غابت عناوين عين العرب السورية، (شمال حلب بنحو 150 كلم وشرق نهر الفرات بنحو 30 كلم) عن وسائل الإعلام المحلية والعالمية ومنابر المسؤولين، بعد أن تحولت الأزمة إلى إنسانية ومعيشية تتعلق بعودة نحو 150 ألف لاجئ هربوا إلى تركيا من حرب دول التحالف بقيادة أميركا على داعش لفترة امتدت حوالي 4 شهور، لتترك مصائرهم كما هو حال معظم
السوريين، رهناً بمصالح دولية وإقليمية.
وتمكنت قوات كردية متحالفة مع تشكيلات من الجيش الحر من استعادة السيطرة على البلدة وطرد داعش في نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي، بتغطية جوية من طيران التحالف الدولي.
وحسب أحد سكان عين العرب، نزار مصطفى، "يعيش العائدون أوضاعاً معيشية صعبة نظراً للكم الهائل من التدمير الذي شهده الجزء الجنوبي والشرقي للمدينة، ومعظم النازحين يسكنون في الحي الغربي الأقل ضرراً من الحرب".
وقال مصطفى لـ "العربي الجديد"، يعتمد العائدون على المساعدات بعد تسجيل أسمائهم واحتياجاتهم لدى اللجان التي تتكفل بإيوائهم في بيوت الحي الغربي مع بعض الأسر، وتوزع الخبز والغذاء الذي يصل عبر بوابة "مرشد تينار" التركية من بلديات تركية أهمها بلدية ديار بكر وبعضها من جمعية برزاني الخيرية.
وأضاف مصطفى العائد وأسرته لعين العرب، بعد أن تحررت في الثامن من الشهر الماضي أن سكان عين العرب يعانون اليوم من قلة المساعدات، التي توزع بشكل مجاني، وعدم توفر الكهرباء التي تشغل لساعات على المولدات واعتمادهم على مياه الآبار "لأن المعبر يغلق لساعات من الجانب التركي ولا يسمح إلا بدخول الغذاء والمساعدات الإنسانية".
وحسب تقرير للأمم المتحدة فإن 1206 مبان طالها الدمار، فيما أُصيب 1169 آخر بأضرار جسيمة في البلدة من خلال تحليل أولي لصور الأقمار، وأن أكثر من 3 آلاف مبنى دمر أو أصيب بأضرار.
وقد تشكلت في كوباني بعد التحرير، لجنة إعادة إعمار تابعة للإدارة الكردية الذاتية والثانية مستقلة، لتقديم المساعدات للعائدين وإحصاء الأضرار للبدء بالترميم تمهيداً لإعادة إعمارها، بهدف استقدام سكانها النازحين قبل اجتياحها من الدولة الإسلامية "داعش" والمقدرة أعدادهم بنحو 150 ألف نسمة نزح قلة منهم إلى القرى المجاورة وجلهم إلى الحدود التركية والذين بدأ يعاني من عاد منهم من ظروف معاشية سيئة.
ويقول الناشط الميداني، سردار ملا درويش، تعاني القلة التي رجعت إلى "كوباني" من عدم توفر الخدمات والسلع إلا التي تصلهم عبر المساعدات، ولا يمكننا الحديث عن الأسعار، لأن
المساعدات توزع مجاناً وكذا الخبز بعد تشغيل فرنين في المدينة.
ويضيف ملا درويش لـ "العربي الجديد"، ما زالت المنطقة شبه خالية حتى الآن من السكان الذين ينتظرون تجهيز شروط عودتهم، والسماح لهم بالعودة بعد أن دمرت مئات المباني كلياً وجزئياً، ووجهت لجنة الإعمار نداء للعالم كي يتم تسليط الضوء على دمار كوباني، فضلا عن
التوجه بشكل مباشر إلى "المرجعية السياسية الكردية" المكونة من الأحزاب الكردية ومجلسي شعب غربي كردستان والمجلس الوطني الكردي، كي يقوموا بتأمين إعادة إعمار المدينة.
كما دمرت الحرب بنى زراعية في المدينة التي اشتهرت بزراعة القطن والقمح واللوزيات، وضمت منشآت للصناعات الغذائية وصناعة الآلات والمعدات الزراعية.
ويقول وزير الإدارة المحلية بإدارة الحكم الذاتي في عين العرب مصطفى عبدي، لـ "العربي الجديد"، عاد نحو 15 ألف من إجمالي النازحين، ليسكنوا في المنطقة الغربية من المدينة بشكل جماعي مع بعض الأقارب والأسر في المدينة، أو في القرى المجاورة نظراً لسهولة الترميم وقلة الخراب "ليس بإمكاننا تحمل أعباء المزيد الآن، ولو فتحنا الباب ستعود أعداد هائلة ولا قدرة لدينا الآن على استيعابها وتأمين سكن ومستلزمات لها".
ويضيف الوزير تعمل هيئة إعادة الإعمار مع اللجان التي تشكلت، على المسح والإحصاء لمعرفة حجم الأضرار والخسائر، ونحن بصدد تجهيز ملف كلي لتقديمه للمنظمات الدولية والرأي العام، إذ لا تمويل لدينا حتى الآن وكل ما في الأمر لا يتعدى الوعود.
اقرأ أيضا: الأسعار في دوما السوريّة الأغلى عالمياً
وتنحصر مطالبة كل من تواصل معنا لتقديم المساعدات في فتح طريق وممر لعبور المساعدات، وحتى الآن لا يوجد طريق إلا عبر تركيا، ورغم أنها بلد جار لكننا لم نتوصل لنتيجة نهائية إلا لدخول المواد الغذائية ووفق ترتيبات هم من يحددها.
وحول سؤال لـ "العربي الجديد" حول إمكانية التنسيق مع نظام بشار الأسد في حملة إعادة الإعمار رد عبدي قائلاً، توجهاتنا معروفة وواضحة، نحن معارضة وقيادتنا السياسية مع الثورة ونحن جزء من سورية وإعادة الإعمار والاستقرار مرتبط بالوضع الكلي الذي تعانيه البلاد، وإمكاناتنا في كوباني محدودة، فإعادة الإعمار يحتاج لآليات وطرق، وأي جهة مانحة تطلب ضمانات، لذا بدأنا بالإحصاء وحصر الأضرار لأنها هائلة على صعيد البنى التحتية من صرف
صحي وماء وكهرباء وطرقات وحتى أبنية.
وعن آخر عمليات إحصاء حجم الدمار في المجالات المختلفة وما خلصت إليه اللجان ختم عبدي: انتهت، اللجان المتخصصة حتى الآن، من إحصاء خسائر المباني العامة "حكومية"، فعلى سبيل المثال وعلى صعيد تدمير المدارس فقد تم تدمير 4 مدارس بشكل كلي، بالإضافة إلى تدمير عدد من المدارس جزئياً، ويتم حالياً، إحصاء الأضرار بالكهرباء والزراعة وبقية القطاعات.
ومن جانبهم طالب مراقبون بضرورة فتح ممرات إنسانية عاجلة للنازحين، وشدّدوا على ضرورة ضمان سلامة الراغبين في العودة وإشراف الأمم المتحدة على عملية إعادتهم، وتقديم جميع الاحتياجات المطلوبة، بالإضافة إلى تسريع وتيرة إعادة إعمار المباني والمنشآت والمنازل ونقل النازحين تدريجياً إليها.