ضريبة الدخل تهدّد بتآكل الطبقة الوسطى في الأردن

12 أكتوبر 2018
تراجع القوة الشرائية للأردنيين (Getty)
+ الخط -

تصاعدت التحذيرات من تلاشي الطبقة الوسطى في الأردن، على خلفية تفاقم الأزمات المعيشية ولا سيما في ظل مواصلة الحكومة حملتها لتمرير قانون ضريبة الدخل، الذي يستهدف هذه الطبقة وسيؤدي إلى مزيد من تآكلها في الفترة المقبلة.

وفي الوقت الذي يسعى البرلمان إلى حماية الطبقة الوسطى تحديداً من الضرائب الجديدة، يقول خبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد"، إن السياسات التي طبقتها الحكومات في آخر 10 سنوات أدت إلى تآكل هذه الطبقة مع اتساع دائرة الفقر، محذرين من أن الاستمرار بهذا النهج سيحدث خللا في التوازن الاجتماعي والطبقي في الأردن.

وقال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب النائب أحمد الصفدي لـ"العربي الجديد"، إن إعادة التوازن إلى الطبقة الوسطى يُفترَض أن تشكل أولوية في عمل أي حكومة ومختلف الجهات خلال الفترة المقبلة، لأن ذلك يعني تحسنا في الواقع المعيشي للمواطنين.

وأضاف أن المناقشات الخاصة بمشروع قانون ضريبة الدخل المعدل ستأخذ بالدرجة الأولى في اعتبارها حماية هذه الطبقة من التآكل وعدم تحميلها مزيدا من الأعباء المالية، مشيرا إلى أنه سيتم العمل على زيادة سقف الإعفاءات من ضريبة الدخل قدر المستطاع.

وكان وزير المالية الأردني عز الدين كناكرية رفض توصيف الطبقة الوسطى في بلاده بشكل دقيق، خلال لقائه مع اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب الأسبوع الماضي.

وبرر الوزير عدم تحديده معايير تقسيم الطبقات في الأردن وخاصة المتوسطة منها، بقوله إن البيانات الموجودة لدى دائرة الإحصاءات العامة تعود إلى العام 2009 ولا بد أن يكون قد طرأ عليها تغيير.




وقد دفع رد كناكرية النائب في البرلمان الأردني ديما طهبوب التي تنتمي إلى الإخوان المسلمين لتوجيه سؤال إلى الحكومة، لتعريف الطبقتين الوسطى والفقيرة بهدف الوقوف على المعايير التي اعتمدتها في التصنيف الذي استخدمته لتحديد الشرائح والاقتطاعات في قانون ضريبة الدخل المثير للجدل.

وتستند الحكومة، في تقديراتها لواقع الطبقات والأوضاع المعيشية للمواطنين، إلى دراسات قديمة تعود إلى العام 2010 والتي أظهرت أن نسبة الفقر تبلغ آنذاك 14%، في حين أكدت دراسات أخرى ارتفاع خط الفقر ليتجاوز 20%.

وقالت دائرة الإحصاءات العامة (حكومية) إنها تجري حاليا مسحا شاملا لدخل ونفقات الأسر المقيمة على الأراضي الأردنية، سيحدد حجم الطبقة الوسطى وبؤر الفقر، ومن المقرر أن تظهر نتائج هذا المسح في عام 2019.

ولم تعلن الحكومة العام الماضي نتائج مسح أجرته حول نسب الفقر لأسباب لم تكشف عنها، لكن مصادر أكدت أن نسبة الفقر كانت عالية جدا، ما دفع بصناع القرار إلى إجراء مسح آخر بآليات جديدة.

وفي هذا السياق، قال وزير تطوير القطاع العام الأردني الأسبق ماهر المدادحة لـ"العربي الجديد"، إن الطبقة الوسطى تحافظ على التوازن المعيشي في المجتمع، وهي الحد الفاصل بين الغني والفقير وبالتالي فإن انهيارها أو انخفاض نسبتها يؤشر إلى خلل واضح في النظام الاقتصادي.

وأضاف المدادحة: "من الطبيعي أن يكون قد تراجع حجم هذه الطبقة في المجتمع خلال السنوات الأخيرة، وذلك بسبب تراجع مستويات المعيشة وتآكل الدخل والأجور مقابل ارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب".

وأكد أهمية وجود معطيات ومعايير محددة يتم على أساسها تقدير حجم هذه الطبقة والطبقات الأخرى، حتى لا يتم اتخاذ قرارات من شأنها التأثير في النظام الاجتماعي وتضر بمستويات المعيشة.



وقال إن توسيع قاعدة دافعي ضريبة الدخل من المواطنين من المؤكد أنه سيأتي على هذه الطبقة، وبالتالي سيتراجع دخلها لا سيما من طبقة محدودي الدخل العاملين في الوظائف سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص.

وقد خفضت الحكومة في مشروع قانون ضريبة الدخل المحال إلى البرلمان الدخل المعفى من الضريبة إلى حوالي 25 مليون دولار، ما سيرفع أعداد المواطنين الخاضعين لضريبة الدخل بشكل كبير من خلال تخفيض قيمة الدخل الخاضع للضريبة إلى حوالي 25.38 ألف دولار نزولا من 33.84 ألف دولار في القانون الحالي بالنسبة إلى العائلات.

كما تم تخفيض دخل الفرد الخاضع للضريبة إلى 12.69 ألف دولار في العام المقبل، على أن ينخفض مرة أخرى في العام 2020 ليصبح 11.28 ألف دولار نزولا من 22.56 ألف دولار في القانون الحالي.

المحلل الاقتصادي حسام عايش قال لـ"العربي الجديد": "أرجح أن تكون الطبقة الوسطى في الأردن قد تآكلت لصالح الفقيرة خلال السنوات العشر الماضية، والتي كانت تشكل 41% من إجمالي عدد السكان عام 2008 فأصبحت لاحقا حوالي 28% من نسبة السكان".

وأضاف: "ما زالت هذه الطبقة تتآكل وهي مهددة بالتلاشي، حيث إن قانون ضريبة الدخل المعدل يستهدف هذه الطبقة بالدرجة الأولى وهذا يتناقض مع تأكيدات الحكومات المتلاحقة أنها تعمل على حماية هذه الطبقة وتوسيعها".

وقال عايش إن خط الفقر في الأردن محدد بـ 1146 دولارا للأسرة شهريا والأسرة التي تنفق ضعف ذلك أي حوالي 2292 دولارا تعتبر من الطبقة الوسطى الدنيا، ومن ينفق أربعة أضعاف ينتمي إلى الطبقة الوسطى ومن ينفق ستة أضعاف ينتمي إلى الطبقة الوسطى العليا بحسب المعايير العالمية.

وأكد أهمية الطبقة الوسطى في عمليات النمو والإنتاج، حيث إنها تعتبر الطبقة الأكثر إنتاجا واستهلاكا ولهذا تعتبر دائما هي ضحية السياسات الحكومية والإجراءات الاقتصادية من خلال اتفاقيتها مع صندوق النقد الدولي، وهي التي تتآكل عادة دون غيرها بدلا من العمل على حمايتها لأهميتها.
المساهمون