ضغوط وصفقات تعرقل تقدم حفتر باتجاه طرابلس

11 مارس 2019
توقف حراك قوات حفتر أخيراً (فرانس برس)
+ الخط -
لا يزال الغموض مسيطراً على الأوضاع في ليبيا، تحديداً بشأن طموح اللواء المتقاعد خليفة حفتر في السيطرة على طرابلس. وفي موازاة رصد مؤشرات تعكس رغبته بالتوجه غرباً بالتزامن مع توقف نسبي في عملياته العسكرية في الجنوب، تتردد معلومات عن صفقات تُعقد لوضع العاصمة في مأمن من الاقتتال.

وفي آخر المؤشرات التي تعكس رغبة حفتر في التوجه إلى غرب البلاد، أعلن المنذر الخرطوش المتحدث باسم "اللواء 73 مشاة"، التابع لقوات حفتر، يوم الخميس الماضي، عن تحرك وحدات من قوات حفتر، تحديداً "الكتيبة 165" بإمرة اللواء علي القطعاني، باتجاه مناطق الغرب الليبي، من دون تحديد وجهتها النهائية. وتزامن ذلك مع منشور مقتضب نشرته شعبة الإعلام الحربي التابعة لحفتر على صفحتها، مرفقاً بفيديو، يظهر أرتالاً من السيارات المسلحة والمقاتلين، قالت إنها "متجهة إلى مكانها المعلوم لتنفيذ أوامر القيادة العامة"، وسط أنباء تناقلتها صفحات مقربة من قيادة قوات حفتر حول عزم الأخير التوجه لمناطق الغرب الليبي لبدء بناء مراكز عسكرية فيها.

من جهتها، ذكرت مصادر متطابقة ومقرّبة من حفتر، أن "الأخير انتهى من وضع خطط عسكرية للتواجد بشكل أكبر غرب البلاد، تحديداً في قاعدة الوطية (140 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة)، وفي معسكرات بمناطق العجيلات (80 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة)، وترهونة (90 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة)، في خطوة لضرب حصار على العاصمة طرابلس وتمهيداً لمفاوضات لدخولها".

وفيما يعتبر مراقبون أن الإعلان بمثابة "جس نبض من قبل حفتر"، إلا أنه كان لافتاً أن أي رد فعل لم يصدر عن حكومة الوفاق والقوات الموالية لها غرب البلاد، باستثناء بيان صدر عن مجلس أعيان وشيوخ ليبيا يرفض "عسكرة الدولة".

وذكرت مصادر مقرّبة من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، لـ"العربي الجديد"، أن "حفتر لن يدخل طرابلس عسكرياً، لكن وجوده فيها سيكون ضمن صفقة أبرمت أخيراً في أبوظبي خلال اللقاء الذي جمعه برئيس حكومة الوفاق فائز السراج، وأُجبر حفتر على القبول بها بضغوط من دول غربية". كما تحدثت المصادر نفسها عن "تمكن حفتر من شراء ولاء مجموعات مسلحة كبيرة كاللواء السابع في ترهونة القريب من طرابلس، فيما فشل في أخرى، كضمّ مسلحي قبيلة ورفلة بمدينة بني وليد، القريبة أيضاً من طرابلس".



كما أكدت المصادر أن "حفتر يسعى لتفاهمات مع مسلحي مليشيات طرابلس، التي باتت متأكدة من أنه قادم كطوق نجاة لها من الملاحقات القانونية التي قد تطاولها، لكن في الوقت نفسه، لن يكون لحفتر سيطرة كلية على هذه المليشيات، إلا من خلال ترؤسه لمجلس عسكري مع ضباط آخرين من القوى المعارضة له".

ولفتت إلى أنه "في وقت نجح فيه حفتر في إرسال ذخائر وأسلحة لمواليه في صرمان والعجيلات غرب العاصمة، إلا أن اتفاق أبوظبي تضمن الكثير من العوائق التي تحد من قدرته على السيطرة عسكرياً على طرابلس". ووفقاً للمصادر نفسها فإن "بعض ما هو غير معلن في اتفاق أبوظبي، متعلق بمسألة الترتيبات الأمنية التي تنصّ على أن تكون القوات التي تؤمن مواقع النفط مشتركة بين حفتر وقوات حكومة الوفاق. بالتالي سيفقد حفتر ورقة النفط التي يفاوض بها، للانفراد برئاسة المؤسسة العسكرية".

وأكدت المصادر أن "الرؤية الدولية المشتركة حالياً، التي يظهر فيها توافق فرنسي ايطالي، تفرض على حفتر القبول بمناصب اسمية عسكرية في غرب البلاد، ورضوخه لسلطة السراج المدنية. وهو ما سيتم الوصول إليه عبر مخرجات الملتقى الوطني الجامع، الذي من المرتقب عقده خلال الأسابيع المقبلة برعاية أممية".

ويبدو أن فشل حفتر عسكرياً المتوقع في الغرب، يقابله فشل ضمني في مساعيه العسكرية في الجنوب، فأغلب المدن الجنوبية الواقعة تحت سيطرة القبائل، طلبت من قوات حفتر عدم البقاء في مناطقها مقابل رفع شعار قواته على معسكراتها شكلياً، بعد المجازر التي وقعت في منطقة مرزق، 140 كيلومتراً جنوب سبها. وكان الهلال الأحمر الليبي قد أعلن يوم الثلاثاء الماضي، عن انتشال 27 جثة من أماكن مختلفة بضواحي المدينة، مشيراً إلى أن "عمليات البحث عن قتلى آخرين مستمرة"، في وقت اتهم فيه أهالي المدينة قوات حفتر بـ"تنفيذ عمليات تصفية مباشرة بحق معارضيها بالمدينة، من بينهم مدير مديرية أمن المدينة، العميد إبراهيم محمد كري"، التابع لوزارة داخلية حكومة الوفاق، والذي نعته الوزارة في بيان رسمي لها نهاية الشهر الماضي.

وتوقفت المؤتمرات الصحافية الأسبوعية التي يعقدها أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات حفتر، ففي آخر مؤتمر منذ أسبوعين، أكد فيه قرب إعلان حفتر السيطرة الكلية على الجنوب بعد وصول قواته إلى معبر أيسين الحدودي مع الجزائر، متجاوزاً الحديث عن وضع عدد من المناطق الواقعة قبل المنفذ، إلا ان الإعلان لم يصدر حتى الآن.