عاطفتي تنام على الرصيف وحيدةً

19 ابريل 2016
الفنان الفرنسي تولوز لوتريك (Getty)
+ الخط -
صراخ


سأقولُ شيئاً خالياً إلا من الإيقاعِ:
كم أني وحيدٌ..


ربما لو قلتِ شيئًا ما،
لو استرسلتِ في ما قلتِ،
لو لم..


منذ غادرتِ، اختفت من عالمي الأصواتُ.
لم أسمعْ سوى نفسي..
ولي صوتٌ عميق اللحن، مثلُ مفاجآت الطقس.


أما خارجي،
فأرى فتىً يبكي على أشياءَ يحملها
فتسقط منه..
يحملها، فتسقطُ.
- هل هي الكلماتُ؟ -


قلتُ:
"رأيتُ ما يكفي، سأملأ نظرتي
بيَ"..


هكذا انحرفتْ مع الإيقاعِ أجنحتي، فطرتُ
كأنني
صوتٌ
من الأصواتِ
لا معنى له.

لوحات الفنان تولوز لوتريك - ملحق الثقافة 


ضحكت وحدي


أحبكِ.
بعتُ أمسِ - لأشتري لكِ خاتماً - كتبي،
وأغنيتينِ،
بعتُ سريرَ نومي،
(لا تزال ملاءتي الزرقاءُ ملقاةً هناكَ)
وبعتُ أحلامي القصيرةَ؛
لا يضيءُ الليلُ قلبي، بعدكِ.
- انتظري..
هنا.
أوصيتُ عاطفتي، وسرتُ إليكِ.



عاطفتي تنامُ على الرصيف وحيدةً،
وأنا أجرب قسوة الكلمات: هل صادفتِني في شارعٍ ما،
ماشياً،
ويدايَ في جيبيّ،
لا أحياء في قلبي ولا موتى؟


أحبك.

هل أخذتِ دواءك؟ انسكب الحليب على ثيابي،
أمسِ، ثانيةً،
ولم تعلُ ابتسامتكِ النهارَ،
ضحكت وحدي.


ليس في جيبي سوى قطعٍ من الكلمات
أحملها وأنتظرُ.


النهار يطير من مبنى الى مبنى،
وأنت كأنك الصوت الذي يعلو ويهبط
لاعبا،
بالريح
والكلمات
والمعنى.


خوف



مثلما يجفل الطير،
أجفل..
أنت معي، الآن، لكنني
خائف منك
مما يفيض على جانبيك من المفرداتِ.


أجل..
كل مفردة هي موت بطيء،
سأحياه.


أعرف هذا المزاج الكئيب:
يمرّ السحاب على وجه يومي،
ويتركني غائمًا،
ساهمًا في مطاردة الذكرياتِ.


أجل..
هكذا أنا:
أجفل مما أرى، وأخاف من النظرات
القوية،
من ضحك يفتح الباب، مستعجلًا، ويضيء الممرّ.


أخاف إذا لم يكن جسدي وارف الظلّ،
حين تسيرين فيه،
.. وأجفل حين تقولين لي:
قد أحب سقوط النهار على زهرة
في حديقة جسميَ.


لا أدرك السرّ،
لكنني أتراجع بضعَ خطىً،
خائفًا،
وأحلق مبتعدا عنكِ.
أجفل منكِ.


لوحات الفنان تولوز لوتريك - ملحق الثقافة 

نظرة


أطرد امرأةً من مخيلتي،
وأقول لها:
كل ما تلمسين، هنا، هو مِلْكُك
يا نحلتي العسليةَ.


لكنها،
حين أغمض عينيّ، تنسلّ هاربة
وتحط على زهرةٍ،
أو يدٍ.


قلت: "أتبعها.."
وتتبعتها مرةً.


لم أجد زهرةً
أو يدا
لم أجد أحدا.


خطاب

سأقول للأمل: اختلق
سببًا،
لتنهي ما بدأتَ.


أقول للكرسيّ: لا تجلسْ هناكَ.
لهاتفي الخلويّ:
بطاريتي نفدت، أنا أيضًا.


ولي:
نم أيها الرجل الوحيد.


.. لما تبقى منكِ:
لا تنظر إليّ،
كأنني خالٍ من الكلمات.


لليأس: احمني مما أفكر فيه.
للشباك: أوقف هذه الأصواتَ؛
كل دقيقةٍ أصغي الى صرخاتِ منتحرين.
لا
أتذكر الأسماء.


للكلمات: لا تمشي على فخذيّ.
للفوضى: اجلسي.
للظل: واصلت النموّ،
وصرت أطول من إلهك
مرتين.


لصورتي الشمسية:
احتفظي طويلًا بي،
وللحن: اكتمل..


سأقول للنوم:
انتبه.
ولآخر اليوم: انتظرتَ..
ولم يجئ أحد. خذ الورد، الملاءات،
الغناءَ،
إلى مساء آخر،
وتذكر الكلماتِ.


للمعنى: رجاء..
لا تكن متأكدًا من أي شيء.


للثعابين الصغيرة في الحذاء:
كبرتِ.

للوقت:
انتظرني خارجًا.


للأمس:
لا ناجين منكَ.


لساعة اليد:
واصلي الدوران،
لا معنى لشيء.


للحياة:
لأنتِ جرح يندمل.


تذكّر

لم أنس شيئًا. هذه
خطواتها..
- اللحن النهاري الأثيرُ -
تسير من ذكرى
إلى
ذكرى.


وهذا ظلّها:
جسدٌ دخانٌ؛ ينثني ويطير


هذا صوتها، شكرًا..
لأن الله أسكت كل شيء حوله.


لم أنس شيئًا قط.
هذي نظرة منها عليّ،
تحط هادئة على أخرى.
المساهمون