عاصر علي فخرو تاريخ البحرين الحديث والمعاصر وشارك في العديد من محطاته كوزير للصحة بأولى وزرات البحرين بعد استقلالها ثم وزيرا للتربية فسفيرا لبلاده ..هنا حوار مع الدكتور فخرو عن هذه المحطات وقبلها عن انتسابه لحزب البعث.
كنت أول طبيب في البحرين؟
نعم، أول طبيب بتاريخ البحرين، بمعنى الطب الحديث، كان في البحرين طب شعبي. تخرجت من الجامعة الأميركية في بيروت عام 1958 ثم ذهبت إلى الولايات المتحدة وتخصصت في الأمراض الباطنية، ثم عدت للبحرين واشتغلت سنتين ثم رجعت ثانية إلى الولايات المتحدة للتخصص في أمراض القلب، دراسة الطب أخذت 12 سنة من حياتي.
مع بداية عودتي، عينت مساعداً للمدير الإنجليزي ثم أخذت مكانه، ولما حصل الاستقلال تشكلت أول وزارة وعينت وزيراً للصحة فيها، وبقيت في وزارة الصحة 12 سنة ثم انتقلت إلى وزارة التربية والتعليم لمدة 13 سنة، ثم سفيرا لبلادي في فرنسا، ثم كنت رئيسا لمجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث لمدة 3 سنوات، ثم بعد ذلك تقاعدت، وأنا سعيد جدا بابتعادي عن العمل الرسمي والتركيز على ما أفعله بحرية تامة.
* كيف استقبلوك في البحرين كأول طبيب؟
بترحيب، كان الطب في البحرين متأخرا وكان الناس منزعجين من مستوى الطب فنظروا إلي كطاقة طبية وطنية.
كان في البحرين مستشفيات كمستشفى الإرسالية الأميركية، ومستشفى للبريطانيين، وكان هناك أطباء عندهم عياداتهم الخاصة، وطبعا الخدمات الطبية الحكومية. ولكني أستطيع أن أجزم أنه بعد تعييني وزيراً للصحة قفزنا حوالي 75 سنة في تطوير الخدمات الطبية لبلدنا.
* أنت من عائلة بحرينية؟
والدي من قطر وأمي من البحرين، نشأت في البحرين عند عائلة أمي لأسباب عائلية، ثم بعد ذلك توفيت والدتي فتزوج والدي أختها، واضطر من أجل هذا أن ينتقل إلى البحرين.
كنت سأذهب مع والدي إلى الهند من أجل التجارة، فألغى والدي الرحلة بسبب وفاة والدتي، وتقدمت إلى مدرسة الهداية في البحرين، وهي أول مدرسة في البلاد، وأدخلت الصف الخامس ابتدائي بسبب تحصيلي السابق ببعض المدارس. أحببت الدراسة ونجحت نجاحاً ممتازاً في صفي، فلما جاءت السنة التي بعدها وطلب والدي أن نذهب للهند رفضت وأكملت تعليمي إلى أن أوفدت لدراسة الطب في الجامعة الأميركية، حيث كنت الأول في صفي.
* في الجامعة الأميركية تعرفت إلى السياسة ودخلت حزب البعث العربي الاشتراكي؟
تعرفت إلى حزب البعث وغيره من الأحزاب، بالصف الثالث ثانوي لأننا درسنا هذا الصف في بيروت أيضاً. وما إن دخلت الجامعة إلا وكنت عضوا في حزب البعث، وأذكر أنني بعد أن دخلت حزب البعث عام 1953 جاءني الإخوة من القوميين العرب وقالوا نحن ننشئ حركة جديدة، فقلت لهم: لماذا حركة جديدة؟ ما هي شعاراتكم؟ قالوا: الوحدة العربية والحرية والاشتراكية، قلت حزب البعث لديه نفس الشعارات فقالوا: عندنا شعار ليس مطروحاً في حزب البعث وهو الثأر لفلسطين، فقلت لهم إن الثأر بالسياسة ليس شعاراً كبيراً، ويمكن أن يدخل تحت شعارات أخرى.
* من عرّفك إلى حزب البعث؟
كان في المدرسة والجامعة شباب ينتمون إلى حزب البعث، وكنت أقرأ جريدة البعث وتعجبني فيها مقالات ميشيل عفلق وصلاح البيطار وعبد الله عبد الدايم وإسماعيل صدقي.
كانت كتابات رصينة وتقدمية. وأنا وعيي السياسي تفتح في البحرين عام نكبة فلسطين 1948، وأذكر أني كنت في الصف الثاني ثانوي عندما بدأت أخرج بالمظاهرات في البحرين ضد التقسيم وضد الوجود الصهيوني في فلسطين.
* هل تعرفت إلى مؤسسي الحزب؟
بسبب الانقلابات العسكرية في سورية كان الأستاذ ميشيل عفلق والأستاذ صلاح الدين بيطار يأتيان إلى بيروت وكنت قريبا منهما وأزورهما دائما، يعني كان الأستاذ ميشيل يحلق وأنا أنتظر في الغرفة الثانية، وتكونت علاقة حميمة بيني وبينهما وكنت معجبا جدا بعقليهما، مع أن عقل الأستاذ ميشيل نظري والأستاذ صلاح بيطار عملي وكانا يكملان بعضهما.
* متى تركت حزب البعث؟ ولماذا؟
تركت عام 1961 بعد وقوع الانفصال بين سورية ومصر.
كنت أسوق السيارة من جنوب الولايات المتحدة ذاهبا إلى نيويورك لأركب الباخرة وأعود إلى بلادي، وفتحت الراديو بالصدفة وسمعت أن الوحدة السورية المصرية قد انفرطت، وأن حزب البعث كان أحد الأحزاب التي وقّعت على وثيقة الانفصال.
وميشيل عفلق الذي أعجبت به كان أحد الموقعين!
نعم، وقتها كنت أستطيع أن أتصور أن حزب البعث يغير رأيه بالاشتراكية أو الحرية ولكن لا أستطيع أن أتصور حزب البعث وهو يقدم على خطوة غير وحدوية، هذه خيانة كبرى، ولذلك انسحبت من الحزب.
* هل أرسلت كتاب انسحاب؟
لا، لم أعد أتصل، ما أردتها طلاقا وإنما هو انقطاع.
* عاتبت ميشيل عفلق في ما بعد؟
طبعا، هو تعلل بالضغوط والظروف.
* لم يؤثر انتسابك للبعث على تعيينك وزيرا في البحرين؟
لم يؤثر، هذا يعطيك فكرة أن الحكم في البحرين كان منفتحا، اعتبروا أن هذه مرحلة طلابية وشبابية. ولكن بالنهاية ما يهم ما هو توجهك في اللحظة التي يريدون أن يعيّنوك فيها.
* كيف ترى مصير حزب البعث في سورية والعراق؟
أعتقد أن حزب البعث، مع الأسف، لو أنه استمر كما بدأ حزباً جماهيرياً يضم أفضل عناصر الأمة العربية من مفكرين ومثقفين ومناضلين وطلاب وأساتذة ومهنيين لاختلف الأمر، كان في البداية زبدة الأمة العربية، لو ظل حزبا معتمداً على الجماهير ولم يتطلع للحكم ولم يدخل في لعبة الانقلابات العسكرية سواء في سورية ثم العراق، لكانت الأمة العربية اليوم، بألف خير.
لم أسمع قط، عندما كنت في حزب البعث، أن هذا سني ولا شيعي ولا مسيحي ولا مسلم، أبدا، يعني كان الأعضاء في بدايات الحزب أعضاء يؤمنون إيمانا قاطعا بأن هذا حزب تقدمي يترك الدين للإنسان بينه وبين ربه.
* وما زلت تحمل الحب في قلبك لهذا الحزب!
طبعا، لكن الحزب ارتكب الكثير من الأخطاء بعد ذلك ويحتاج إلى أن يقوم بمراجعة حقيقية وإعادة تنظيم نفسه على أسس ديمقراطية.
* عدت إلى البحرين وهو على أبواب الاستقلال؟
بعد سنتين من عودتي، وكانت لحظة أساسية كبرى في تاريخ البحرين، بمعنى أنه بعد أن خرج الإنجليز طالبت إيران بضم البحرين لها، وجرى استفتاء وبالنهاية الغالبية الساحقة من شعب البحرين صوتت أن تكون البحرين دولة عربية تحت حكم آل خليفة، وقبل شاه إيران بهذا الحكم ودخلت البحرين هيئة الأمم.
* كيف كانت علاقتك بعائلة الحكم آل خليفة؟
علاقة حميمة، لم يكن أمير البلاد الراحل الشيخ عيسى أميري فقط، بل كان صديقا ربطتني به علاقة حميمة وكان أحيانا يستشيرني ويسألني، وكنت صريحا معه إلى أبعد الحدود.
* لم تصطدم به بتاتاً؟
ولا مرة، وبالعكس كان يسندني إسناداً كبيرا، كان ينتظر خطابي سنويا في عيد العلم ليعرف عما حصل في الساحة التربوية وعن مشاريعنا الجديدة، وكنت أنا من مقدار ثقتي بأن رأس الدولة يقف معي، أطرح في عيد العلم المشاريع الجديدة التي نريدها دون أن اذهب إلى مجلس الوزراء.
أيضا رئيس الوزراء، والحق يجب أن يقال، لم يقف ضد أي مقترحات لنا.
أما الملك الحالي، فعملت معه لما كان وليا للعهد للشباب والرياضة ولدي علاقة شخصية حميمة به.
* أنت مهتم بتحديات الهوية في المجتمع الخليجي، ماذا وجدت؟
موضوع الهوية العربية في دول مجلس التعاون الخليجي يقلقني جدا، في عام 1975 كانت نسبة العمالة الوافدة، عربية وغير عربية، حوالي 29 % من السكان، واليوم نسبة العمالة الوافدة من السكان 69%، وهذا يعني زيادة بالغة الخطورة، فأغلبية السكان من العمالة الوافدة، ولو كانت الزيادة بالعمالة عربية لما وجدت مشكلة ولكن نسبة العمالة العربية كانت 72% من مجموع العمالة بينما اليوم هي 32% من مجموع العمالة، بمعنى آخر، نحن عندنا حوالي 70% من العمالة أجنبية، وهذه نسبة كبيرة جداً ستخلق إشكاليات في المستقبل ومصدر ضغوط على دولنا من قبل هئية الأمم ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها لنيل الحقوق السياسية وحقوق المواطنة والجنسية.
* لكن هناك تجنيس في البحرين؟
نعم، تجنيس سياسي وأنا ضده. قضية البحرين لم تعد قضية محلية بل قضية إقليمية ودولية.
دوار اللؤلؤة:
يأخذ الوزير الأسبق علي فخرو مسافة من النظام والمعارضة عندما يتحدث عن الأحداث الأخيرة في البحرين. ويحاول ان يكون صوتا للوسطية والاعتدال، معترفاً بأخطاء ارتكبها الحكم وأخرى مارستها المعارضة، مؤمناً ان الإصلاح لا يتم بدون تنازلات وتسويات وقبول بالآخر وبالعملية الديمقراطية.
يقول: "عندما جاء الملك طرح مشروعا إصلاحيا، كان لدى البعض ملاحظات عليه، إلا أن صدر الدستور فكان الاعتراض بأنه يجب ان يوضع من قبل جمعية تأسيسية، وثم يصوت عليه حتى يكون دستورا شرعيا وليس دستور منحة. ومع ذلك مر الموضوع. وأضف الى ذلك ان بعض المطالب المعيشية لم تتحقق فبدأت تظهر مظاهرات صغيرة إلى أن جاء 2011 وتفجر الربيع العربي".
لا يعفي فخرو الحكم من مسؤوليته بأخطاء مواجهات المنتفضين: "مواجهة المظاهرات في اليوم الأول كانت غير موفقة وانتهت بمقتل أحد الأشخاص، واي شهيد في الحركات الشعبية يولد ألف ثائر، جميع الجهات دون استثناء ارتكبت أخطاء، المعارضة والحكومة وقد ضاعت فرص كثيرة".
ويضيف: "البرلمان لم يكن على مستوى ما حصل والمعارضة لم تقبل أن تدخل الانتخابات وان يكون البرلمان هو ساحة النزال. قبل الانتخابات زرت الجمعيات السياسية المعارضة وقلت لهم بالحرف الواحد: إن البرلمان ليس ملكاً للحكومة".
زار الرجل دوار اللؤلؤة وخطب فيه وطالب أن تنزل القوى السياسية البحرينية إلى الانتخابات. وبعد الدوار يعترف الرجل ان مجتمعه انقسم طائفيا: "هذه فاجعة، وأهم تحدٍّ الان هو أن نخفف منها".
اقرأ أيضاً: إسقاط الجنسية البحرينية عن 72 شخصاً "لإضرارهم بمصالح المملكة"
كنت أول طبيب في البحرين؟
نعم، أول طبيب بتاريخ البحرين، بمعنى الطب الحديث، كان في البحرين طب شعبي. تخرجت من الجامعة الأميركية في بيروت عام 1958 ثم ذهبت إلى الولايات المتحدة وتخصصت في الأمراض الباطنية، ثم عدت للبحرين واشتغلت سنتين ثم رجعت ثانية إلى الولايات المتحدة للتخصص في أمراض القلب، دراسة الطب أخذت 12 سنة من حياتي.
مع بداية عودتي، عينت مساعداً للمدير الإنجليزي ثم أخذت مكانه، ولما حصل الاستقلال تشكلت أول وزارة وعينت وزيراً للصحة فيها، وبقيت في وزارة الصحة 12 سنة ثم انتقلت إلى وزارة التربية والتعليم لمدة 13 سنة، ثم سفيرا لبلادي في فرنسا، ثم كنت رئيسا لمجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث لمدة 3 سنوات، ثم بعد ذلك تقاعدت، وأنا سعيد جدا بابتعادي عن العمل الرسمي والتركيز على ما أفعله بحرية تامة.
* كيف استقبلوك في البحرين كأول طبيب؟
بترحيب، كان الطب في البحرين متأخرا وكان الناس منزعجين من مستوى الطب فنظروا إلي كطاقة طبية وطنية.
كان في البحرين مستشفيات كمستشفى الإرسالية الأميركية، ومستشفى للبريطانيين، وكان هناك أطباء عندهم عياداتهم الخاصة، وطبعا الخدمات الطبية الحكومية. ولكني أستطيع أن أجزم أنه بعد تعييني وزيراً للصحة قفزنا حوالي 75 سنة في تطوير الخدمات الطبية لبلدنا.
* أنت من عائلة بحرينية؟
والدي من قطر وأمي من البحرين، نشأت في البحرين عند عائلة أمي لأسباب عائلية، ثم بعد ذلك توفيت والدتي فتزوج والدي أختها، واضطر من أجل هذا أن ينتقل إلى البحرين.
كنت سأذهب مع والدي إلى الهند من أجل التجارة، فألغى والدي الرحلة بسبب وفاة والدتي، وتقدمت إلى مدرسة الهداية في البحرين، وهي أول مدرسة في البلاد، وأدخلت الصف الخامس ابتدائي بسبب تحصيلي السابق ببعض المدارس. أحببت الدراسة ونجحت نجاحاً ممتازاً في صفي، فلما جاءت السنة التي بعدها وطلب والدي أن نذهب للهند رفضت وأكملت تعليمي إلى أن أوفدت لدراسة الطب في الجامعة الأميركية، حيث كنت الأول في صفي.
* في الجامعة الأميركية تعرفت إلى السياسة ودخلت حزب البعث العربي الاشتراكي؟
تعرفت إلى حزب البعث وغيره من الأحزاب، بالصف الثالث ثانوي لأننا درسنا هذا الصف في بيروت أيضاً. وما إن دخلت الجامعة إلا وكنت عضوا في حزب البعث، وأذكر أنني بعد أن دخلت حزب البعث عام 1953 جاءني الإخوة من القوميين العرب وقالوا نحن ننشئ حركة جديدة، فقلت لهم: لماذا حركة جديدة؟ ما هي شعاراتكم؟ قالوا: الوحدة العربية والحرية والاشتراكية، قلت حزب البعث لديه نفس الشعارات فقالوا: عندنا شعار ليس مطروحاً في حزب البعث وهو الثأر لفلسطين، فقلت لهم إن الثأر بالسياسة ليس شعاراً كبيراً، ويمكن أن يدخل تحت شعارات أخرى.
* من عرّفك إلى حزب البعث؟
كان في المدرسة والجامعة شباب ينتمون إلى حزب البعث، وكنت أقرأ جريدة البعث وتعجبني فيها مقالات ميشيل عفلق وصلاح البيطار وعبد الله عبد الدايم وإسماعيل صدقي.
كانت كتابات رصينة وتقدمية. وأنا وعيي السياسي تفتح في البحرين عام نكبة فلسطين 1948، وأذكر أني كنت في الصف الثاني ثانوي عندما بدأت أخرج بالمظاهرات في البحرين ضد التقسيم وضد الوجود الصهيوني في فلسطين.
* هل تعرفت إلى مؤسسي الحزب؟
بسبب الانقلابات العسكرية في سورية كان الأستاذ ميشيل عفلق والأستاذ صلاح الدين بيطار يأتيان إلى بيروت وكنت قريبا منهما وأزورهما دائما، يعني كان الأستاذ ميشيل يحلق وأنا أنتظر في الغرفة الثانية، وتكونت علاقة حميمة بيني وبينهما وكنت معجبا جدا بعقليهما، مع أن عقل الأستاذ ميشيل نظري والأستاذ صلاح بيطار عملي وكانا يكملان بعضهما.
* متى تركت حزب البعث؟ ولماذا؟
تركت عام 1961 بعد وقوع الانفصال بين سورية ومصر.
كنت أسوق السيارة من جنوب الولايات المتحدة ذاهبا إلى نيويورك لأركب الباخرة وأعود إلى بلادي، وفتحت الراديو بالصدفة وسمعت أن الوحدة السورية المصرية قد انفرطت، وأن حزب البعث كان أحد الأحزاب التي وقّعت على وثيقة الانفصال.
وميشيل عفلق الذي أعجبت به كان أحد الموقعين!
نعم، وقتها كنت أستطيع أن أتصور أن حزب البعث يغير رأيه بالاشتراكية أو الحرية ولكن لا أستطيع أن أتصور حزب البعث وهو يقدم على خطوة غير وحدوية، هذه خيانة كبرى، ولذلك انسحبت من الحزب.
* هل أرسلت كتاب انسحاب؟
لا، لم أعد أتصل، ما أردتها طلاقا وإنما هو انقطاع.
* عاتبت ميشيل عفلق في ما بعد؟
طبعا، هو تعلل بالضغوط والظروف.
* لم يؤثر انتسابك للبعث على تعيينك وزيرا في البحرين؟
لم يؤثر، هذا يعطيك فكرة أن الحكم في البحرين كان منفتحا، اعتبروا أن هذه مرحلة طلابية وشبابية. ولكن بالنهاية ما يهم ما هو توجهك في اللحظة التي يريدون أن يعيّنوك فيها.
* كيف ترى مصير حزب البعث في سورية والعراق؟
أعتقد أن حزب البعث، مع الأسف، لو أنه استمر كما بدأ حزباً جماهيرياً يضم أفضل عناصر الأمة العربية من مفكرين ومثقفين ومناضلين وطلاب وأساتذة ومهنيين لاختلف الأمر، كان في البداية زبدة الأمة العربية، لو ظل حزبا معتمداً على الجماهير ولم يتطلع للحكم ولم يدخل في لعبة الانقلابات العسكرية سواء في سورية ثم العراق، لكانت الأمة العربية اليوم، بألف خير.
لم أسمع قط، عندما كنت في حزب البعث، أن هذا سني ولا شيعي ولا مسيحي ولا مسلم، أبدا، يعني كان الأعضاء في بدايات الحزب أعضاء يؤمنون إيمانا قاطعا بأن هذا حزب تقدمي يترك الدين للإنسان بينه وبين ربه.
* وما زلت تحمل الحب في قلبك لهذا الحزب!
طبعا، لكن الحزب ارتكب الكثير من الأخطاء بعد ذلك ويحتاج إلى أن يقوم بمراجعة حقيقية وإعادة تنظيم نفسه على أسس ديمقراطية.
* عدت إلى البحرين وهو على أبواب الاستقلال؟
بعد سنتين من عودتي، وكانت لحظة أساسية كبرى في تاريخ البحرين، بمعنى أنه بعد أن خرج الإنجليز طالبت إيران بضم البحرين لها، وجرى استفتاء وبالنهاية الغالبية الساحقة من شعب البحرين صوتت أن تكون البحرين دولة عربية تحت حكم آل خليفة، وقبل شاه إيران بهذا الحكم ودخلت البحرين هيئة الأمم.
* كيف كانت علاقتك بعائلة الحكم آل خليفة؟
علاقة حميمة، لم يكن أمير البلاد الراحل الشيخ عيسى أميري فقط، بل كان صديقا ربطتني به علاقة حميمة وكان أحيانا يستشيرني ويسألني، وكنت صريحا معه إلى أبعد الحدود.
* لم تصطدم به بتاتاً؟
ولا مرة، وبالعكس كان يسندني إسناداً كبيرا، كان ينتظر خطابي سنويا في عيد العلم ليعرف عما حصل في الساحة التربوية وعن مشاريعنا الجديدة، وكنت أنا من مقدار ثقتي بأن رأس الدولة يقف معي، أطرح في عيد العلم المشاريع الجديدة التي نريدها دون أن اذهب إلى مجلس الوزراء.
أيضا رئيس الوزراء، والحق يجب أن يقال، لم يقف ضد أي مقترحات لنا.
أما الملك الحالي، فعملت معه لما كان وليا للعهد للشباب والرياضة ولدي علاقة شخصية حميمة به.
* أنت مهتم بتحديات الهوية في المجتمع الخليجي، ماذا وجدت؟
موضوع الهوية العربية في دول مجلس التعاون الخليجي يقلقني جدا، في عام 1975 كانت نسبة العمالة الوافدة، عربية وغير عربية، حوالي 29 % من السكان، واليوم نسبة العمالة الوافدة من السكان 69%، وهذا يعني زيادة بالغة الخطورة، فأغلبية السكان من العمالة الوافدة، ولو كانت الزيادة بالعمالة عربية لما وجدت مشكلة ولكن نسبة العمالة العربية كانت 72% من مجموع العمالة بينما اليوم هي 32% من مجموع العمالة، بمعنى آخر، نحن عندنا حوالي 70% من العمالة أجنبية، وهذه نسبة كبيرة جداً ستخلق إشكاليات في المستقبل ومصدر ضغوط على دولنا من قبل هئية الأمم ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها لنيل الحقوق السياسية وحقوق المواطنة والجنسية.
* لكن هناك تجنيس في البحرين؟
نعم، تجنيس سياسي وأنا ضده. قضية البحرين لم تعد قضية محلية بل قضية إقليمية ودولية.
دوار اللؤلؤة:
يأخذ الوزير الأسبق علي فخرو مسافة من النظام والمعارضة عندما يتحدث عن الأحداث الأخيرة في البحرين. ويحاول ان يكون صوتا للوسطية والاعتدال، معترفاً بأخطاء ارتكبها الحكم وأخرى مارستها المعارضة، مؤمناً ان الإصلاح لا يتم بدون تنازلات وتسويات وقبول بالآخر وبالعملية الديمقراطية.
يقول: "عندما جاء الملك طرح مشروعا إصلاحيا، كان لدى البعض ملاحظات عليه، إلا أن صدر الدستور فكان الاعتراض بأنه يجب ان يوضع من قبل جمعية تأسيسية، وثم يصوت عليه حتى يكون دستورا شرعيا وليس دستور منحة. ومع ذلك مر الموضوع. وأضف الى ذلك ان بعض المطالب المعيشية لم تتحقق فبدأت تظهر مظاهرات صغيرة إلى أن جاء 2011 وتفجر الربيع العربي".
لا يعفي فخرو الحكم من مسؤوليته بأخطاء مواجهات المنتفضين: "مواجهة المظاهرات في اليوم الأول كانت غير موفقة وانتهت بمقتل أحد الأشخاص، واي شهيد في الحركات الشعبية يولد ألف ثائر، جميع الجهات دون استثناء ارتكبت أخطاء، المعارضة والحكومة وقد ضاعت فرص كثيرة".
ويضيف: "البرلمان لم يكن على مستوى ما حصل والمعارضة لم تقبل أن تدخل الانتخابات وان يكون البرلمان هو ساحة النزال. قبل الانتخابات زرت الجمعيات السياسية المعارضة وقلت لهم بالحرف الواحد: إن البرلمان ليس ملكاً للحكومة".
زار الرجل دوار اللؤلؤة وخطب فيه وطالب أن تنزل القوى السياسية البحرينية إلى الانتخابات. وبعد الدوار يعترف الرجل ان مجتمعه انقسم طائفيا: "هذه فاجعة، وأهم تحدٍّ الان هو أن نخفف منها".
اقرأ أيضاً: إسقاط الجنسية البحرينية عن 72 شخصاً "لإضرارهم بمصالح المملكة"