في مسلسله الرمضاني الحالي، يتنبأ الدكتور فوزي جمعة (يعمل رئيساً لقسم الحشرات في كلية الزراعة بجامعة القاهرة)، بالثورة ويحرّض الشباب على القيام بها ضد الظلم والفساد والفقر، وبالطبع ضد التوريث، الذي أفسح أكثر من نصف حلقة لانتقاده علناً في مشهد ساخر، ويأتي المشهد متفقاً مع تحذير أحد ألوية وزارة الداخلية "في المسلسل" من كون فوزي جمعة كان موجوداً في كل التظاهرات التي تنتقد الفساد والمحسوبية، وبأن له يد خفيّة في إثارة الشباب وتوجيههم.
ذكاء عادل إمام يجعله يستثمر بـ"استغلال" محبة الناس الطيبين للكوميدي الأول في العالم العربي، عبر إرسال رسائل علنية أو مبطنة بآرائه السياسية، حتى يحمي رأسه من السقوط، كما سقط كثيرون خلال مشواره الفني الذي قفز عن خمسين عاماً بقليل، لذلك ظهر في أولى حلقات "أستاذ ورئيس قسم" بمظهر اليساري المترفّع عن الدنيا الذي اضطر أن يطلّق زوجته لأنه لم ينجب، ويزوجها بمحبة زاهدة لأحد زملائهما بالجامعة الذي سيصبح لاحقاً على مرمى حجر من أن يصاهر رئيس الوزراء.
اليساري الجديد ينأى بنفسه، في حلقات المسلسل، عن الإخوان المسلمين، ويحاول أن يقترب من الأقليات التي لن تُعاقب في حال وصلت للسلطة كما عُوقب الإخوان، فإمام يظهر في المسلسل بأنه شخصية تعيش داخل إطار المظلومين والضعفاء والمهمشين دوماً، فهو ينتظر اللحظة المفصلية التي يريد من خلالها أن يقول للناس إنه مع الثورة، وليقول للنظام الحالي إنه معه، ليبقى راكباً الموجة وماسكاً كعادته العصا من المنتصف.
في الحلقات القادمة من "أستاذ ورئيس قسم" سيصبح الدكتور فوزي جمعة وزيراً، وبالتأكيد لن يعجبه الحال وسيبقى يحارب توجهات الحكومة الجديدة لوحده، حتى تسقط مجدداً. الجميع يعمل في المسلسل من أجل تحسين صورة عادل إمام جماهيرياً، كيف لا وهو يظهر في الحلقة الثالثة من مسلسله منتقداً التوريث بصورة علنية فاضحة، لم يكن يجرؤ على التلفظ بها خفية في ما سبق.
عادل إمام يلعب مجدداً لصالح النظام المصري، هذه المرة النظام يرى في اليساريين قوة أمامه، بعد أن استطاعوا بصورة أو بأخرى الإطاحة بالإخوان المسلمين، ليوصلوا عبر الدراما للشارع المصري أن اليساريين أصحاب مطامع وانتهازيين وليس لديهم أي مبادئ، فالدكتور فوزي جمعة اليساري يمثل دور الشخص الانتهازي الذي يقتنص الفرص، حيث يقع أستاذ علم الحشرات، والذي يتبني الاتجاه اليساري ويقف ضد الفساد الحكومي، في غرام إحدى فتيات الليل العاهرات، قبل أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني عام 2011، ليسرد المسلسل أحداث ما بعد الثورة في عهد حكم الإخوان المسلمين الذين يتوددون إلى الدكتور فوزي جمعة ويغرونه بمنصب وزير الزراعة، ليرد بالموافقة على المنصب، وهو ما يوضح أنه وصولي، لتكشف أحداث المسلسل تالياً أن الفتاة العاهرة التي كانت على علاقة بالأستاذ الجامعي، قد أنجبت منه ولداً فيرفض الاعتراف به خوفاً على منصبه، رغم الإشارة في بداية الحلقات، إلى أنه لا يُنجب.
اقرأ أيضاً: لبلبة في أوّل أدوارها التلفزيونية: عادل إمام يشعرني بالأمان