لم يكن من الممكن إلا أن تنعكس هذه الحقبة من المتغيرات الجسيمة على شعر الزعنّي، فكان من أول من كتب الأغنية السياسية الساخرة والناقدة للسلطة والمنتقدة للمجتمع، وتوصف اليوم قصائده بأنها كانت بمثابة قراءة مستقبلية لما ستعيشه البلاد وما هي عليه اليوم، حتى أنه لقب بـ "شاعر الشعب" و"موليير الشرق"، و"ابن الشعب"، و"ابن البلد" لشدة ما عبرت قصائده عن واقع الإنسان اللبناني اليومي آنذاك، ويستعيد اللبنانيون قصائده مع كل انتخابات خلال العقدين الأخيرين ومن أشهرها "جدّدلو ولا تفزع.. خليه قاعد ومربع".
وبمناسبة مرور 59 عاماً على رحيله، تقيم "دار النمر للفن والثقافة" في بيروت وبالتعاون مع "نادي لكل الناس"، أمسية استعادية للشاعر، عند السادسة والنصف من مساء الثلاثاء، 11 من الشهر الجاري، وتبدأ بعرض فيلم وثائقي، ثم قراءة في تجربته.
الأمسية تنطلق بعرض الفليم التسجيلي "تحية إلى عمر الزعنّي" من إخراج رنا المعلم، ويتناول العمل مراحل مختلفة من حياته الشخصية والأحداث التي عاشها، كما يقدم قراءات من شعره وتحليلات له، وموقفه من التغيرات التي كانت تحدث من حوله، وذلك عبر مقابلات مختلفة مع شخصيات متخصصة أكاديمياً وثقافياً للحديث حول تجربته.
تلي الفيلم محاضرة يلقيها الأكاديمي وجيه فانونس تحت عنوان "عمر الزعنّي بين زمنه والحاضر"، وتتناول قراءة له في الوقت الراهن، كما يقدم "الزعني الصغير" أو سمير الزعني ورقة بعنوان "ثورة عمر الزعنّي لأجل الوطن والمواطن"، كما تشارك الإعلامية ماجدة داغر
بورقة تحت عنوان "الإرث الثقافي وذاكرة الغد".
يذكر أن الزعنّي ولد في "زقاق البلاط" في بيروت، ودرس في الكلية العثمانية وسافر للتدريس في فلسطين وترك مجلداً يضم ألف قصيدة تقريباً مكتوبة بلغة ساخرة وخفيفة حول معاناة وأوجاع الإنسان اليومية مع السلطة والفقر ومنها: "لو كنت حصان"، و"الدنيا قايمة والشعب غافل"، و"سباق الخيل"، و"خيمة كركوز".