عيد الأم أم الألم في خربة مكحول!

20 مارس 2015
+ الخط -

في "خربة مكحول"، وهي واحدة من عشرات التجمعات السكانية الرعوية في الأغوار الفلسطينية، تجلس ثلاث أمهات بين ركام بيوتهن التي هدمتها إسرائيل قبل أيام، واحدة منهن طفلها في بطنها، والأخريات يحاولن عبثا لملمة أطفالهن عن الأرض، تخيل أن تقول لهن وسط كل هذا: "كل عام وأنتن بخير".

تقول ريما بشارات التي هدمت جرافات الاحتلال بيتها المصنوع من الصفيح (الزينكو) صباح الأربعاء الماضي، وما زالت حتى الآن من دون مأوى لها ولطفلتها الصغيرة: "سمعت به، نعم سمعت أن هناك عيدا للأمهات، لكن من يسمعك تسأل عن الأعياد، يظن أننا نعيش في هناء، انظر الخراب حولنا، لم نذق من حياتنا إلا مرارها".

وهجمت جرافات الاحتلال المحروسة بالجنود والشرطة، على خربة مكحول التي تسكنها ريما، في وقت مبكر من صباح الأربعاء، وخسفت 4 بيوت في الخربة من أصل 8 يسكنها رعاة فلسطينيون مع عائلاتهم.

وقال برهان بشارات "لقد دمروها، لكننا سنبنيها من جديد، هذه ليست المرة الأولى التي يهدمون فيها الخربة، ربما الخامسة، فقبل عام ونصف مسحوها عن الأرض بالكامل، وأعدنا بناءها، ليس أمامنا سوى إعادة البناء، أو الموت في الجبال والوديان".

وريثما يعيد الرجال بناء خربتهم، تنشغل ريما وجاراتها في الحفاظ على أطفالهن، "أخاف على طفلتي في العراء من البرد ومن كل شيء، البارحة نمنا بين الركام، لكن في النهاية ربنا هو الحامي".

وتتجول إحدى أمهات الخربة، وهي أكبرهن سنا، تبدو في السبعينيات من العمر، بين البيوت المدمرة بصمت، طوال الوقت تسير ببطء في خط واحد ذهابا وإيابا من أول الخربة إلى آخرها، تتوقف قليلا عند أكوام الحديد، تنبشها بعصاها الغليظة التي تتكئ عليها، ترد كوفيتها التي تطيرها الريح، وتمضي في مشوارها الثابت بصمت ثقيل.

تتابع ريما حديثها "الأمهات في الأغوار همهن الوحيد حماية أطفالهن من الجيش، أنا تزوجت في الخربة قبل ثلاث سنوات فقط، هدم الاحتلال خلالها بيتي مرتين، وهدموا بيوت جاراتي أيضا".

في أعلى قمة محاذية للخربة، بنت إسرائيل معسكرا كبيرا لجيشها، وفي الأغوار التي تسيطر إسرائيل على 95 في المائة من مساحتها، عدة معسكرات تدريب لجيش الاحتلال، وعدة مستوطنات ينزعج مستوطنوها من ضوء قنديل الكاز في خيام الفلسطينيين، فيهدمونها ويشردون سكانها الذين يعيشون حياة بدائية.

"تسألني عن عيد الأم؟"، تستنكر ريما وتمضي متأبطة طفلتها الصغيرة إلى أغراضها المنثورة في قاع الأرض.

المساهمون