مفكرة المترجم: مع خالد الجبيلي

12 نوفمبر 2024
خالد الجبيلي
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- البدايات والشغف بالترجمة: بدأ المترجم السوري مسيرته في الترجمة بعد اكتشاف رواية "مزرعة الحيوان" لجورج أورويل، مما أشعل شغفه بالترجمة وجعله يرى نفسه كاتباً ثانياً للنصوص.

- التحديات والإنجازات: يواجه المترجم العربي عقبات مثل نقص المترجمين المتمرسين، لكنه نجح في ترجمة أعمال مهمة ويعتبر تقدير القراء جائزته الحقيقية.

- المبادئ والممارسات المهنية: يلتزم المترجم بالإتقان واحترام النصوص، ويمارس الترجمة منذ خمسين عاماً، متمنياً إثراء المكتبة العربية بكتب مفيدة.

تقف هذه الزاوية مع مترجمين عرب في مشاغلهم الترجمية وأحوال الترجمة إلى اللغة العربية اليوم. "أرى نفسي كاتباً ثانياً للنصّ الذي أترجمه"، يقول المترجم السوري في لقائه مع "العربي الجديد".


ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظلّ ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟
الألم يعتصر قلوبنا ونحن نرى هذا العدوان على شعبنا في غزّة، والحرب الدائرة في المنطقة. نأمل أن تنتهي الحرب فوراً ويعمّ المنطقة السلام.


كيف بدأت حكايتك مع الترجمة؟ 
بدأت عندما وجدت رواية "مزرعة الحيوان" لجورج أورويل في مكتبة أبي. وقتها كنتُ أدرس اللغة الإنكليزية وآدابها في "جامعة حلب" بالسنة الثانية؛ وهي محاولتي الأُولى في ترجمة رواية. كان يراودني تساؤل: كيف يمكن أن تبدو ترجمتي إلى اللغة العربية؟ وكان ذلك بمثابة تحدٍّ لي، وقد أُعجب بها بعض الأصدقاء، خصوصاً أبي الذي كان مُترجماً يُجيد عدّة لغات، ومثقّفاً شغوفاً بالقراءة، وقد علّمني اللغة الفرنسية منذ كنت صغيراً. ومن هنا، جاء شغفي بالترجمة التي أصبحت لي مهنة وهواية في الوقت نفسه.


ما آخر الترجمات التي نشرتها، وماذا تترجم الآن؟
أنهيتُ أخيراً عدّة أعمال، من بينها رواية "كرو ماري" للكاتبة الأميركية كاثلين غريسوم، وهي تتناول قصّة حقيقية لامرأة من السكّان الأصليّين في أميركا وكندا، بالإضافة إلى عدّة أعمالٍ لعالم النفس المعروف البرفسور إيرفين د. يالوم، آخرها "كلّ يوم يقترب أكثر قليلاً"، وأترجم حالياً رواية بعنوان "مكتبة القلوب الكسيرة" للكاتبة كاتارينا بيفالد.

عملُ المؤسّسات العربية في الترجمة لم يكن ناجحاً تماماً


ما هي، برأيك، أبرز العقبات في وجه المترجم العربي؟ 
أرى أنّ أهمّ معضلة في الترجمة إلى العربية الافتقار إلى مترجمين متمرّسين، فقد بدأ مترجمون هواة يطرقون هذا المجال، وتُقدم عدّة دور نشر عربية على نشر مثل هذا الأعمال لأسباب مادّية، كما علمت. والمترجم العربي لا ينال حقّه المادي والمعنوي الذي يوازي الجهد الذي يبذله، وأقول دائماً إنّ "الترجمة عمل شاقّ، لا يعرف مدى صعوبته إلّا من كابده".


هناك قول بأنَّ المترجم العربي لا يعترف بدور المحرِّر، هل ثمّة من يحرّر ترجماتك بعد الانتهاء منها؟
أُرحّب بأن يقوم محرّرٌ ولغويُّ بقراءة العمل المُترجم للكشف عن الأخطاء الواردة وتصويبها، وكنت أطلب دائماً من أحد أصدقائي أن يقرأ ما أترجمه.


كيف علاقتك مع الناشر، ولا سيما في مسألة اختيار العناوين المترجمة؟
علاقتي جيّدة، بل ممتازة مع الناشرين الذين أعمل معهم. وهُم يقترحون عليَّ بعض الأعمال، فإمّا أن أقبلها، وإمّا أن أعتذر عنها. وفي أحيانٍ كثيرة أقترح عليهم بعض العناوين ليحصلوا على حقوق ترجمتها ونشرها.


هل هناك اعتبارات سياسية لاختيارك للأعمال التي تترجمها، وإلى أي درجة تتوقف عند الطرح السياسي للمادة المترجمة أو لمواقف الكاتب السياسية؟
لا توجد لديَّ أي اعتبارات سياسية في اختيار العمل الذي أترجمه. فعندما أقبل ترجمةَ عملٍ ما، فهذا يعني أنّني يجب أن ألتزم به التزاماً تامّاً، وألاّ أغيّر أو أُعدّل أو أُحرّف أيّ مفهوم قد لا يروقني، أو قد لا يروق القارئ.


كيف علاقتك بالكاتب الذي تترجم له؟
في معظم الأحيان لا تكون لديَّ أي علاقة شخصيّة بالكاتب الذي أترجم له.


كثيراً ما يكون المترجم العربي كاتباً، صاحب إنتاج أو صاحب أسلوب في ترجمته، كيف لعلاقة بين الكاتب والمترجم في داخلك؟
في حقيقة الأمر، أرى نفسي كاتباً ثانياً للنصّ الأصلي الذي أترجمه، وقد سألني كثير من الأصدقاء لماذا لا أكتب، لأنّهم يرون في أسلوبي شيئاً من أسلوب كاتب، فأقول لهم: لن أزيد في ذلك كاتباً عربياً آخر، وإنّما أُنقص مترجماً جَيّداً يمكنه أن يزوّد المكتبة العربية بأعمال جديدة وهامّة.


كيف تنظر إلى جوائز الترجمة العربية على قلّتها؟
في ظنّي أنّ الجوائز العربية مسيّسة ولا تُمنح للمترجمين الذي يستحقّونها فعلاً في معظم الأحيان، ولديَّ تجربة في ذلك. في جميع الأحوال، بصفتي مترجماً زوّد المكتبة العربية بهذا الكمّ من الأعمال الجيّدة والهامّة، فإنّي أعتبر أنّ إقبال القارئ من جميع أنحاء الوطن العربي على الأعمال التي أترجمها وتقديره لها - وهذا ما أسمعه غالباً من القرّاء - هو جائزتي الحقيقية التي أفتخر بها وأعتبرها وساماً لي.


الترجمة عربياً في الغالب مشاريع مترجمين أفراد، كيف تنظر إلى مشاريع الترجمة المؤسساتية وما الذي ينقصها برأيك؟
في ظنّي أنّ عمل المؤسّسات العربية في الترجمة لم يكن ناجحاً تماماً.


ما المبادئ أو القواعد التي تسير وفقها بكونك مترجمًا، وهل لك عادات معينة في الترجمة؟
أهمّ مبدأ أعمل به وعزّزته خلال مسيرتي العملية في الترجمة: الإتقان وبلوغ الكمال إن أمكن، واحترام ذائقة القارئ وعدم خيانته بحذف أو تحريف أو تغيير أيّ شيء في النصّ الأصلي المترجم. وأنا لم أتوقّف عن ممارسة الترجمة منذ قرابة خمسين سنة، وبعد تفرّغي للترجمة الأدبية، أعمل حالياً ما لا يقل عن ثماني ساعات يومياً.


كتاب أو نص ندمت على ترجمته ولماذا؟
لم أندم قطّ على أيّ عمل ترجمته، بل أفتخر بها جميعها، وأعتبرها أهمّ إرث قمت به في حياتي.


ما الذي تتمنّاه للترجمة إلى اللغة العربية، وما حلمك باعتبارك مترجمًا؟
أن تسير بخطىً حثيثة، وأن يتمكّن المترجمون العرب من إثراء المكتبة العربية بكلّ كتاب مفيد وهام.


بطاقة
مترجم سوري من مواليد مدينة حلب عام 1953، حاصلٌ على إجازة في اللغة الإنكليزية وآدابها من "جامعة حلب"، ومن "معهد اللغويين" في لندن. عمل مترجماً تحريرياً وفورياً في "المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافّة" لسبعة عشر عاماً، ومترجماً ومراجعاً في دائرة الترجمة العربية في "الأمم المتّحدة" بنيويورك لعشرين عاماً. ترجم ما يقارب تسعين عملاً بين الرواية والفلسفة والتاريخ؛ من بينها: "عندما بكى نيتشه" (2015)، لإرفين د. يالوم، و"الفتاة التي تحترق" (2020)، لكلير مسعود، و"إنجيل شجرة السمّ" (2021)، لباربرا كينغسولفر، و"العشق الإلهي: تعاليم من التقليد الصوفي" (2022)، لأميد صفي، و"حديقة الصخور" (2022)، لنيكوس كازانتزاكيس، و"أشياء صغيرة عظيمة" (2023)، لجودي بيكو.

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون