من منّا يعرف أنّ الأوّل من أكتوبر/ تشرين الأوّل هو اليوم العالمي للمسنّين؟ قليلون. الذين يعرفون لا يعبأون، والذين لا يعرفون هم لاهون بطبيعة الحال. والخلاصة أنّ اليوم يمرّ مرور الكرام وبدون أن يشعر به أحد. يحدث ذلك فيما العالم يزداد شيخوخة مع تطوّر الخدمات الصحية وعلوم الطب وصناعة الأدوية وآليات التشخيص. لكنّ ذلك لا يأتي بالتساوي بين أجزاء القرية الكونية وعلى كبار السنّ في أحيائها. لدينا "أبناء ستّ" في الدول الصناعية المتطوّرة و"أبناء جارية" في الدول النامية أو المتخلفة، لا فرق.
تُبيّن المعطيات أنّ معدّل الأعمار في القرون الوسطى لم يزد عن 35 عاماً، ومطلع القرن الماضي كان نحو 40 عاماً قبل أن يرتفع إلى 50 عاماً. واليوم، يسجّل 75 عاماً أو أقلّ أو أكثر، وفقاً للدول والفئات. في الدول الفقيرة أيضاً، يرتفع معدّل الأعمار. إلى ذلك، تعفي دول عدّة كبار التقنيين والفنانين والباحثين والأساتذة الجامعيين والمدرّسين من سنّ التقاعد الإلزامي عند الستين أو الرابعة والستين، وتفتح المجال أمامهم لغاية سنّ السبعين وأكثر في القطاع الخاص.
يختلف هرم الأعمار بين دولة وأخرى نتيجة عوامل اقتصادية وثقافية وغيرها. الأطفال (الذين هم دون سنّ العمل) يشغلون القاعدة، تليهم الفئة العاملة، وثم المسنّون (الذين تخطّوا سنّ العمل). جوهر هذا التقسيم اقتصادي، ويُستخدَم عادة للحديث عن الفئات المنتجة وغير المنتجة. الفئة المنتجة هي التي تعيل الصغار وكبار السنّ. لكن عند دراسة هرم الأعمار في أيّ من الدول المتطوّرة، يتّضح أنّه غير منتظم، بمعنى أنّ فئة كبار السن تعادل فئة الصغار. بالتالي، فإنّ المجتمعات تتّجه نحو الشيخوخة.
في تقرير أصدرته منظّمة الصحة العالمية في عام 2011، أشارت إلى أنّ عدد سكّان العالم الذين يبلغون 65 عاماً وما فوق، هو 524 مليون شخص (في ذلك الحين) أي ما نسبته 8% من إجمالي عدد السكّان. وأوضحت أنّ هذا الرقم سوف يرتفع بثلاثة أضعاف بحلول عام 2050 ليصل إلى 1.6 مليار شخص، أي 16% من سكّان الكوكب. وتعيد المنظّمة هذا الارتفاع إلى تحسّن نوعية الحياة وانخفاض معدّلات خصوبة النساء من ثلاثة أطفال في خمسينيات القرن الماضي إلى طفلَين في سبعينياته. في الدول الأقلّ تطوّراً، سُجّل انخفاض من ستّة أطفال إلى طفلين أو ثلاثة في عام 2005، لكنّ المعدّل انخفض إلى طفلين فقط في أكثر من 44 دولة من الدول الأقل تطوّراً في عام 2006.
إن كانت هذه الأرقام تعني شيئاً، فهو أنّ البشرية لا تتجه نحو الشيخوخة فحسب، بل مئات ملايين النساء والرجال يحتاجون إلى عناية وموارد بشرية ومادية أكثر، لا بدّ من أن توفّرها لهم الحكومات والمنظمات وكذلك الأفراد.
*أستاذ جامعي