عمال العراق بين بيئة ضارة وتشريعات غائبة

01 مايو 2016
العمل لساعات طويلة بأجور زهيدة (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -
يعمل ياسر التميمي أحد عمال البناء في العراق لساعات طويلة في بيئة غير صحية لا تراعي المعايير الأساسية للعمل. يقول لـ "العربي الجديد: "يفتقد العامل العراقي إلى بيئة صحية مناسبة، فالعمال عرضة للموت في أي وقت، فلا نقابة تحميهم، ولا دولة تسأل عنهم"، مشيراً إلى أن العشرات من العمال، فقدوا حياتهم كونهم يمارسون أعمال شاقة مثل البناء والكهرباء ونقل البضائع في الموانئ، فيما أجورهم لا تتعدى 10 دولارات يومياً.
ويضيف "تعرض العديد من العمال إلى القتل والاختطاف من داخل المشاريع، وذلك بسبب الصراعات بين رجال الأعمال والأحزاب السياسية التي تهدف إلى تعطيل هذه المشاريع، فيكون العامل البسيط الذي يبحث عن قوته اليومي ضحية هذه الصراعات، وبسبب غياب الضمانات الاجتماعية، تُرمى عائلات هؤلاء العمال في الشارع"، مشيراً في السياق عينه، إلى أن الكثير من رجال الأعمال لم يلتزموا بدفع الأجور بحجة الأزمة المالية التي تسيطر على الدولة وهذا ما أثر على أداء العامل.

انتهاكات واسعة
يتعرض العامل العراقي إلى ظلم كبير بسبب الفوضى التي تسيطر على البلد، حيث يفتقد إلى أبسط حقوقه المتمثلة بوجود بيئة صحية آمنة وضمان اجتماعي، وأجر عادل. إلى ذلك، تغيب الإحصاءات الدقيقة عن عدد العمال في القطاعين العام والخاص، إلا أن معاناة عمال القطاع الخاص كبيرة مقارنة بالقطاع العام، كونهم يهملون عند تعرضهم لأي إصابة ناتجة عن العمل بسبب غياب القوانين التي ترعاهم.
منذ العام 2014، تظاهر نحو 500 ألف عامل في المصانع العراقية للمطالبة بتسديد رواتبهم المتأخرة، خصوصاً أن الدولة تفكر بالاستغناء عن بعضهم بسبب الأزمة المالية.
يقول عامل النسيج، محمد الحلي لـ "العربي الجديد": "نتظاهر منذ أشهر لمطالبة الحكومة بإنصافنا، وصرف رواتبنا المتأخرة منذ أشهر لكن دون جدوى تذكر"، مضيفاً "إن الحكومة تتحجج بتأخر صرف الرواتب، كون الشركات التي نعمل بها خاسرة، لكن ذلك ليس ذنبنا، إنما ذنب الحكومة كونها جلبت شخصيات سياسية فاسدة لإدارة القطاع الصناعي".
ويؤكد الحلي أن العامل العراقي بات الحلقة الأضعف في البلد، فحقوقه مسلوبة من قبل الجميع (الدولة، وأصحاب العمل)، لافتاً إلى أن الدولة تفكر بالاستغناء عن عمال شركات التمويل الذاتي الذين يقدر عددهم بنحو نصف مليون وهذه سابقة خطيرة جداً.


واقع مرير
يفتقد العراق لبيئة مناسبة للأعمال، إذ لا توجد قوانين ضامنة للعامل، حيث أصبح مؤخراً تسريح العمال ظاهرة تسود المجتمع، ناهيك عن التأخر في تسديد الأجور.
يقول الخبير الاقتصادي محمد الربيعي لـ "العربي الجديد": "إن بيئة الأعمال العراقية تفتقد للشروط العمل الصحية، إذ تجد العامل يعمل لمدة 16 ساعة براتب شهري لا يتجاوز 300 دولار، ويتعرض للإشعاعات التي تؤثر على صحته، بالإضافة إلى عدم ارتداء الملابس التي تحافظ على حياته". كما يبين الربيعي أن هناك الكثير من العمال الذين انحرفوا عن أدائهم وتعرضوا للابتزاز من قبل بعض الجهات النافذة لتنفيذ أعمال خطرة جداً.
أما بشأن نقابة العمال ودورها في تأمين حقوق العمال، فيؤكد الربيعي أن النقابة شبه غائبة في الدفاع عن حقوق عمالها.

غياب التشريعات
ساهم النقص الحاصل في التشريعات القانونية في زيادة معاناة العمال العراقيين، وبحسب جاسم الحلفي أحد الناشطين في حقوق العمال فإن المشاكل التي يعاني منها العامل العراقي كثيرة، منها قلة التشريعات التي تحميه وتضمن حقوقه، وعلى سبيل المثال، لم يشرع حتى الآن أي قانون يضمن للعامل حقوقه في الضمان الاجتماعي، مشيراً إلى أن العراق مازال يستخدم القوانين السابقة التي حولت العمال من القطاع العام إلى موظفين، وانتزعت منهم حق التنظيم النقابي.
ويقول الحلفي: "يشهد البلد حركة احتجاجية عمالية منذ سنتين، فالعمال لم يحصلوا على رواتبهم التي هي بالأساس ضعيفة جداً، وهم اليوم مهددون بالطرد من العمل أو إحالة بعضهم إلى التقاعد دون تعويضات تذكر". إلى ذلك لا يختلف واقع العمالة الأجنبية في العراق، فالأخيرة تتعرض إلى انتهاكات كبيرة أسوة بالعمالة العراقية، وفي محافظة ميسان جنوبي العراق لم يحصل عمال آسيويين على رواتبهم منذ سنتين وهذا انتهاك كبير لحقوقهم، ولا يوجد من يدافع عن هذه الفئة من العمال وفق الحلفي.
أما بالنسبة إلى نقابة العمال في العراق، فالأخيرة رفضت التواصل والتعليق على ما يتعرض له العمال في بلاد الرافدين، رغم المحاولات المتكررة لتبيان موقفها من ما يجري على أرض الواقع.
المساهمون