عن أبو النجا وباسم ومحمد عطية... وغيرهم من الشاذين

27 ديسمبر 2014
التهم جاهزة لمن يتجرأ على انتقاد النظام (فيسبوك)
+ الخط -
غداً عندما يعود الغاضبون إلى مقاعدهم سالمين، غداً عندما تهدأ موجة التضامن، وغداً عندما يترك المتضامنون هاشتاغاتهم وبوستاتهم، لتتابع الحياة دورتها العادية... لن يتغير شيء. سيتابع النظام في مصر، من خلال القضاء والإعلام والأمن... لعبته المفضّلة: تشويه صورة معارضيه، أو منتقديه.

يعرف النظام جيداً ماذا يفعل، يتقن لعبة التشويه إلى درجة الاحتراف: خالد أبو النجا طالب بإسقاط النظام، فصدر قرار معاقبته. وفي مجتمعات عربية تعشق التلصص على الخصوصيات، الجنسية بشكل خاص، أعيدت نغمة المثلية الجنسية، ألصقت بأبو النجا على شكل تهمة. طبعاً لا مجال لمناقشة صحة الخبر أم عدمه، ولا مجال لمناقشة مواضيع الحرية الشخصية هنا.

حصل ذلك أيضا مع محمد عطية. الفنان الشاب الذي اعترف بنفسه أنه لم يعمل على مسيرته الفنية بالاجتهاد المطلوب، عوقب ووسم بـ"الفشل" لأنه قرر معارضة هذا النظام، وانتقد الرئيس عبد الفتاح السيسي. لكن التهمة لم تلق الرواج المطلوب، فتم اللجوء لموضوع المثلية الجنسية أيضاً. لم لا؟. فـ"التهمة" تبيع عند الجمهور.

ثمّ جاء باسم يوسف. دقت ساعة استكمال لعبة الانتقام. بعد إيقاف برنامجه، بقيت صورة باسم جميلة في ذهن كثيرين: الإعلامي الساخر الذي رفض مهادنة النظام، حتى ولو أدى ذلك إلى خروجه من ساحة الضوء. لكن خروجه من الضوء لم يبدُ كافياً، أريد إخراجه من البلاد. وهو ما حصل. ترك باسم القاهرة، ليصوّر بعدها على أنه "هارب من وجه العدالة" أو "سارق"، حتى الساعة لم ترسُ التهمة على برّها الأخير.

لوحق إلى خارج البلاد، صدر قرار بتغريمه 8 ملايين دولار في قرار بدا سياسياً منذ صدوره، وتأكد ذلك بعد قراءة نص القرار الذي تطرق إلى مواضيع مرتبطة بحرية التعبير، ودور البرامج الساخرة... نفض الغبار عن التهم وأخرجت من صناديقها. 

طبعاً لم يهتمّ أحد إلى أن باسم مجرد شاهد على العقد مع قناة "سي بي سي"، لن يهتمّ أحد إلى الطريقة الوقحة التي زجّ فيها في القرار التحكيمي... كل ذلك غير مهمّ: "باسم سارق وهارب وجبان، محمد عطية فاشل، خالد أبو النجا "شاذ" (طبعاً لا يستعملون كلمة مثلي)... وتكر السبحة لتشمل أسماء كثيرة أخرى. أسماء شاذة حقاً. شاذة عن حفلات الرقص والتطبيل للنظام. شاذة عن هستيريا التصفيق التلقائي. شاذة عن صحافة يراد لها العودة إلى ما قبل الثورة بكثير. وشاذة عن فن وفنانين أقاموا ولائم الاحتفال بعد صدور حكم البراءة لحسني مبارك وعصابته... الأسماء الشاذة وحدها ترسم ابتسامة صغيرة (جداً) على وجوهنا.
المساهمون