تحت شعار "بوركبة.. نضج الفن"، افتتح معرضه في الثامن والعشرين من الشهر الماضي في رواق "بي سي كا" في مدينة مراكش، ويتواصل حتى الثامن والعشرين من شباط/ فبرابر المقبل، والذي يتزامن مع معرضه المقام حالياً في الرباط، ويطرحان تصوّراً كلياً حول مساراته في الفن.
تحضر في المعرض بعض لوحاته التي اشتغلها في ستينيات القرن الماضي، بعد لقائه مع الفنانيْن الراحلين الجيلالي الغرباوي (1930 – 1971)، وأحمد اليعقوبي (1928 – 1985)، متأثراً بالتنويع الهائل في أعمالهما التي تميّزت بحيوية التجريد والقدرة على توظيف الهندسة والزخرفة الإسلامية من دون التقيّد بهما.
من هناك أقام بوركبة معرضه الأول عام 1965، في تشكيل خصوصيته في التلوين الذي يضفي على تكويناتها المجرّدة صيغة واقعية، عبر استخدامات مدروسة للرمز وتأويلاته، التي تنبع من تعليمه الديني الذي تلقّاه في مدينة مراكش، وقراءاته المكثّقة في التصوّف والفلسفة الإسلامية، حيث الفن هو تعبير عن ذاكرة جمعية تستحضر التراث في أيقونات وأشكال.
أسلوب يكّثف القلق والغموض في اللوحة، سواء في استعماله الألوان الحارّة الداكنة التي تتداخل فيها دوائر وأنصاف دوائر وخطوط متموّجة، أو في انتقاله مؤخّراً إلى ألوان أكثر تفتّحاً حيث تنساب المساحة اللونية في دينامية معبّرة عن التقلّب والالتباس في دواخل الإنسان، بل تبدو وكأنها تتماهى معها في حركتها وإيقاعاتها.
في الوقت نفسه، يحيل النضج الذي اختاره بوركبة عنواناً لمعرضه الاستعادي، إلى تأكيده على قلقه الممتدّ طيلة خمسين عاماً وانعكاساته في اللوحة، لا إشارة منه إلى اكتمال التجربة، حيث كلما اكتملت دائرة في لوحته عادت لتنفرج وتعود إلى بدايات تشكّلها من جديد.
يذكر أن حفل الافتتاح شهد توقيع مونوغرافيا تتمحور حول رحلة الفنان تحت عنوان "عمر بوركبة.. رسام ما لا يوصف"، شارك بالكتابة فيها عدد من الفنانين والكتاب والنقاد؛ من بينهم: فريد الزاهي، والراحل إدمون عمران المالح، وجون فرنسوا كليمون، ومصطفى شباك، ومراد خير الدين، وكريستين فاليت، ونور الدين بوصفيحة، وفيرونيك بار، وعزوز تنيفس.