عمال الأردن: هل من نقابات تحميهم؟

01 مايو 2016
احتجاجات عمالية في الأردن (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -
حين سُدت المنافذ، وعجز العمال عن التوصل إلى تفاهم مع إدارات بعض المؤسسات الاقتصادية والإنتاجية التابعين لها، لم يعد من خيار أمامهم سوى الإضراب أداة للضغط من أجل انتزاع الحقوق. عمال شركة أسمدة "الأبيض"، توجهوا نحو مجلس النواب الأردني، واعتصموا مطالبين النواب بالتدخل. وعلى غرارهم تحركت النقابة العامة للعاملين بالكهرباء، كما نفذ موظفو نقل الأموال في "بنك القاهرة -عمان" في خطوة مماثلة اعتصاماً مفتوحاً أمام إدارة المصرف احتجاجاً على الفصل التعسفي الذي لحق بعدد من العمال. وفي جنوب الأردن، أضرب عمال حاويات ميناء العقبة، بعد تعثر الاستجابة لمطالبهم، ولقي بعض المعتصمين معاملة سيئة، بينما تم توقيف بعضهم الآخر، في إجراءٍ، ضَرب الحريات التي ضمنها الدستور في الصميم.
نماذج بسيطة، تظهر كيف بات الإضراب آخر الخيارات الممكنة لدى عمال الأردن، وأكثر الوسائل شيوعاً في عملية إرغام الطرف الأقوى على الجلوس إلى طاولة الحوار، حيث سجلت المملكة في السنوات الأخيرة أكبر نسبة إضرابات عمالية على مستوى المنطقة.
تتميز جميع الاعتصامات والحركات الاحتجاجية في تقارب المطالب، والتي تتصدرها الزيادة على الرواتب ومضاعفة قيمة العلاوة الشهرية، وصرف رواتب مؤجلة، وتوسعة مظلة التأمين الصحي، وحماية العامل من خلال تحسين واقع العمل.
الحكومة وأصحاب العمل، وفق الخبير في قضايا العمال الحقوقية فيصل ياغي لا يحبذون وجود جسم منظّم متماسك له تأثيرات فعالة. ويقول ياغي: "عندما تم إنشاء فروع مستقلة لبعض النقابات خارج عباءة الاتحاد المعترف به رسمياً، بهدف كسر جمود التنظيم، قوبل الأمر بالرفض، بذريعة إنشاء نقابات خارج الإطار الشرعي للعمل النقابي، وظهر وكأن هناك تحالف بين الحكومة وأصحاب الأعمال ولو عبر الموقف، ما ترك أثراً سلبياً عند العمال". ويضيف: "إن معظم النقابات المهنية والعمالية، مازالت دون المستوى التنظيمي الفاعل والمؤثر، نتيجة غياب القدرة المؤسسية والتنظيمية الكافية عند بعضها، ولأسباب يمكن وصفها بضعف انتماء الأعضاء لنقاباتهم، وضعف مواردها المالية، إضافة إلى وجود ثغرات تشريعية وضغوط سياسية، تؤثر على استقلالية عملها.


منذ سنوات تطالب النقابات النشيطة الحكومة بإجراء إصلاحات، تبدأ بإقرار مبدأ العدالة وسيادة القانون وتكافؤ الفرص ورفع الحد الأدنى للأجور من 190 ديناراً إلى 300 دينار، بالإضافة إلى توسيع مظلة التأمين الصحي وتحقيق العدالة الضريبية، وتعديل التشريعات الناظمة للعمل.
غير أن هذه المطالب بقيت مجرد حراك منزوع الصلاحية في ظل واقع يصفه الخبير الاقتصادي خالد منصور بالمرير. ويقول: "انقلبت مراكز القيادة في المؤسسات على حقوق العمال وأنظمة العمل الأساسية، وفشلت فرق التفتيش في ضمان تمتع جميع العاملين وخاصة في القطاع الخاص، بالحقوق العمالية المنصوص عليها في قانون العمل". ويضيف: "بجانب انخفاض مستويات الأجور مقارنة بمستويات الأسعار، يقوم أرباب العمل باستغلال العاملين من خلال إجراءات مجحفة بحقهم".
يرتبط الأردن بأكثر من 23 اتفاقية عمل دولية، تلزم بعضها الحكومة بتحسين شروط العمل اللائق، لكن الاحتجاجات والاضرابات التي نفذها العمال كشفت وجود قصور في بعض الجوانب سواء على صعيد استقرار لوائح الأجور والتعويضات المختلفة، أو الفصل التعسفي، أو الحماية الاجتماعية.
ومع أن تعديلات عديدة طاولت قانون العمل رقم 8 الصادر عام 1996، منها إخضاع كافة العمال للضمان الاجتماعي، ومعالجة وضع المرأة العاملة من خلال صندوق الأمومة الذي يتكفل بدفع تكاليف إجازة الولادة والإرضاع، إلا أن هذه التعديلات لم ينظر إليها بجدية، وبقيت المادة 31 من القانون بمثابة رخصة أجازت لصاحب المؤسسة إذا ما أراد إعادة هيكلة مؤسسته، أن يفصل عدداً غير محدود من عمالها.
ويحاول الأردن جاهداً تعزيز امتثاله لمعايير العمل الدولية، وتحسين ظروفه في المناطق الصناعية المؤهلة وهو ما تثني عليه رئيسة مركز تمكين للدعم والمساندة ليندا كلش، غير أن وزارة العمل كما ترى كلش لم تقم حتى الآن بما يجب من أجل حماية العمال وحقوقهم، وتقول: "ما زالت الانتهاكات مستمرة، بحق أغلب النساء العاملات، كما يحدث مع العاملات في مهن التجميل والسكرتاريا والمهن الطبية المساندة، فهن يعانين من طول عدد ساعات العمل، والمعاملة السيئة، والأجور المتدنية كما يعانين من عدم توافر وسائل الصحة والسلامة المهنية، وعدم إشراكهن في الضمان الاجتماعي.
المساهمون