18 سبتمبر 2019
عيد اللاجئين
تمثل الأعياد مناسبات جليلة عند عامة المسلمين، وتلتف حول جموعهم سعادة غامرة وفرحاً بقدومها، إضافة إلى أنها فرصة عظيمة لتوديع الهموم والأحزان، والترويح عن النفس المجهدة من مكابدة مشاقّ الحياة، وتساعد على تقوية التراحم والتواصل الاجتماعي والمادّي والمعنوي، ما يزيد من تماسك المجتمع ويقوّي بنيانه بقوة تماسك أفراده.
يستغلّ المسلمون هذه المناسبات لإحياء صلة الرحم وزيارة الأهل والأقارب، وتجديد العلاقات بين المعارف والأصدقاء، لأن الإنسان مدني بطبعه واجتماعي بفطرته، لذلك فالحاجة إلى الاتصال والتواصل مع الآخرين حاجة أساسية فطرية، ولا توجد أمة بلا أعياد تحتفل بها، تعلن فيها فرحتها، وتحفزها لتنشيط ذاكرتها وترسيخ الثقة والاعتزاز بأمجادها، إلا أن حال اللاجئين مغاير في بلاد الغربة فكثير من العائلات يخيّم عليها مشاعر الحزن، وتحتشد الحسرات والمواجع ويؤرق مضاجعها كابوس الألم، ومنهم من يعتبره ضيفاً ثقيلاً عليه وهو في الغربة.
وأحدث الاغتراب الذي يعيشونه غصة في قلوبهم، وحزناً يبدو واضحاً في عيونهم، من جراء ما تعيشه بلادهم من أحداث دامية، تبدّد مظاهر الاستعداد لفرحة عيد الفطر، الذي بات بالنسبة لهم يوماً حزيناً وعصيباً يمر ببطء، بعيداً عن الأهل والأقارب والوطن.
كثير على أيّ منّا أن يحمل على كاهله هموم أمسه ويومه وغده، فكأنه لم يكفه ما هو عليه من واقع وحاضر مؤلم يتجرّع مرارته كلما جاءت مناسبة كالعيد أو غيره من مناسبات، ليجد نفسه في حال المرتحل الذي تجتمع عليه صنوف الألم والعذاب الممزوج بالحنين إلى أيام وبيوت وأمكنة، كانت تجمع الأهل والأقارب والأصحاب والجيران وسلسلة ذكريات تضيف جرحًا فوق جراحه، ولسان حاله يقول:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ/ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ/ فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ
هذا هو حال اللاجئ في كل سنة وعند حلول كل عيد، فكل عائلة تتذكر فقيدها وغائبها أباً كان أو أخاً أو ابناً، هذا ما يشعر به اللاجئ في الغربة عندما تعود به الذاكرة إلى الأحداث التي مرّت عليه وما زالت جاثمة على صدره ومخيلته، أحداث يفوق وقعها آلاف الكلمات كم قيدته ومنعته من بهجة العيد وفرحته المسلوبة.
وسط هذه المشاعر، يستقبل اللاجئون الأعياد والمناسبات، فيتوزعون هم وأحزانهم في مختلف قارّات العالم. وقد خلّفت الصراعات آثاراً مدمرة على الشعوب وأدّت إلى تغيير حياتهم، وزادت في معاناتهم وبؤسهم، وحملت في صدورهم وذاكرتهم قصصاً وحكايات وعذابات وآلاماً في كل محطة من محطات نزوحهم ولجوئهم لتصبح صور المعاناة جزءاً من عيشهم كالطعام والشراب والهواء.
هجّرت الحرب السورية اللاجئين الفلسطينيين السوريين، ما بين لبنان والأردن ومصر وتركيا وليبيا والسودان وتايلاند وماليزيا والسويد والدنمارك، وألمانيا وبريطانيا وهولندا وفنلندا وسويسرا، وفرنسا والبرازيل وتشيلي وكندا وغيرها، ناهيك عن معاملة السفارات العربية والإسلامية للاجئين الفلسطينيين، إذ تعرقل معظم سفارات الدول المجاورة لسورية إصدار أي تأشيرة لدخول اللاجئين الفلسطينيين السوريين، سواء القادمون منهم من أوروبا أو من سورية، ما يجعل لقاء أي لاجئ بأسرته أمراً في غاية الصعوبة.
آلاف العائلات هاجرت وتشتّتت وفقدت إحساسها بالاستقرار والأمان، وأصبح كثير منها يعيش على هامش الحياة في مجتمعات جديدة غريبة زادت غربتهم وهموهم، فلم تكد تسلم أسرة فلسطينية من تشرّد وتشتت معظم أفرادها على دول العالم، وكذلك نزوح الآلاف من العائلات داخل المدن وخارجها.
لقد سلك اللاجئ الفلسطيني سبلاً شتى بحثاً عن الأمن والسلامة والكرامة، فمنهم من حالفه الحظ في السفر والرحيل والتشرد في تغريبة جديدة، وآخرون كانت البحار مقابر لهم وآخرون لهم قصص وحكايات أدّت إلى تغيير حياتهم وتجسدت فيها تعقيداتٌ كثيرة، وأحدثت حالة من الشرخ العميق على مختلف المستويات، وأفرزت آثارها الكارثية على أهم مؤسسة اجتماعية، الأسرة، ولا سيما أن ضحايا كثيرين كانوا أرباب أسر، وكان لهم الدور الأساس في بقاء أسرهم وتماسكها، سواء كان المسؤول عنها أباً أو أخاً أو من ينوب عنهما، أو كليهما في الغالب.
حكاية العيد في الغربة مغموسة بالآلام، والفرحة منقوصة، ولن تكتمل ما دام الواقع باقياً على حاله، لهذا كم يستوجب الوقوف أمام ما يتعرض له اللاجئ الفلسطيني من استهدافٍ لقيمته، لا يمكن الصمت عن أحواله، وخصوصاً أن المآسي اليومية التي يتعرّض لها لم تعد مشاهدها خافية على أحد.
يستغلّ المسلمون هذه المناسبات لإحياء صلة الرحم وزيارة الأهل والأقارب، وتجديد العلاقات بين المعارف والأصدقاء، لأن الإنسان مدني بطبعه واجتماعي بفطرته، لذلك فالحاجة إلى الاتصال والتواصل مع الآخرين حاجة أساسية فطرية، ولا توجد أمة بلا أعياد تحتفل بها، تعلن فيها فرحتها، وتحفزها لتنشيط ذاكرتها وترسيخ الثقة والاعتزاز بأمجادها، إلا أن حال اللاجئين مغاير في بلاد الغربة فكثير من العائلات يخيّم عليها مشاعر الحزن، وتحتشد الحسرات والمواجع ويؤرق مضاجعها كابوس الألم، ومنهم من يعتبره ضيفاً ثقيلاً عليه وهو في الغربة.
وأحدث الاغتراب الذي يعيشونه غصة في قلوبهم، وحزناً يبدو واضحاً في عيونهم، من جراء ما تعيشه بلادهم من أحداث دامية، تبدّد مظاهر الاستعداد لفرحة عيد الفطر، الذي بات بالنسبة لهم يوماً حزيناً وعصيباً يمر ببطء، بعيداً عن الأهل والأقارب والوطن.
كثير على أيّ منّا أن يحمل على كاهله هموم أمسه ويومه وغده، فكأنه لم يكفه ما هو عليه من واقع وحاضر مؤلم يتجرّع مرارته كلما جاءت مناسبة كالعيد أو غيره من مناسبات، ليجد نفسه في حال المرتحل الذي تجتمع عليه صنوف الألم والعذاب الممزوج بالحنين إلى أيام وبيوت وأمكنة، كانت تجمع الأهل والأقارب والأصحاب والجيران وسلسلة ذكريات تضيف جرحًا فوق جراحه، ولسان حاله يقول:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ/ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ/ فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ
هذا هو حال اللاجئ في كل سنة وعند حلول كل عيد، فكل عائلة تتذكر فقيدها وغائبها أباً كان أو أخاً أو ابناً، هذا ما يشعر به اللاجئ في الغربة عندما تعود به الذاكرة إلى الأحداث التي مرّت عليه وما زالت جاثمة على صدره ومخيلته، أحداث يفوق وقعها آلاف الكلمات كم قيدته ومنعته من بهجة العيد وفرحته المسلوبة.
وسط هذه المشاعر، يستقبل اللاجئون الأعياد والمناسبات، فيتوزعون هم وأحزانهم في مختلف قارّات العالم. وقد خلّفت الصراعات آثاراً مدمرة على الشعوب وأدّت إلى تغيير حياتهم، وزادت في معاناتهم وبؤسهم، وحملت في صدورهم وذاكرتهم قصصاً وحكايات وعذابات وآلاماً في كل محطة من محطات نزوحهم ولجوئهم لتصبح صور المعاناة جزءاً من عيشهم كالطعام والشراب والهواء.
هجّرت الحرب السورية اللاجئين الفلسطينيين السوريين، ما بين لبنان والأردن ومصر وتركيا وليبيا والسودان وتايلاند وماليزيا والسويد والدنمارك، وألمانيا وبريطانيا وهولندا وفنلندا وسويسرا، وفرنسا والبرازيل وتشيلي وكندا وغيرها، ناهيك عن معاملة السفارات العربية والإسلامية للاجئين الفلسطينيين، إذ تعرقل معظم سفارات الدول المجاورة لسورية إصدار أي تأشيرة لدخول اللاجئين الفلسطينيين السوريين، سواء القادمون منهم من أوروبا أو من سورية، ما يجعل لقاء أي لاجئ بأسرته أمراً في غاية الصعوبة.
آلاف العائلات هاجرت وتشتّتت وفقدت إحساسها بالاستقرار والأمان، وأصبح كثير منها يعيش على هامش الحياة في مجتمعات جديدة غريبة زادت غربتهم وهموهم، فلم تكد تسلم أسرة فلسطينية من تشرّد وتشتت معظم أفرادها على دول العالم، وكذلك نزوح الآلاف من العائلات داخل المدن وخارجها.
لقد سلك اللاجئ الفلسطيني سبلاً شتى بحثاً عن الأمن والسلامة والكرامة، فمنهم من حالفه الحظ في السفر والرحيل والتشرد في تغريبة جديدة، وآخرون كانت البحار مقابر لهم وآخرون لهم قصص وحكايات أدّت إلى تغيير حياتهم وتجسدت فيها تعقيداتٌ كثيرة، وأحدثت حالة من الشرخ العميق على مختلف المستويات، وأفرزت آثارها الكارثية على أهم مؤسسة اجتماعية، الأسرة، ولا سيما أن ضحايا كثيرين كانوا أرباب أسر، وكان لهم الدور الأساس في بقاء أسرهم وتماسكها، سواء كان المسؤول عنها أباً أو أخاً أو من ينوب عنهما، أو كليهما في الغالب.
حكاية العيد في الغربة مغموسة بالآلام، والفرحة منقوصة، ولن تكتمل ما دام الواقع باقياً على حاله، لهذا كم يستوجب الوقوف أمام ما يتعرض له اللاجئ الفلسطيني من استهدافٍ لقيمته، لا يمكن الصمت عن أحواله، وخصوصاً أن المآسي اليومية التي يتعرّض لها لم تعد مشاهدها خافية على أحد.