"أنا وحيد وصحبتي معي، أنا شاعر، فنان، أنا كل شيء ولا أحد"، هكذا وصف الفنان التونسي علي عيسى (1938 - 2019) نفسه في فيلم وثائقي أخرجه مروان طرابلسي عنه تحت عنوان "الرجل الذي أصبح متحفاً"، وصدر هذا العام، وعُرض في "أيام قرطاج السينمائية" خلال الدورة الفائتة.
أمس رحل الرجل الوحيد وكثير الصحبة وقد تجاوز الثمانين، بين أشيائه الكثيرة التي تخلّص منها الآخرون وجمعها هو ليعيد إنتاجها في قطع فنية شاركته العيش في بيته وأصبحت تشكل له الرفقة التي يتكلم عنها.
وُلد عيسى في بنزرت، ودرس في "مدرسة الفنون الجميلة" في تونس مطلع الخمسينيات، ثم سافر إلى بيروت وتابع دراسته في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة والجامعة الأميركية فيها، وبعد عودته إلى تونس أسس رواقاً فنياً في باردو أطلق عليه "أليسا".
في الوثائقي يظهر عيسى في بيته ومحترفه، يحيط به ركام من الأشياء التي يجمعها من كل مكان، دمى ألقاها أصحابها، ملابس وأقمشة بالية، أوانٍ زجاجية، أغراض محطمة، مهملات وأخشاب ولوحات، كل ما يعثر عليه يحوله إلى قطعة في متحف الأشياء التي نسيها أصحابها.
يظهر عيسى وهو يطبع وصيته على آلة كاتبة قديمة، فيوصي أن تدفن جثته في مدخل بيته تحت شجرة النخيل ويمنح كل ما يملك في "متحفه" أو محرابه وكل أعماله الفنية إلى المؤسسة الرسمية في تونس.
درّس عيسى الفن في تونس ولبنان، وحصل على عدد من الجوائز من بينها الميدالية الذهبية للمهرجان الدولي للرسم بتونس (1992) والميدالية الفخرية عن أكاديمية باريس الشرقية للفنون البصرية والتشكيلية (1986) وتكريماً من الأكاديمية الدولية بمارينا الإيطالية.