عائلة موظف في مرفأ بيروت: ننتظر عودته وآخر ما طلبه غطاء ووسادة

10 اغسطس 2020
حصروتي: ليسوا مجرد أرقام (Getty)
+ الخط -

قبل أن يصبح في عداد المفقودين، في 4 أغسطس/ آب، ظن غسان حصروتي، الموظف في صومعة الغلال الضخمة في مرفأ بيروت لمدة 38 عاماً، أنه يعمل في أكثر أماكن المدينة أماناً.

كانت الجدران الخرسانية القوية والغرف المبنية تحت الأرض مخبأً له ولزملائه لعدة أيام خلال الحرب الأهلية اللبنانية، التي دارت بين عامي 1975 و1990، وكان يقول لأسرته مراراً إنه يقلق عليهم أكثر مما يقلق على نفسه عندما يتوجه كل صباح لمقر عمله.

وفي الساعة الخامسة والنصف، مساء يوم الثلاثاء، اتصل غسان بزوجته ابتسام وقال لها إنه سيبيت الليلة في الصومعة، لأن شحنة من الحبوب ستصل ولا يستطيع المغادرة، وطلب منها أن ترسل له غطاء ووسادة، لكنها لم تسمع صوته مرة أخرى منذ ذلك الحين.

ودمر الانفجار الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي في مرفأ بيروت، وهو أكبر انفجار تشهده المدينة على الإطلاق، الصومعة مع ما دمره، وقتل 158 شخصاً على الأقل وأصاب أكثر من ستة آلاف، وشرد ما يقدر بنحو 300 ألف لبناني، بينما وصلت آثاره لأميال داخل المدينة، وقالت وزارة الصحة، أمس السبت، إن 21 شخصاً ما زالوا في عداد المفقودين.

وقال مسؤولون إن 2750 طناً من نترات الأمونيوم، وهي مادة تستخدم في تصنيع الأسمدة والقنابل أيضاً، كانت مخزنة لست سنوات في مستودع بالمرفأ دون إجراءات مناسبة للسلامة، ووعدت الحكومة بمحاسبة المسؤولين عن وقوع الكارثة لكن الغضب يتأجج في نفوس السكان، الذين يقولون إن عمليات الإنقاذ تجري بشكل أبطأ من اللازم، وإن فرصة العثور على المفقودين أحياء تتلاشى.

وتقول أسرة غسان إنه على الرغم من أنهم حددوا للسلطات موقعه بالضبط وقت الانفجار، لكن جهود الإنقاذ لم تبدأ إلا بعد ذلك بنحو 40 ساعة، ويجتمع أفراد الأسرة في منزلهم ببيروت كل يوم وهم ينتظرون بقلق أي معلومات قد تستجد عن والدهم الغائب.

وقال ابنه إيلي، 35 عاماً، "ها الناس المفقودة تحت ما انها (ليسوا) مجرد أرقام... بالنسبة إلهن أرقام، بالنسبة لإلنا هو بيّ وعنده أصدقاء ومحبين.. بيستهتروا بوجع الناس".

وأكد إيلي على أنهم يحتاجون لتسليط الضوء على ضحالة مستوى إدارة الكارثة، حتى لا تتكرر الكارثة المروعة ولا الإدارة السيئة للموقف، وتقول أسرة غسان، الذي كان والده هو أيضاً يعمل في ذات الصومعة لأربعين عاماً، إنه كان مخلصاً لعمله.

 

تقول ابنته تاتيانا، 19 عاماً، التي تتجاذبها مشاعر اليأس والأمل "ما حتى ودعناه بطريقة مظبوطة لو راح يروح يعني... بعدنا ناطرينهم (ننتظرهم) يرجعوا كلهم".

(رويترز)

المساهمون