يبدي بروفسور التاريخ في جامعة ميشيغن، خوان كول، في كتابه الجديد "العرب الجدد: كيف يغير الجيل الألفي العالم العربي"، تعاطفا مع جيل الربيع العربي الجديد، وتفاؤلا مع ما يسميه "الجيل الألفي"، وهو جيل شباب الثورات التي قامت في كل من مصر وتونس واليمن وليبيا وسورية.
يعتبر كول أن شباب هذا الجيل "غيروا مجتمعاتهم للأبد"، وأن أكثر ما يدعو إلى الدهشة، من وجهة نظره، ليس عدم قدرة شباب الربيع العربي على ترجمة ثورتهم إلى الديموقراطية التي يحلمون بها، بل تمكنهم أصلا ً، وتحت ظل حكومات عسكرية قمعية، من انتزاع مساحة للتعبير عن أنفسهم، والشروع بالخطوات الأولى، وإن كانت بطيئة، نحو تحقيق أحلامهم. لقد استطاع هؤلاء الشباب إسقاط دكتاتوريات ظن الكثيرون أنها أبدية، كما ألقوا بفكرة قيام رئيس جمهورية ما بتنصيب ولده من بعده "في سلة قمامة التاريخ".
يبتدىء المؤلف بتفكيك فكرة رائجة مفادها أن ارتفاع النسبة الديموغرافية للشرائح الشبابية في العالم العربي يؤدي بالضرورة إلى عدم استقرار المنطقة. ويسوق بريطانيا، كمثل، هنا حيث تضاعف عدد الشباب فيها أكثر من ثلاث مرات، بين عامي 1800و 1900، دون أن يتسبب ذلك في عدم استقرارها.
يتميز جيل الألفية بحسب كول بسمات لا يشاركه فيها أي جيل سبقه، أولها انجذابه نحو تجمعات أفقية بدلاً من هرمية تعتمد على قائد يتحكم بالجميع. هذا الجيل، وبعكس جيل آبائه، يعيش غالبا في المدن وليس في الأرياف. وعادة ما تشكل المدن بيئة حاضنة للتعارف بين شباب ذوي خلفيات متنوعة من مهندسين وصحافيين وفنانين. بالإضافة الى ذلك، هذا الجيل هو الأكثر تعليما وعلمانية، والأكثر تواصلا مع التكنولوجيا حتى الآن. وتشير بعض الدراسات التي يقتبسها الكتاب إلى أن الجيل الألفي يجد نفسه قادرا على أن يتعلم من رفاقه أكثر بكثير من قدرته على التعلم من والديه.
يختلف هذا الجيل أيضا بحسب المؤلف، من حيث إبداعه وعولمته، فهو جيل مطلع على منتجات الحضارات الأخرى الثقافية، ويأخذ منها ما يناسبه. كما ساعد الإنترنت الشباب العربي على التواصل ليس فقط مع نظرائه داخل الوطن العربي بل حول العالم، مما زاد في عولمته. إضافة الى ذلك، تبرز نسبة الذين يسافرون لدول أخرى، سواء للعمل أو الدراسة حالياً، بكونها الأعلى من أي جيل عربي سبقه. وهنا يذكر الكاتب، أن الكثير من الشباب العربي يقرؤون لمنظري الحرية العالميين ويتأثرون بهم أكثر من تأثرهم بمفكرين عرب.
يُضاف الى ذلك، كما يجادل كول، أن إحدى خصائص الجيل الألفي، هي عدم احترامه حكامه، فهو مطلع تماما على ما يحدث بسبب توفر مصادر كثيرة لمعرفة الحقائق، ولا يخضع لأسر وسائل الإعلام التي تتحكم بها الدولة. وقد لعب الإعلام الجديد (ووسائل التواصل الاجتماعي) على تعزيز ذلك. وأصبح باستطاعة مواطنين عاديين ممارسة عمل الصحافة الاستقصائية. ففي مصر وحدها، بلغ عدد المدونين سنة ٢٠٠٩، مائة وستين ألفاً والعدد في ازدياد.
ولاحظ الكاتب أيضاً أن أغلبية كبيرة من الشباب أصبحوا يعزفون عن الدين بسبب ما تقوم به الجماعات الإرهابية، وبسبب ممارسات الإخوان المسلمين إبّان حكمهم. فعندما حاولت الحركات الإسلامية استغلال الحرية لفرض رؤيتها المتزمتة، تلقت على أيدي شباب الربيع العربي، حسب تعبير الكاتب، "نكسات شديدة القوة". ويخمن المؤلف بأن الثورات القادمة ستكون علمانية المذاق. ويتوقع كذلك أن يكون للشابات العربيات دور أكثر فعالية في المستقبل.
ولا يخفي كول انبهاره بإنجازات الشابات والشبان التونسيين على وجه التحديد، والذين استمروا في الإصرار على مطالبهم رغم جميع التحديات، مرغمين حزب النهضة الإسلامي على التنحي عن الحكم وتعيين حكومة انتقالية. وعلى العكس من الشباب المصري، استطاع التونسيون أن يقوموا بتغييرات جذرية في بلادهم بما فيها إسقاط الرقابة على الإنترنت. أما عن الشباب المصري، فيروي كول عن تجربته معهم بعد الثورة وعن قلة خبرتهم في السياسة، وهو ما أدى إلى نجاح الإخوان المسلمين في الانتخابات. ورغم أن النظام في مصر أعاد ترتيب أوراقه كما يبدو وضاعف في كبت الأصوات المنادية بالإصلاح، إلا أن الكاتب يحسم الجدل بالقول: "لم ننته بعد من رؤية ما يستطيع شباب مصر القيام به".
في المقابل لم ينس كول انتقاد الشباب العربي وخضوعهم لما أسماه "التفكير السحري" قبل الثورة، معتقدين أن غياب الديكتاتور هو وحده ما سيؤسس للديموقراطية. بيد أن هذا الكتاب، يكاد يكون احتفاءً متواصلا للجيل الألفي بالمجمل، حيث أشاد الكاتب بشجاعة الكثير من هؤلاء الشبان الذين خاطروا بأرواحهم، وفي أحيان كثيرة دفعوا حياتهم ثمناً للحرية كالمدون التونسي، أو ما يدعى بـ"شهيد الإنترنت"، زهير اليحياوي، الذي توفي إثر التعذيب. وتحدث الكاتب، أيضا، عن الحركات التي ألهمها الربيع العربي حول العالم من حركة احتلال وول ستريت في أميركا إلى الاحتجاجات في تشيلي وإسبانيا.
يبقى القول إنه، وفي غمرة تركيز الكتاب على إيجابيات الجيل العربي الجديد، تناسى في الوقت نفسه وبشكل كلي، أن الحركات السلفية والجهادية هي الأخرى سجلت انتصارات ساحقة في الأعوام والأشهر الماضية، كما فعل تنظيم الدولة الإسلامية، والذي يشكل أغلبيته الشباب أيضا. لكن كول يوضح أن أغلبية الشباب العربي يريدون نموذجا يشبه النموذج الديموقراطي الأوروبي، ولن يستسلموا قبل أن يحققوا ذلك.
يبتدىء المؤلف بتفكيك فكرة رائجة مفادها أن ارتفاع النسبة الديموغرافية للشرائح الشبابية في العالم العربي يؤدي بالضرورة إلى عدم استقرار المنطقة. ويسوق بريطانيا، كمثل، هنا حيث تضاعف عدد الشباب فيها أكثر من ثلاث مرات، بين عامي 1800و 1900، دون أن يتسبب ذلك في عدم استقرارها.
يتميز جيل الألفية بحسب كول بسمات لا يشاركه فيها أي جيل سبقه، أولها انجذابه نحو تجمعات أفقية بدلاً من هرمية تعتمد على قائد يتحكم بالجميع. هذا الجيل، وبعكس جيل آبائه، يعيش غالبا في المدن وليس في الأرياف. وعادة ما تشكل المدن بيئة حاضنة للتعارف بين شباب ذوي خلفيات متنوعة من مهندسين وصحافيين وفنانين. بالإضافة الى ذلك، هذا الجيل هو الأكثر تعليما وعلمانية، والأكثر تواصلا مع التكنولوجيا حتى الآن. وتشير بعض الدراسات التي يقتبسها الكتاب إلى أن الجيل الألفي يجد نفسه قادرا على أن يتعلم من رفاقه أكثر بكثير من قدرته على التعلم من والديه.
يختلف هذا الجيل أيضا بحسب المؤلف، من حيث إبداعه وعولمته، فهو جيل مطلع على منتجات الحضارات الأخرى الثقافية، ويأخذ منها ما يناسبه. كما ساعد الإنترنت الشباب العربي على التواصل ليس فقط مع نظرائه داخل الوطن العربي بل حول العالم، مما زاد في عولمته. إضافة الى ذلك، تبرز نسبة الذين يسافرون لدول أخرى، سواء للعمل أو الدراسة حالياً، بكونها الأعلى من أي جيل عربي سبقه. وهنا يذكر الكاتب، أن الكثير من الشباب العربي يقرؤون لمنظري الحرية العالميين ويتأثرون بهم أكثر من تأثرهم بمفكرين عرب.
يُضاف الى ذلك، كما يجادل كول، أن إحدى خصائص الجيل الألفي، هي عدم احترامه حكامه، فهو مطلع تماما على ما يحدث بسبب توفر مصادر كثيرة لمعرفة الحقائق، ولا يخضع لأسر وسائل الإعلام التي تتحكم بها الدولة. وقد لعب الإعلام الجديد (ووسائل التواصل الاجتماعي) على تعزيز ذلك. وأصبح باستطاعة مواطنين عاديين ممارسة عمل الصحافة الاستقصائية. ففي مصر وحدها، بلغ عدد المدونين سنة ٢٠٠٩، مائة وستين ألفاً والعدد في ازدياد.
ولاحظ الكاتب أيضاً أن أغلبية كبيرة من الشباب أصبحوا يعزفون عن الدين بسبب ما تقوم به الجماعات الإرهابية، وبسبب ممارسات الإخوان المسلمين إبّان حكمهم. فعندما حاولت الحركات الإسلامية استغلال الحرية لفرض رؤيتها المتزمتة، تلقت على أيدي شباب الربيع العربي، حسب تعبير الكاتب، "نكسات شديدة القوة". ويخمن المؤلف بأن الثورات القادمة ستكون علمانية المذاق. ويتوقع كذلك أن يكون للشابات العربيات دور أكثر فعالية في المستقبل.
ولا يخفي كول انبهاره بإنجازات الشابات والشبان التونسيين على وجه التحديد، والذين استمروا في الإصرار على مطالبهم رغم جميع التحديات، مرغمين حزب النهضة الإسلامي على التنحي عن الحكم وتعيين حكومة انتقالية. وعلى العكس من الشباب المصري، استطاع التونسيون أن يقوموا بتغييرات جذرية في بلادهم بما فيها إسقاط الرقابة على الإنترنت. أما عن الشباب المصري، فيروي كول عن تجربته معهم بعد الثورة وعن قلة خبرتهم في السياسة، وهو ما أدى إلى نجاح الإخوان المسلمين في الانتخابات. ورغم أن النظام في مصر أعاد ترتيب أوراقه كما يبدو وضاعف في كبت الأصوات المنادية بالإصلاح، إلا أن الكاتب يحسم الجدل بالقول: "لم ننته بعد من رؤية ما يستطيع شباب مصر القيام به".
في المقابل لم ينس كول انتقاد الشباب العربي وخضوعهم لما أسماه "التفكير السحري" قبل الثورة، معتقدين أن غياب الديكتاتور هو وحده ما سيؤسس للديموقراطية. بيد أن هذا الكتاب، يكاد يكون احتفاءً متواصلا للجيل الألفي بالمجمل، حيث أشاد الكاتب بشجاعة الكثير من هؤلاء الشبان الذين خاطروا بأرواحهم، وفي أحيان كثيرة دفعوا حياتهم ثمناً للحرية كالمدون التونسي، أو ما يدعى بـ"شهيد الإنترنت"، زهير اليحياوي، الذي توفي إثر التعذيب. وتحدث الكاتب، أيضا، عن الحركات التي ألهمها الربيع العربي حول العالم من حركة احتلال وول ستريت في أميركا إلى الاحتجاجات في تشيلي وإسبانيا.
يبقى القول إنه، وفي غمرة تركيز الكتاب على إيجابيات الجيل العربي الجديد، تناسى في الوقت نفسه وبشكل كلي، أن الحركات السلفية والجهادية هي الأخرى سجلت انتصارات ساحقة في الأعوام والأشهر الماضية، كما فعل تنظيم الدولة الإسلامية، والذي يشكل أغلبيته الشباب أيضا. لكن كول يوضح أن أغلبية الشباب العربي يريدون نموذجا يشبه النموذج الديموقراطي الأوروبي، ولن يستسلموا قبل أن يحققوا ذلك.