لجأت الحكومة العمانية إلى خطة لسد عجز الموازنة العامة المتوقع بنحو 8% من إجمالي الناتج المحلي، منها تقليص المصروفات الإدارية وتخفيض بنود الإنفاق، لكي تتجنب رفع الدعم عن المشتقات النفطية، ويأتي ذلك رغم تهاوي أسعار النفط على المستوى العالمي.
وحسب محللين، يرجع أهم أسباب ابتعاد الحكومة عن المساس بدعم الوقود إلى مخاوف من ردة فعل الشارع الذي قد تثقل هذه الخطوة ظهره بأعباء جديدة، وسط زيادة ملحوظة في ارتفاع الأسعار والمتطلبات الاستهلاكية.
ويقول المتخصص في الشؤون الاقتصادية أحمد كشوب، لـ "العربي الجديد"، "إن المواطن العماني يتتبع الشأن الاقتصادي عن قرب، واتخاذ خطوة كهذه ستؤثر على مصالح المواطنين،
في ظل غلاء المعيشة القائم وارتفاع الأسعار، وبالتالي يتوقع منه ردود أفعال غاضبة في حالة المساس بالدعم". وشهد معدل التضخم بالبلاد خلال يناير/كانون الثاني، الماضي ارتفاعاً نسبته 0.4% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، حسب إحصائيات رسمية.
اقرأ أيضاً: انعدام الجدوى يؤرق شركات النفط في عُمان
واستبعد كشوب اتخاذ خطوة رفع الدعم عن المشتقات النفطية خلال العامين القادمين، معتبراً أن الوضع المالي يسمح بمواجهة الأعباء، خاصة بعد اتخاذ الحكومة قرار تقليص المصروفات الإدارية والعمومية والقروض، والتوجيه بتخفيض بنود الإنفاق بنسبة 15% على مدى الستة شهور المقبلة، ما يساهم في وضع حلول جيدة على المدى القريب.
وقالت وزارة المالية في وقت سابق إن الإنفاق الحكومي هذا العام يقدر بمبلغ 14.1 مليار ريال (36.6 مليار دولار) بزيادة %4.5 مقارنة مع خطة ميزانية عام 2014، وتوقعت المالية أن تبلغ الإيرادات 11.6 مليار ريال بانخفاض 1%، ليبلغ العجز المتوقع 2.5 مليار ريال عماني؛ أي ما يعادل 8% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.
وأكد كشوب، أن رفع الدعم قرار حكومي بحت يحتاج إلى تدخل مجلسي الشورى والدولة معاً، كما يحتاج إلى إجراء دراسة موسعة في تصنيف الفئات الاجتماعية التي تستحق الحصول عليه.
وكانت هيئات اقتصادية دولية بينها صندوق النقد الدولي أوصت في وقت سابق بضرورة اللجوء إلى تحرير الدعم عن بعض المشتقات، وفي طليعتها دعم المشتقات النفطية والبنزين، لسد عجز الموازنة.
ونفى وزير النفط والغاز محمد الرمحي، خلال مؤتمر صحافي عقده منتصف إبريل/نيسان الماضي، أن تكون هناك نية لرفع الدعم عن المشتقات النفطية لمواجهة تحديات العجز.
وبدأت الحكومة في البحث عن بدائل أخرى مؤقته خلال العام الجاري 2015 لسد العجز، ومنها الاقتراض من الصناديق الاحتياطية والسوق المحلية، بالإضافة إلى المنح الخارجية وطرح سندات وصكوك إسلامية.
واتجهت عمان مؤخرا إلى تنويع مصادر الدخل من خلال خطوات عملية بما يضمن تجنب رفع الدعم عن النفط، وتمثلت أبرز هذه الخطوات في المضي بتفعيل استثمارات صندوق الاحتياط العام للدولة (تبلغ قيمة أصوله أكثر من 13 مليار دولار ) بفتح مكاتب في أفريقيا للبحث عن استثمارات ناجحة ومباشرة.
ويستثمر الصندوق الاحتياطي للدولة في أكثر من 25 بلدا حول العالم (ماعدا الأصول قصيرة الأجل) منها 30% في أميركا و28% في أوروبا و9% في آسيا، والباقي في مختلف دول العالم مقابل عوائد بلغت 20% للصندوق.
وقامت عمان مؤخراً بخفض معونات الغاز الطبيعي لبعض المنتجين الصناعيين، كما تدرس خفض بعض المعونات الأخرى وتشكل معونات الطاقة 74% من إجمالي المعونات التي تصرفها السلطنة والتي بلغت ملياري ريال، خلال عام 2014. كما تعتزم الحكومة خصخصة بعض شركات القطاع العمومي التابعة لقطاع النفط.
اقرأ أيضاً: سلطنة عمان تراهن على الغاز المسال