عوائق

21 سبتمبر 2015
زول سولار/ الأرجنتين
+ الخط -

أسير في طريق جبلي وأترك لرِجليّ مهمة قيادتي. تجول عيناي بين الأشجار والعصافير والحجر. تظهر في الأفق أولى صور مدينة من بعيد. أرهف النظر لتمييزها جيداً. أحس بأن تلك المدينة تجذبني. دون أن أعرف السبب، أشعر بأنني أستطيع العثور على كل ما أحلم به في تلك المدينة.

توجد كل مرامي وأهدافي ومكاسبي وطموحاتي وأحلامي في تلك المدينة. كل ما أريد الحصول عليه، وما أحتاجه، وأكثر شيء أريد أن أكون، وكل ما أتطلع إليه، والشيء الذي أعمل من أجله، وكل ما أطمح إليه، والشيء الذي سيكون أكبر نجاحاتي.

أتصوّر مع نفسي أن كل هذا يوجد في تلك المدينة. أبدأ بالسير صوبها من دون أن أشك لحظة. بعد السير قليلاً، أصل إلى مرتفع. تعبت بعض الشيء لكني لا أهتم. أواصل طريقي. ألمح طيفاً أسود بعيداً في الطريق. عند اقترابي أرى حفرة كبيرة تعيق طريقي.

أخاف... أشك. يغيظني أن مبتغاي لا يُبلغ بسهولة. على كل حال أقرّر القفز عن الحفرة. أتراجع أندفع وأقفز... أنجح في تخطّيها. أعتدل وأواصل سيري. بضع أمتار إلى الأمام، تظهر حفرة جديدة. أعود للاندفاع وأقفز أيضاً. أركض صوب المدينة: يبدو الطريق أوضح الآن وبلا موانع.

بعد قليل أتفاجأ بوجود هاوية تمنعني من الاستمرار في السير. أتوقف. من المستحيل القفز لتخطي هذه الهاوية. أرى في أحد الجوانب وجود ألواح ومسامير وعدة. أتفطن إلى أنها وضعت هناك لبناء جسر. لم أكن يوماً ماهراً في استعمال يدي... أفكر في التنازل عن أحلامي. أرى الهدف الذي أريد بلوغه... وأقاوم.

أبدأ ببناء الجسر. تمر ساعات أو أيام أو شهور. أصبح الجسر جاهزاً. أعبر الجسر بانفعال وعند وصولي للجهة المقابلة.... أكتشف وجود سور.

سور عملاق وبارد ومبتلّ يحيط مدينة أحلامي بالكامل... أشعر أني منكسر النفس... أبحث عن طريقة لتفاديه. ولا أجد مَخرجاً. عليّ صعوده. المدينة باتت على مرمى حجر مني... لن أدع السور يحرمني من العبور إليها. أقترح بيني وبين نفسي أن أتسلقه. أرتاح دقائق معدودات وآخذ نفساً طويلاً...

سرعان ما أرى في أحد جوانب الطريق طفلاً ينظر إليّ كأنه يعرفني. يبتسم إليّ بنوع من التواطؤ. هذا الطفل يذكرني بنفسي... عندما كنت طفلاً. ربما لهذا السبب، أتشجّع للتعبير بصوت مرتفع عن شكواي.

لماذا كل هذه العوائق الكثيرة بيني وبين هدفي؟

يرفع الطفل كتفيه، ويجيب: لماذا تسألني أنا؟ هذه العوائق لم تكن موجودة قبل مجيئك... أنت أحضرتها معك.

• خورخي بوكاي Jorge Bucay كاتب أرجنتيني ولد سنة 1949 في بوينس آيريس. وهذه القصة مأخوذة من مجموعته "قصص للتفكير".

ترجمة عن الإسبانية: إبراهيم اليعيشي

دلالات
المساهمون