤثر سلباً على قدرتهم على مواصلة الدراسة، وربما الحياة.
عانى أحمد في الفترات الأخيرة من الدراسة، من تراجع مستواه بعد أن كان يوما من المتفوقين. حاول الفتى أن يستعيد تفوقه، وأمّن له أهله حصصا من الدروس الإضافية، لكن محاولتهم باءت بالفشل.
يقول لـ"العربي الجديد": "كلما فكرت في وضع القطاع أشعر بعدم جدوى الدراسة".
أما عايش الضبع (16عاما) فيشعر بعزلة داخلية ولا يتطلع لتعدد الصداقات. الفتى لا يرغب سوى بالسفر إلى أوروبا. يقول "كل ما نمر به من ظروف تدفعني للبحث عن مخرج، ولا أجد غير حلمي بالسفر والبعد عن الهموم والمشكلات اليومية".
من جهته، تلقى محمد الغول (16 عاما) علاجا نفسيا قبل عامين، بعد انتهاء عدوان 2012، عندها أصيب بانهيار عصبي لفقدانه أخيه.
يشعر محمد اليوم أنّه يفقد أخاه مجددا فيعيش حالة من عدم الاستقرار النفسي تصيبه بتوتر شديد.
كما زادت حالة التوتر والقلق لدى أسرة محمد الصفدي (15 عاما) في العدوان الحالي. يتلقى الفتى جلسات علاجية مكثفة منذ أربعة أعوام، فيما الحرب الحالية زادت حالته سوءاً لعدم تمكنه من متابعة العلاج.
تقول والدته لـ"العربي الجديد" إنها تخشى أن تطول الحرب فتزيد سوء حالة نجلها، التي بدأت مع دمار منزلهم في منطقة تل الهوا واستشهاد أخيه عام 2009. تضيف "بعد انتهاء الحرب الأولى انعزل في غرفته، وباتت ردود فعله عنيفة جداً تجاه ما لا يعجبه".
حالة محمد ارتدّت إيجاباً على دراسته التي انكبّ عليها دون أيّ اهتمام آخر، فبات جلّ تركيزه على التفوق. لكن مع الابتعاد نهائياً عن أية علاقات اجتماعية.
يشير المختص النفسي أحمد زيادة إلى أن تدهور الصحة النفسية الطويل الأمد للمراهق يؤدي إلى شعوره بالعجز وعدم القدرة على الاستيعاب. ويوضح أن هذا التدهور النفسي يؤدي بشكل مباشر إلى حالة من العزلة تصل إلى الكآبة، فيما تؤثر في قدرته على التفكير الإبداعي، وتوصله شيئاً فشيئاً إلى الإحباط.
أجرت المختصة النفسية في برنامج "غزة للصحة النفسية"، ندى عمرو، دراسة على عدد من المراهقين الذي عايشوا الحربين السابقتين، وتوصلت إلى أن خمسة وثمانين في المائة منهم لا يشعرون بالأمان الداخلي، ويعانون التوتر ليلاً بسبب القصف الذي يمنعهم من النوم، مما يؤدي إلى "خلخلة" شخصياتهم وصحتهم النفسية.
وأوضحت في دراستها أن "تأثيرات الحرب على الأطفال والمراهقين قاسية، فهي تنتج الكثير من الرعب والقلق ولا تترك لهم أي فرصة للشعور بالأمان، ما يزعزع نظرتهم إلى المستقبل".
ويرى أستاذ التربية وعلم النفس في جامعة الأقصى درداح الشاعر أن تعدد الأزمات في سنوات المراهقة تصيب بالأرق وتخلف الكوابيس والخوف والعزلة.
ويلفت إلى أن "هناك أمراضا جسدية يعاني منها المراهقون، هي بالأساس نفسية المنشأ، فالقلق والخوف وغيرها يمكن أن تؤدي بالمراهق إلى فقدان الشهية، كما قد تسبب له أمراضا معوية ومشكلات في المثانة، وقد تصيبه بمرض عقلي".
وحذّر من خطورة عدم اللجوء إلى العلاج النفسي، مشددا على دور العائلة في تعزيز ثقة المراهق بنفسه حتى يتجاوز مخاوفه ويتمكن من مواصلة الحياة.

ذات صلة

الصورة

مجتمع

اضطرت عائلة في غزة مبتورة الأطراف إلى النزوح باتجاه مخيم النصيرات وسط قطاع غزة بعد تدمير منزلها في مدينة رفح (جنوب) رغم صعوبة الأوضاع والحركة
الصورة
الحرب حرمت طلاب غزة من امتحانات الثانوية العامة ودمرت العديد من المدارس، 20 يونيو 2024 (الأناضول)

مجتمع

بدأ نحو 50 ألف طالب وطالبة، اختبارات الثانوية العامة بمحافظات الضفة الغربية والمدارس الفلسطينية في الخارج، بينما حرمت الحرب طلاب غزة من الاختبارات
الصورة
ميديا بنجامين (حسابها على إكس)

سياسة

تروي ميديا بنجامين اليهودية الأميركية الأكثر شهرة في التضامن مع غزة حادثة قاسية حصلت معها وغيّرت مجرى حياتها لتصبح الناشطة الأبرز في معارضة الحروب.
الصورة
مخيم جباليا يعاني من دمار واسع، 1 يونيو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

أعلنت لجنة طوارئ البلديات، في شمال قطاع غزة، اليوم الأحد، أن منطقة جباليا وبلدة بيت حانون شمالي القطاع، أصبحتا "مناطق منكوبة"، نتيجة الحرب.
المساهمون