عدن... الشعارات لا تصنع أمناً

22 أكتوبر 2019
تتم عمليات السطو بإشراف "المجلس الانتقالي" (نبيل حسن/فرانس برس)
+ الخط -
مفزعة هي الأخبار التي تتواتر من مدينة عدن حول أعمال فرض السيطرة التي يقوم بها النافذون على ممتلكات السكان في ثاني أهم المدن اليمنية، التي يفترض أنها العاصمة المؤقتة للبلاد، كما تقول الحكومة. ضمن آخر هذه الحوادث، كاد أحد النافذين، يوم الأحد الماضي، أن يهدم منزلاً شعبياً على رؤوس ساكنيه لولا تدخّل السكان لإنقاذهم في مدينة المنصورة، وقد ادعى النافذ الذي وصل بحماية القوى الأمنية التابعة لما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" أنه يملك الأرض التي بُني عليها المنزل منذ عقود. وعلى مدى أقل من أسبوعين، كانت عدن مسرحاً لأخبار متعددة، أغلبها يندرج في إطار السطو على الأراضي، ووصلت إلى محاولة أحدهم بسط السيطرة على الطريق العام، في ظل انفلات أمني غير مسبوق يجري أمام سمع وبصر حلفاء أبوظبي، التي تحزم حقائبها للرحيل من المدينة، في إطار الترتيبات الجارية تمهيداً لإعلان اتفاق جدة.

عدن وخلال سنوات من سيطرة الإمارات وحلفائها، شهدت موجات من أعمال بسط السيطرة على الممتلكات والقتل على الهوية، لعل أبرزها السطو على منازل وممتلكات تابعة لمتحدرين من المحافظات الشمالية، وفي هذه المرحلة اتخذ الناهبون من النزعات الانفصالية والتحريض المناطقي ستاراً لأعمالهم. وبسبب حالة من التهاون إزاء الحقوق والممتلكات المنهوبة والظلم الذي وقع على أعداد غير قليلة من اليمنيين، شمالاً وجنوباً، تطورت هذه الأعمال، ولم تشهد السنوات هذه تحقيقاً حكومياً فُتح بأعمال السطو أو خطوات عملية لإعادة الحقوق، ومع كل ذلك من الطبيعي أن يتطور الظلم ويصل إلى أبعد مما في الخيال.

في ظل كل ذلك، السؤال الذي يفرض نفسه هو لماذا يسمح من يدّعون أنهم يريدون الانفصال وإقامة "دولة جنوبية" بأعمال عصابات، بل إن من يمارسون النهب والسطو جلّهم نافذون محسوبون على المجلس وأدواته وتحت شعارات "ثورية" و"مناطقية" أو من دون مبرر سوى القوة، وأي عهد يتم تدشينه بهذه الأعمال.

عدن المدينة البسيطة والمسالمة، التي دفعت أثماناً باهظة للصراعات السياسية الآتية من خارجها في الغالب، اعتباراً من الفترة التي تلت الاستقلال في العام 1967، تستحق أن تعيش بأمان. وما لم يأخذ اي اتفاق بالاعتبار حل كل المظالم وفرض النظام والقانون على الجميع، تبقى جراح المدينة مفتوحة، وتبقى أيدي اللصوص والنافذين تعبث بالممتلكات العامة والخاصة. وكل ذلك لا يؤثر على سكان المدينة فحسب، بل على مختلف المحافظات اليمنية، باعتبار عدن مركزاً للعديد من المصالح المرتبطة بكل اليمنيين.
المساهمون