عودة الحديث عن مجلس رئاسي بالجزائر: 4 أسماء متداولة

24 ابريل 2019
حمروش مقتنع بضرورة موافقة الجيش على أي حل(العربي الجديد)
+ الخط -
تدلّ التطورات والمؤشرات السياسية في الجزائر على اتجاه لتأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليو/تموز المقبل، وبدء التفكير في تنفيذ حل سياسي يتيح تشكيل مجلس رئاسي وحكومة مستقلة إلى حين توفير ظروف تنظيم الاستحقاق الرئاسي، فيما بدأ التداول بأسماء عدد من الشخصيات التي يمكن أن تؤدي دوراً في المرحلة الانتقالية. إعلان الرئاسة الجزائرية عن إمكانية تأجيل الانتخابات لأسابيع عدة، بناء على توصيات ندوة المشاورات السياسية التي نظمتها أول من أمس، في ظل مقاطعة واسعة من قبل القوى السياسية والمدنية، ساهم في فتح المجال أمام بدء التفكير في حل يتجاوز النص الدستوري، وطرح إمكانية تشكيل مجلس رئاسي مصغر يضم شخصيات مستقلة متوافقا عليها. وبغض النظر عن العزلة السياسية التي فرضتها القوى السياسية المعارضة، وحتى تلك المحسوبة على نظام عبد العزيز بوتفليقة، على رئاسة الدولة ممثلة في عبد القادر بن صالح، وكذا الحظر الشعبي المفروض على حكومة نور الدين بدوي، فإن انتهاء عهدة رئيس الدولة المؤقت، التي يحددها الدستور بـ 90 يوماً، أي في التاسع من يوليو المقبل، تفرض ضرورة التوافق على حل سياسي.



ولا يتيح الدستور أي تمديد لولاية رئيس الدولة الانتقالي، ولا يسمح له بممارسة أية صلاحيات بعد هذا التاريخ، وبالتالي فإن خطر الفراغ الدستوري، دفع بالفاعلين السياسيين إلى مطالبة الجيش، السلطة الفعلية في الوقت الحالي في البلاد بنظر كثر، إلى تنفيذ حل سياسي يبدأ باستقالة بن صالح المرفوض سياسيًا وشعبياً وحل حكومة بدوي، وتكليف مجلس رئاسي يتولى إدارة مرحلة انتقالية محدودة تساعده فيها حكومة كفاءات مستقلة.
وفي السياق، قال نصر الدين حمدادوش، القيادي في حركة مجتمع السلم (أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر)، في حديث مع "العربي الجديد": "سنكون أمام حتمية الحلول السياسية وتراجع الحلول الدستورية، لأن الأخيرة أثبتت أنها غير ناجعة". وذكّر بأنه "يوجد رفض لبن صالح ولحكومة بدوي، سياسياً وشعبياً"، قبل أن يضيف "نستطيع القفز على الدستور إذا استدعت الأوضاع ذلك، لكن لا نستطيع القفز على الشعب". ولفت إلى أنه "يتعين على المؤسسة العسكرية رفع تحفظاتها والسماح بالحل السياسي"، مقراً "بوجود تباين بين تصورات الجيش لتسيير المرحلة، وبين خيارات الشعب والقوى السياسية". وقال إن "أبواب الحوار والتواصل والتشاور مغلقة، لكن لا بد أن يتحمل الجيش مسؤولية التردد والبطء في التناغم مع مطالب الشعب الجزائري".

واللافت أن القوى السياسية في الجزائر ظلت تطالب منذ بداية الحراك الشعبي، في 22 فبراير/شباط الماضي، بالبدء الفوري بمرحلة انتقالية محدودة يديرها مجلس رئاسي. وتعزز هذا المطلب بعد إعلان الرئيس في ذلك الحين عبد العزيز بوتفليقة إلغاء الانتخابات الرئاسية في 11 مارس/آذار الماضي، ثم استقالته من منصبه في الثاني من إبريل.
وتعتقد المعارضة، بحسب البيان الصادر عن اجتماعها الثامن يوم الأربعاء الماضي، أن هذا الحل السياسي هو الوحيد الذي سيسهم في السماح بانتقال سلس للسلطة بموافقة من الجيش، لكن المؤسسة العسكرية ظلت متحفظة على خيار كهذا، خصوصاً أنها تعتبر أن القائد السابق لجهاز المخابرات، الفريق محمد مدين، يقف وراء طرح فكرة المجلس الرئاسي.

وتعرض مدين لانتقادات من قبل المؤسسة العسكرية بسبب خلافات حادة مع قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، والذي وجه يوم الثلاثاء الماضي له بدون أن يسميه، "آخر إنذار"، محذراً إياه من أنه "في حالة استمراره في هذه التصرفات، ستتخذ ضده إجراءات قانونية صارمة"، في إشارة إلى ما يعتبرها الجيش مساعي من مدين لعرقلة حل الأزمة. لكن تأكيد قائد أركان الجيش، الثلاثاء الماضي أيضاً، أن "الآفاق مفتوحة أمام كل الحلول الممكنة" يفهم منه بحسب مراقبين أنه موافقة مبدئية بشأن إمكانية تجاوب الجيش وتجاوزه الإطار الدستوري وطرح حل سياسي.

وفي كواليس المشهد، تطرح أربعة أسماء مرشحة لعضوية هيئة رئاسية مؤقتة في حال تم التوافق عليها بين الجيش والقوى السياسية لإدارة المرحلة الانتقالية، أبرزهم رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، وهو شخصية سياسية بارزة، أدار حكومة الإصلاحات بين عامي 1990 و1991، وترشح للرئاسة في الانتخابات التي جرت عام 1999، والتي حملت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى سدة الحكم. وكان حمروش قد نشر قبل أيام رسالة سياسية مطولة قدم فيها موقفه من الأزمة السياسية وطرق تجاوزها، وأسند بالغ الدور إلى الجيش. ويؤكد حمروش في مجمل مواقفه أنه لا يمكن طرح وتنفيذ أي حل سياسي دون توافق مع المؤسسة العسكرية.

وفي إطار الحديث عن الشخصيات المؤهلة لأداء دور في المرحلة الانتقالية، يحضر اسم وزير الخارجية السابق، أحمد طالب الإبراهيمي، هو شخصية بارزة عمل مع الرئيس الراحل هواري بومدين كوزير للثقافة ثم وزيراً للخارجية في عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد. وعانى الإبراهيمي، خلال فترة حكم بوتفليقة من الاضطهاد السياسي بسبب مواقفه المنتقدة للأخير وسياساته، ولخلافات تاريخية لها صلة بتشجيع وزير الخارجية السابق مجلس المحاسبة في أغسطس/آب عام 1983 على إجراء عملية تقييم مالي لمصاريف وزارة الخارجية في عهد بوتفليقة بين سنوات 1965 حتى عام 1979، انتهت إلى إدانته.

وقالت مصادر تحدثت مع "العربي الجديد" إن اتصالات أولية أجرتها شخصيات معارضة مع الإبراهيمي بشأن إمكانية مشاركته في مجلس رئاسي أفضت إلى أنه "لن يعرِض نفسه، لكنه لن يمانع في المساعدة". كما يطرح اسم وزير الاتصال السابق، عضو تكتل المعارضة، عبد العزيز رحابي، والذي عمل مع بوتفليقة في بداية عهدته الرئاسية الأولى وقدم استقالته لرفضه بعض توجهاته السياسية. وكان اسم الرئيس السابق ليامين زروال، الذي أدار الجزائر بين ديسمبر/كانون الأول 1994 وإبريل 1999مطروحاً، لكنه أعلن قبل أسبوعين في رسالة إلى الرأي العام تعففه عن العودة إلى مباشرة مهام سياسية بسبب سنه.

كذلك يطرح في الكواليس اسم رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، لشغل منصب رئيس حكومة مستقلة تشرف على تسيير الشأن العام في فترة مؤقتة. وتساهم ثلاثة معطيات في تعزيز حظوظ بن بيتور والدفع به إلى الواجهة الحكومية بديلاً لبدوي، أولها أنه يحظى بتوافق كافٍ من قبل القوى السياسية المختلفة وكذا الحراك الشعبي. وثانيها يعود إلى خبرته السياسية، إذ كان قد شغل نفس المنصب بين أغسطس/آب 1999 وسبتمبر/أيلول 2000. وكان قدم استقالته من منصبه بسبب خلافات حول الخيارات الاقتصادية وطرق صرف الأموال العامة من قبل بوتفليقة.

أما ثالث العوامل التي تصب في صالحه فتتمثل في خبرته في إدارة الشأن الاقتصادي، إذ يعد بن بيتور خبيراً اقتصادياً عمل سابقاً في صندوق النقد الدولي ويطرح في الغالب خططاً اقتصادية في الاستفاة من الموارد المالية. ويعتقد مراقبون أن الجيش، الذي أبدى ليونة في قبول الحل السياسي، يبحث عن آليات إحداث هذه الهيئة الرئاسية. وبحسب الوجه البارز في الحراك الشعبي، مصطفى بوشاشي، فإن الجيش يمكن أن يعلن عن ذلك عبر اجتماع للمجلس الأعلى للأمن، مشيراً في تصريح للصحافيين إلى أن مطلب المجلس الرئاسي شعبي وسياسي والجيش يمكنه أن يعد بياناً بذلك، لكنه اشترط أولاً استقالة عبد القادر بن صالح.