عمر بن عبدالعزيز... منتقد بن سلمان الذي أنقذه خاشقجي

07 ديسمبر 2018
تضغط السلطات السعودية على عبدالعزيز للعودة(يوتيوب من قناة CBC)
+ الخط -
بالترافق مع صعود الأمير محمد بن سلمان نحو سدة الحكم في السعودية، وإقصائه لأفراد أسرته وسجنهم، والقيام بحملة اعتقالات هي الأكبر في تاريخ المملكة بحق المئات من الناشطين والأكاديميين والخبراء الاقتصاديين، صعد نجم المعارض السعودي المقيم في كندا عمر بن عبدالعزيز الزهراني كصوت شاب يتحدث عن انتهاكات بن سلمان لحقوق الإنسان ويطالب بالديمقراطية في السعودية.

وحصل بن عبدالعزيز، الذي لديه أكثر من 340 ألف متابع على موقع تويتر، على شهرة واسعة بعد نشر شبكة "سي أن أن" الأميركية قبل أيام لمراسلاته مع الصحافي والكاتب المعارض جمال خاشقجي، عبر تطبيق واتساب، والتي أظهرت توجيه خاشقجي انتقادات لولي العهد السعودي بما في ذلك وصفه بالوحش فضلاً عن إظهارها اتفاقهما على تأسيس "جيش النحل الإلكتروني" لمواجهة المعرفات الإلكترونية السعودية الوهمية التي يشرف عليها المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني. وتبين لاحقاً أن النظام السعودي قد اخترق هذه المحادثات بعد تجسسه على هواتف عمر بن عبدالعزيز عبر الاستعانة بتطبيقات مصممة في شركة إسرائيلية مختصة بالبرمجة. ورجحت "سي أن أن" أنه قد تكون هذه المراسلات أحد الدوافع وراء قرار تصفية خاشقجي الذي قتل في القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.


ولد عمر بن عبدالعزيز الزهراني في مدينة جدة عام 1991 حيث يعمل والده في التجارة وهو رجل أعمال يملك عدداً من المشاريع التجارية. حصل بن عبدالعزيز على فرصة الابتعاث للدراسة في كندا عام 2009 لكن مجيء انتفاضات الربيع العربي عام 2011 غيّر من تفكيره ودفعه للمطالبة بالإصلاح في المملكة العربية السعودية.

ونتيجة لمطالبات بن عبدالعزيز المتكررة بالإفراج عن المعتقلين ووضع نظام يسمح بانتخاب مجلس الشورى بدلاً من تعيين الملك لأعضائه وإنهاء القيود المفروضة على حريات الصحافة والتعبير ومطالبة أسرة آل سعود الحاكمة بتوزيع الثروة بشكل عادل، قرر النظام السعودي وقف بعثته عام 2013 وطالبه بالرجوع للسعودية "لتسوية ملفه"، وهو ما يعني اعتقاله أو إخفاءه بدون محاكمة كما فعل مع الكثير من المعارضين. ودفعت هذه التطورات بن عبدالعزيز إلى تقديم اللجوء السياسي في كندا والذي حصل عليه في عام 2014 لينطلق بعد ذلك في نشاطه المعارض بشكل أوسع.

دشّن عمر بن عبدالعزيز في العام نفسه برنامج "فتنة" على منصة اليوتيوب مطالباً بالإصلاح وتوزيع الثروات بشكل عادل ومنتقداً النظام السعودي بطريقة ساخرة، وهو ما دفع النظام السعودي لحجب قناته في المملكة ومن ثم قيام قناة "روتانا" المملوكة للأمير الوليد بن طلال آنذاك باتهامه بالقرصنة في محاولة لإغلاق قناته. وحول عمر بن عبدالعزيز غرفته التي يقيم فيها في كندا إلى استديو صغير، وقام بتصوير الحلقات التي تبلغ ميزانية كل حلقة فيها 300 دولار كان يقتطعها من راتبه الذي يحصل عليه نتيجة عمله في أحد المطاعم العربية هناك.

وحقق برنامج "فتنة" مشاهدات عالية بين الشباب السعودي الذي يعاني من البطالة والفقر والقمع، قبل أن يقرر عمر تعليق البرنامج في اليوتيوب والتركيز على منصات أكثر فعالية في الإنترنت.
واستمر عمر بن عبدالعزيز في نشاطه على موقع "تويتر"، والذي زاد بالترافق مع صعود الأمير محمد بن سلمان نحو سدة الحكم. وفضح عمر الكثير من الانتهاكات التي كان بن سلمان يرتكبها بحق الناشطين والناشطات من كافة التيارات المعارضة له ابتداء من تيار الصحوة، أحد أكبر التيارات الدينية في البلاد، وانتهاء بالتيار النسوي.

وحاول المستشار السابق في الديوان الملكي، مخطط السياسات الإعلامية في السعودية، سعود القحطاني، إقناع عمر بن عبدالعزيز بالعودة للسعودية مقابل العفو عنه، لكنه رفض قائلاً إنه "لن يبيع نفسه"، قبل أن يسافر ممثلان من الديوان الملكي إلى كندا منتصف هذا العام رفقة أحمد الزهراني شقيق عمر في محاولة لإقناعه بالعودة إلى السعودية، مؤكدين له أن ولي العهد سيعفو عنه بشكل مباشر.

واجتمع الزهراني مع المسؤولين السعوديين في أحد مقاهي مدينة مونتريال على مدى أيام، حيث استطاع بحسب قوله تسجيل 10 ساعات كاملة من المحادثات معهم على جهاز تسجيل خاص به. وطلب المسؤولان السعوديان من الزهراني مراجعة السفارة السعودية، لكن خاشقجي حذره من فخ قد ينصب له هناك.

وبعد عودة المسؤولين السعوديين رفقة شقيقه أحمد الذي كان بمثابة رهينة معهما، فوجئ عمر باتصال من عائلته يفيد باعتقال شقيقيه أحمد وعبد المجيد ومجموعة من أصدقائه للضغط عليه وتسليم نفسه للسلطات، وهو ما رفضه بن عبدالعزيز ووصفه بالابتزاز.

وبعد خروج الكاتب والصحافي الراحل جمال خاشقجي من السعودية في يوليو/ تموز عام 2017 وانتقاده لسياسات ولي العهد بشكل علني وكتاباته للمقالات المطالبة بالإصلاح في عدد من الصحف الغربية، بدأ عمر بالتواصل مع خاشقجي، حيث ألهم الصحافي الراحل عمر والعشرات من الشباب السعودي المقيم في الخارج والمنتقد للنظام الحاكم تطوير لغة خطابهم والتركيز على الجوانب الحقوقية والديمقراطية فيه. وتحول خاشقجي إلى عرّاب لعمر بن عبدالعزيز.
وبحث الطرفان خطة لتأسيس جيش إلكتروني من الشباب السعودي لمواجهة "ملشيات الذباب الإلكتروني" التي يشرف عليها القحطاني بنفسه. لكن تصفية خاشقجي بعد دخوله للقنصلية السعودية في إسطنبول أطاحت هذا المشروع.

المساهمون