في اليوم العالمي للاجئين، يتذكر العالم ملايين البشر الذين اضطروا إلى مغادرة قراهم ومدنهم، ومنهم سوريو لبنان
اللاجئون السوريون في لبنان يعيشون كثيراً من الظلم الواقع في حقهم. المضايقات الرسمية كثيرة ومتكررة من أكثر من جهاز وإدارة، والتمييز الشعبي واقع بالرغم من من كون اللبنانيين أيضاً مظلومين في كثير من الأحيان بدورهم، فكأنّها رغبات سلطوية أن يتناكف المظلومون ويتخاصموا مع بعضهم البعض.
قد يكون الأمر مبرراً للبعض، بعد أكثر من سبع سنوات على اللجوء السوري إلى لبنان، ومع أعداد مهولة بالنسبة إلى بلد صغير مثله، لكن ما ليس مبرراً هو تصوير السوريين على أنّهم "يأكلون البلد" أو "يعيشون كأنّهم ملوك"، أو أنّ "بلداتهم ومدنهم آمنة لكنّهم لا يريدون العودة"، وكذلك أنّهم "يتقاضون رواتب شهرية من الأمم المتحدة"... وعلى هذا المنوال.
يكفي أن تشهد مرة واحدة الطابور الممتد أمام بوابة مركز المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العاصمة بيروت، لتختبر بنفسك جزءاً مما يعانيه السوريون. هنا، في منطقة وطى المصيطبة، يتوافد اللاجئون للسؤال عن بطاقاتهم التموينية، والمساعدات المقدمة لهم، وأوراق إقامتهم، ويُستدعون لإجراء المقابلات في ما يتعلق بمراجعات عدة. المركز الذي يغطي محافظتي بيروت وجبل لبنان، يمضي أمامه اللاجئون وقتاً طويلاً قبل الدخول إليه نظراً إلى العدد الكبير من المراجعين عادة، إذ يستقبلهم من الإثنين إلى الجمعة من كلّ أسبوع في ساعات دوام محددة.
اقــرأ أيضاً
مثل هذا الطابور يعرفه اللبنانيون أيضاً، سواء في مراكز الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، القريبة من المكان، أو في دوائر أخرى تماطل في البتّ بالمراجعات. لكنّ طابور اللاجئين يبدو من النظرة الأولى أكثر تعاسة وحزناً بكثير، ويبدو على من يقفون فيه كأنّهم فاقدو الأمل غالباً، ومع ذلك ينتظرون.
لاجئة اعتادت الوقوف في ذلك الطابور وغيره، تقول لـ"العربي الجديد" إنّ المساعدات الشتائية لم تحصل عليها، فراجعت لكنّها لم تتلقَّ ردّاً. لكنّ اتصالاً جاءها أخيراً يطلب منها الحضور إلى مقابلة. في المقابلة سئلت عن زوجها وعمله، ولم تحصل بعدها على شيء مجدداً. لكنّها عندما اتصلت أخيراً جاءها الجواب حول سبب عدم حصولها على المساعدات الشتائية ومن بعدها مساعدات بطاقة التموين الغذائي: "الملف يخضع للدراسة".
فكيف تتدبّر هذه الأربعينية معيشتها ومعيشة أولادها الأربعة؟ بدأت العمل منذ شهرين تقريباً في مشغل للخياطة بشكل غير قانوني إذ لا تحظى بكفيل. لكنّ الراتب الشهري لا يتجاوز 500 ألف ليرة لبنانية (334 دولاراً أميركياً) علماً أنّ الحدّ الأدنى لأجور اللبنانيين يعادل 450 دولاراً، وهو ضئيل إذا ما اقترن بالقدرة الشرائية، فالإيجارات مرتفعة وكذلك أسعار السلع والخدمات باختلافها. كذلك، يعمل زوجها بشكل قانوني إذ يحظى بكفيل، لكنّ راتبه أيضاً لا يتجاوز 600 دولار. تقول باختصار: "وضعنا أفضل من غيرنا لكنّ المساعدات المالية والغذائية كانت مفيدة كثيراً لنا".
من جهته، يقول شاهد آخر إنّه حصل على البطاقة الحمراء أواخر العام الماضي، وهي البطاقة الموحدة للمساعدات، لكنّه لم يتقاضَ منذ تسلمها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أيّ مبلغ، إذ جرت العادة سابقاً أن ينال حصصاً تموينية، ومبلغاً مالياً يعادل 35 دولاراً أميركياً شهرياً عن كلّ فرد في العائلة، علماً أنّه يعيش مع زوجته وابنيه الصغيرين، بالإضافة إلى 16 دولاراً شهرياً لكلّ واحد من ولديه أجرة نقلهما من المدرسة وإليها، إذ إنّ التسجيل في المدرسة الرسمية مجاني بدوره.
يقول لـ"العربي الجديد" إنّ كلّ شيء توقف من دون أيّ سبب، علماً أنّه لا يعمل، لكنّه يعيش في بيت بالمجان مقابل تأديته خدمة بواب البناية التي يقع فيها البيت- الغرفة، منذ ست سنوات، بينما تدرّس زوجته بعض التلاميذ دروساً خصوصية. كذلك، يشير إلى أنّه تلقى قبل ثلاثة أشهر رسالة نصية، بعد مراجعته حول المسألة، تؤكد له أنّ بطاقته عبئت، فذهب إلى السوبرماركت وكذلك إلى المصرف، فلم يكن ذلك صحيحاً. في ما يتعلق بالمساعدات الشتائية، يشير إلى أنّها انخفضت من 700 دولار عام 2017 إلى 190 دولاراً هذا العام. وبينما يؤكد استمرار الخدمات الاستشفائية، يشير إلى أنّهم غير مخولين بإجراء كلّ الأعمال الطبية: "التغطية تشمل الولادة والأطفال والأمراض المستعصية فقط في غالب الأحيان".
من جهتها، تعترف المتحدثة الإعلامية باسم المفوضية ليزا بو خالد لـ"العربي الجديد" بعدم قدرة المساعدات على الوصول إلى أكثر من نصف من يحتاجونها، مشيرة إلى أنّ المفوضية تستهدف عادة الأكثر فقراً من بينهم، ولافتة إلى أنّ برنامج الغذاء العالمي هو المسؤول عن المساعدات الغذائية وليست المفوضية.
اقــرأ أيضاً
تؤكد أنّ اللاجئ المستفيد من التقديمات المالية لا يعود مستحقاً لها إذا تمكن من إيجاد عمل يدرّ عليه دخلاً. أما المساعدات الطبية، فمن خلال شركائها، تغطي المفوضية معظم تكاليف الاستشارات لجميع اللاجئين و85 في المائة من الإجراءات التشخيصية لبعض الشرائح (الحوامل، والأطفال تحت 5 سنوات والمسنين فوق 60 عاماً). لكنّها تلفت إلى أنّ معايير التغطية في المستشفيات تخضع لتمويل محدود متاح يترافق مع التكاليف المرتفعة لمستشفيات لبنان والعدد الكبير للاجئين السوريين، فتعطى الأولوية لحالات إنقاذ الحياة والحالات الطارئة.
أما عن المساعدات الشتائية فتشير بو خالد إلى أنّها تشمل مبلغاً مالياً يتراوح بين 225 دولاراً و375 لكلّ عائلة لمساعدتها بتكاليف الملابس والوقود والصحة الإضافية.
في ما يتعلق بعدد اللاجئين المسجلين في المفوضية فهو 986 ألفاً و942 في أبريل/ نيسان 2018، تحصل 33 ألف عائلة من هؤلاء على مساعدات مالية من المفوضية بواقع 175 دولاراً شهرياً طوال العام، كما أنّ قسماً من العائلات يحصل على مساعدة شتائية، بالإضافة إلى مساعدات الصحة والحماية والاستشارات القانونية والمأوى والمياه والصرف الصحي والنظافة والتعليم وغيرها.
قد يكون الأمر مبرراً للبعض، بعد أكثر من سبع سنوات على اللجوء السوري إلى لبنان، ومع أعداد مهولة بالنسبة إلى بلد صغير مثله، لكن ما ليس مبرراً هو تصوير السوريين على أنّهم "يأكلون البلد" أو "يعيشون كأنّهم ملوك"، أو أنّ "بلداتهم ومدنهم آمنة لكنّهم لا يريدون العودة"، وكذلك أنّهم "يتقاضون رواتب شهرية من الأمم المتحدة"... وعلى هذا المنوال.
يكفي أن تشهد مرة واحدة الطابور الممتد أمام بوابة مركز المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العاصمة بيروت، لتختبر بنفسك جزءاً مما يعانيه السوريون. هنا، في منطقة وطى المصيطبة، يتوافد اللاجئون للسؤال عن بطاقاتهم التموينية، والمساعدات المقدمة لهم، وأوراق إقامتهم، ويُستدعون لإجراء المقابلات في ما يتعلق بمراجعات عدة. المركز الذي يغطي محافظتي بيروت وجبل لبنان، يمضي أمامه اللاجئون وقتاً طويلاً قبل الدخول إليه نظراً إلى العدد الكبير من المراجعين عادة، إذ يستقبلهم من الإثنين إلى الجمعة من كلّ أسبوع في ساعات دوام محددة.
مثل هذا الطابور يعرفه اللبنانيون أيضاً، سواء في مراكز الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، القريبة من المكان، أو في دوائر أخرى تماطل في البتّ بالمراجعات. لكنّ طابور اللاجئين يبدو من النظرة الأولى أكثر تعاسة وحزناً بكثير، ويبدو على من يقفون فيه كأنّهم فاقدو الأمل غالباً، ومع ذلك ينتظرون.
لاجئة اعتادت الوقوف في ذلك الطابور وغيره، تقول لـ"العربي الجديد" إنّ المساعدات الشتائية لم تحصل عليها، فراجعت لكنّها لم تتلقَّ ردّاً. لكنّ اتصالاً جاءها أخيراً يطلب منها الحضور إلى مقابلة. في المقابلة سئلت عن زوجها وعمله، ولم تحصل بعدها على شيء مجدداً. لكنّها عندما اتصلت أخيراً جاءها الجواب حول سبب عدم حصولها على المساعدات الشتائية ومن بعدها مساعدات بطاقة التموين الغذائي: "الملف يخضع للدراسة".
فكيف تتدبّر هذه الأربعينية معيشتها ومعيشة أولادها الأربعة؟ بدأت العمل منذ شهرين تقريباً في مشغل للخياطة بشكل غير قانوني إذ لا تحظى بكفيل. لكنّ الراتب الشهري لا يتجاوز 500 ألف ليرة لبنانية (334 دولاراً أميركياً) علماً أنّ الحدّ الأدنى لأجور اللبنانيين يعادل 450 دولاراً، وهو ضئيل إذا ما اقترن بالقدرة الشرائية، فالإيجارات مرتفعة وكذلك أسعار السلع والخدمات باختلافها. كذلك، يعمل زوجها بشكل قانوني إذ يحظى بكفيل، لكنّ راتبه أيضاً لا يتجاوز 600 دولار. تقول باختصار: "وضعنا أفضل من غيرنا لكنّ المساعدات المالية والغذائية كانت مفيدة كثيراً لنا".
من جهته، يقول شاهد آخر إنّه حصل على البطاقة الحمراء أواخر العام الماضي، وهي البطاقة الموحدة للمساعدات، لكنّه لم يتقاضَ منذ تسلمها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أيّ مبلغ، إذ جرت العادة سابقاً أن ينال حصصاً تموينية، ومبلغاً مالياً يعادل 35 دولاراً أميركياً شهرياً عن كلّ فرد في العائلة، علماً أنّه يعيش مع زوجته وابنيه الصغيرين، بالإضافة إلى 16 دولاراً شهرياً لكلّ واحد من ولديه أجرة نقلهما من المدرسة وإليها، إذ إنّ التسجيل في المدرسة الرسمية مجاني بدوره.
يقول لـ"العربي الجديد" إنّ كلّ شيء توقف من دون أيّ سبب، علماً أنّه لا يعمل، لكنّه يعيش في بيت بالمجان مقابل تأديته خدمة بواب البناية التي يقع فيها البيت- الغرفة، منذ ست سنوات، بينما تدرّس زوجته بعض التلاميذ دروساً خصوصية. كذلك، يشير إلى أنّه تلقى قبل ثلاثة أشهر رسالة نصية، بعد مراجعته حول المسألة، تؤكد له أنّ بطاقته عبئت، فذهب إلى السوبرماركت وكذلك إلى المصرف، فلم يكن ذلك صحيحاً. في ما يتعلق بالمساعدات الشتائية، يشير إلى أنّها انخفضت من 700 دولار عام 2017 إلى 190 دولاراً هذا العام. وبينما يؤكد استمرار الخدمات الاستشفائية، يشير إلى أنّهم غير مخولين بإجراء كلّ الأعمال الطبية: "التغطية تشمل الولادة والأطفال والأمراض المستعصية فقط في غالب الأحيان".
من جهتها، تعترف المتحدثة الإعلامية باسم المفوضية ليزا بو خالد لـ"العربي الجديد" بعدم قدرة المساعدات على الوصول إلى أكثر من نصف من يحتاجونها، مشيرة إلى أنّ المفوضية تستهدف عادة الأكثر فقراً من بينهم، ولافتة إلى أنّ برنامج الغذاء العالمي هو المسؤول عن المساعدات الغذائية وليست المفوضية.
تؤكد أنّ اللاجئ المستفيد من التقديمات المالية لا يعود مستحقاً لها إذا تمكن من إيجاد عمل يدرّ عليه دخلاً. أما المساعدات الطبية، فمن خلال شركائها، تغطي المفوضية معظم تكاليف الاستشارات لجميع اللاجئين و85 في المائة من الإجراءات التشخيصية لبعض الشرائح (الحوامل، والأطفال تحت 5 سنوات والمسنين فوق 60 عاماً). لكنّها تلفت إلى أنّ معايير التغطية في المستشفيات تخضع لتمويل محدود متاح يترافق مع التكاليف المرتفعة لمستشفيات لبنان والعدد الكبير للاجئين السوريين، فتعطى الأولوية لحالات إنقاذ الحياة والحالات الطارئة.
أما عن المساعدات الشتائية فتشير بو خالد إلى أنّها تشمل مبلغاً مالياً يتراوح بين 225 دولاراً و375 لكلّ عائلة لمساعدتها بتكاليف الملابس والوقود والصحة الإضافية.
في ما يتعلق بعدد اللاجئين المسجلين في المفوضية فهو 986 ألفاً و942 في أبريل/ نيسان 2018، تحصل 33 ألف عائلة من هؤلاء على مساعدات مالية من المفوضية بواقع 175 دولاراً شهرياً طوال العام، كما أنّ قسماً من العائلات يحصل على مساعدة شتائية، بالإضافة إلى مساعدات الصحة والحماية والاستشارات القانونية والمأوى والمياه والصرف الصحي والنظافة والتعليم وغيرها.