عودة المتنمرين إلى المدرسة

13 سبتمبر 2018
النشاطات غير الصفّية مطلوبة (بول بيرسيباش/ Getty)
+ الخط -
بينما يعود التلاميذ إلى المدرسة في بلدان عديدة حول العالم في شهري سبتمبر/ أيلول، وأكتوبر/ تشرين الأول، يحاول كثيرون من بينهم التأقلم مع الحياة المدرسية بكلّ ما فيها من دروس واختبارات وواجبات منزلية، ونظام عام، والتزام بالمواعيد.

في المدرسة أيضاً حياة اجتماعية متكاملة تتسم بعلاقات كثيرة إيجابية بين الزملاء الذين يتحولون إلى أصدقاء تجمعهم اهتمامات مشتركة في ما يرتبط بالدراسة أو يبتعد عنها. هي علاقات تشكل جزءاً أساسياً من عملية التربية بشقها المرتبط بالتنشئة الاجتماعية خصوصاً.

لكن، مع هذه الحياة الاجتماعية المتكاملة، ترتفع حدة المضايقات، ولا تقتصر على عمر معين بل هي متواصلة منذ رياض الأطفال حتى الثانوي الثالث. فمع عودة التلاميذ إلى المدرسة، يعود المتنمرون معهم، وهم أولئك الذين يتسلطون على زملائهم، فيصطادون الأضعف من بينهم منذ بداية العام الدراسي ليجعلوا منه ألعوبتهم.

كثيرة هي أساليب التنمر، منها السخرية التي تتفرع فروعاً عديدة، كالسخرية من التلميذ المجتهد والكسول والمتردد والخائف. ومنها السخرية من لهجته المخالفة للهجة السائدة، ومن اسمه وكنيته، ومن ملابسه وطوله ووزنه وهيئته وإطلاق الألقاب التي تعود غالباً إلى الرسوم المتحركة أو الأفلام السينمائية والبرامج التلفزيونية عليه. ومنها سلبه ما يجلب من المنزل من مأكولات ومشروبات وقرطاسية ومال. ومنها إجباره على تغشيش المتنمر في الامتحان أو كتابة واجباته المنزلية. ومنها ما يصل إلى الضرب والابتزاز والتهديد بفضح أسرار ما، يعرفها المتنمر عن ضحيته.

هي أزمة مدرسية عامة، ليست وليدة اليوم ولا مكان محدداً لها، وحلولها لا بدّ من أن تكون تربوية أيضاً.

معاقبة المتنمر أو طرده من المدرسة ربما يحولانه إلى شخصية أسوأ، في المدرسة نفسها أو في عائلته والمجتمع ككلّ الآن ولاحقاً. وفي المقابل، يبدو من غير الواقعي - في معظم الأحيان - الطلب إلى ضحية تنمر أن يواجه المتنمر، فهو في الأساس وقع ضحية له تبعاً لفوارق عديدة تفصل بينهما وتجعل من المتنمر ذا سلطة عليه، كما أنّ دفعه إلى الإبلاغ عن المتنمر ربما يجعله ضحية انتقام مضاعف.




الحلّ في يد المدارس لجعل صفوفها وملاعبها بيئة آمنة للجميع بالتساوي، وإن تطلّب الأمر زيادة النشاطات غير الصفية من ألعاب رياضية ومسابقات وتحفيز وتدريب عليها، وإضافة حصص توجيهية تفاعلية، وتعيين المزيد من الموظفين القادرين على رصد ضحايا التنمر والمتنمرين للتعامل مع كلّ حالة بنفسها من دون تعميم وأشكال عقاب إلغائية نمطية.

لعلّ هذا يساهم في الحلّ ويمنع تحول الضحايا إلى متنمرين بدورهم.
المساهمون